قمر أخجل النجوم برجم ٍ
فحباها شمس النهار عقابا
كسر الجمع، صمم السمع ضرباً
أضرم الحرب فرق الاحزابا
وانثنى للفرات يحمل ماءاً
كي من الظامئات يُطفي التهابا
فأبى ورده وقلب ابن بنت
المصطفى للأوام أضحى نهابا
فأحطت به عصائب حرب
ورمته أسنة وحرابا
فأعانت يد القضاء حساماً
حاسماً من يديه بحراً عبابا
وهوى للثرى لآل علي
فلقد خيّب القضاء الطلابا
فرآه مضمخاً بدماه
فدعا يا مهاد سيخي انقلابا
هدّ ركني تصدعيّ يا رواسي
واسقطي يا نجوم فالبدر غابا
كُسر اليوم بافتقادك ظهري
وقناتي فلت وظنيّ خابا
وانثنى للخباء محدوب الظهر
وتردى من الاسى جلبابا
أوحش الحرب فقده في نهارٍ
وبليل قد أوحش المحرابا
يا أبا الفضل قد رقيت مقاماً
في ذرى المجد حيّر الالبابا
لك مدّ الفخار يوم نصرت
السبط في هامة السهى أطنابا
فجزاك الاله خير جزاء
كان من عنده عطاءً حسابا
منك لا غرو إن نصرت حسيناً
طبت اصلاً لفرع إذ ذاك طابا
السلام عليك يا ساقي عطاشى كوثر الحسين (عليه السلام)، السلام عليك يا قمر بني هاشم وفتى الحسين أبي الفضل العباس بن امير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
تقبل الله طيبات اعمالكم وأنتم تعظمون شعائر الله بالمشاركة في شعائر الملحمة الحسينية في موسمها المبارك شهري محرم وصفر ونحن معكم في ثامنة حلقات برنامج آل هاشم في طف كربلاء.
*******
وحديثنا فيها عن نفحات زكية من مناقب حامل اللواء الحسيني باب الحوائج المقضية العباس بن علي (سلام الله عليه)، للحديث التالي عن بعض هذه المناقب من خطيب المنبر الحسيني سماحة الشيخ باقر الصادقي:
المحاور: نحن معكم في ثامنة حلقات برنامج "آل هاشم في طف كربلاء" وحديثنا فيها عن نفحات ذكية للمناقب حامل اللواء الحسيني باب الحوائج المقضية العباس بن علي (سلام الله عليه)، فنستمع معاً للحديث التالي عن بعض هذه المناقب من حفيد المنبر الحسيني سماحة الشيخ باقر الصادقي.
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين حبيب الله العالمين ابي القاسم محمد وآله الطاهرين، من زيارة امامنا الصادق (عليه السلام) لعمه العباس حينما علم احد اصحابه قال في هذه الزيارة قبل ان تدخل استأذن وقل في هذا الإذن "سلام الله العلي العظيم وسلام ملائكته المقربين وانبيائه المرسلين وعباده الصالحين والشهداء والصديقين والزاكيات الطيبات يا بن امير المؤمنين اشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة لخلف النبي المرسل الى آخر الزيارة"، من خلال هذا النص نستكشف ان لابي الفضل العباس مقاماً ومنزلة وحرمة لا ينبغي للانسان العارف بحق هذه الشخصية ان يدخل ويزور قبل ان يستأذن، لابد ان يراعي الادب، ثم في هذه العبائر سلام الله وسلام الملائكة والانبياء والشهداء وعباد الله الصالحين كلها على شهيدنا البطل سيدنا العباس، هذه في الحقيقة لكل عبارة تحتاج الى شروح، ثم يشهد له الامام اشهد لك بالتسليم والتصديق وكل من هذه المنازل التسليم التصديق الوفاء النصيحة كل نقطة تحتاج الى محاضرة كاملة، لكن لضيق الوقت اشير اشارات فقط، ثم يكمل الامام الزيارة يقول لعن الله امة انتهكت في قتلك حرمة الاسلام، حرمة الاسلام لا تنتهك لقتل انسان عادي هذا يشير الى ان هناك مقام وهناك حرمة لسيدنا ابا الفضل العباس (سلام الله عليه)، ويستمر الامام اشهد انك مضيت على ما مضى به البدريون والمجاهدون في سبيل الله، فالامام يشهد بان موقف العباس والطريق سلكه العباس هو نفس الطريق الذي سلكه اصحاب النبي الاكرم صلى الله عليه وآله ومضوا شهداء في معركة بدر هذه المعركة الفاصلة التي انتصر الاسلام فيها على الشرك، وهذه تشير الى مقام ومنزلة سامية لسيدنا ابا الفضل العباس، والشهادة بالنصيحة اشهد لك نصحت لله ولرسوله ولاخيك فنعم الاخ المواسي، هذه كل فقرة تحتاج الى شروح ولكن لضيق الوقت لعلنا نوفق في مجال آخر ان نبين هذه النصيحة وهذه المواقف وهذه المواساة لسيدنا ابا الفضل العباس، واختم بهذا الموقف وهذا سمعته من احد اساتذتي قال لما وقع العباس صريعاً يوم عاشوراء على العادة اقبل اليه رسول الله بالكأس المذخور من الكوثر، فقال عذراً يا رسول الله كيف اهنأ بماء الكوثر واخي الحسين عطشان في دار الدنيا، سلام عليك يا ابا الفضل سلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حياً، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
شكراً لسماحة الشيخ باقر الصادقي على مشاركته بهذه الحلقة من برنامج "آل هاشم في طف كربلاء"، فنتابع الحديث عن قصة استشهاد قمر الهاشميين وفتى الحسين مولانا ابا الفضل العباس (عليه السلام).
*******
شكراً لسماحة الشيخ باقر الصادقي على مشاركته هذه الحلقة من برنامج آل هاشم في طف كربلاء تستمعون اليها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران فنتابع الحديث عن قصة استشهاد قمر الهاشميين وفتى الحسين مولانا ابي الفضل العباس (عليه السلام) أصر الهاشميون ليلة عاشوراء ـ وزعيمهم أبو الفضل العباس (عليه السلام) ـ على ان يكونوا هم السابقين غداً الى النزال، كما اصرّ الانصار ـ وزعيمهم حبيب بن مظاهر (رضوان الله عليه) ـ على ان يكونوا هم الفداء المتقدم بين يدي الامام الحسين (عليه السلام)، واستجابة لالحاح الانصار كان لهم الاذن من امامهم وفي الصباح ـ وبعد أن رمى جيش الكوفة عسكر الحسين، حمل الانصار حملة رجل واحد فاستشهد منهم خمسون رجلاً، ثم نزولوا وحداناً وثوانياً ومجموعات صغيرة، حتى استشهدوا عن آخرهم رضوان الله عليهم.
عندها تقدم بنو هاشم، فودع بعضهم بعضاً، وأول من تقدم عليّ الاكبر، ثم جماعة من بعده، فلما رأى العباس كثرة القتلى في أهله قال لإخوته من امه أم البنين: عبد الله وجعفر وعثمان: يا بني أمي، تقدموا حتى أراكم نصحتم لله ولرسوله؛ فإنه لا ولد لكم. ثم التفت الى اخيه عبد الله فقال له: تقدم يا أخي حتى أراك قتيلاً وأحتسبك. فقاتلوا بين يدي أبي الفضل حتى استشهدوا جميعاً.
وقد قيل في تعليل تقديمه (عليه السلام) لإخوته أن العباس أراد أن يشتد حزنه ويعظم صبره ويُرزأ بهم، فيكون هو المطالب بهم بيوم القيامة إذ لا ولد لهم. وهكذا يُثاب بأجر الصابرين، وحاز كلتا السعادتين، بعد أن تثبت على اخوته وآزرهم بروح الفداء حتى استشهدوا.
قال ابو حنيفة الدينوريّ: إن العباس قال لاخوته: ـ تقدموا ـ بنفسي أنتم، وحاموا عن سيدكم حتى تموتوا دونه.
ولم يستطع العباس (عليه السلام) صبراً على البقاء وقد رأى الاصحاب وبني هاشم كلهم قد استشهدوا، ويرى حجة الله مكثورا ً قد انقطع عنه المدد، وملأ مسامعه عويل النساء وصراخ الاطفال من العطش، فطلب من اخيه الحسين الرخصة للحرب، ولما كان العباس أنفس الذخائر عند السبط الشهيد، فلم تسمح نفسه القدسية بمفارقته، فقال له: يا أخي،أنت صاحب لوائي.
قال العباس (عليه السلام): قد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين، وأريد أن آخذ ثأري منهم. فأمره الحسين (عليه السلام) أن يطلب الماء للاطفال، فذهب العباس الى القوم ووعظهم، وحذرهم غضب الجبار فلم ينفع معهم.
فنادى عليهم بالماء للعيال والاطفال، فأبوا قائلين له: يا ابن ابي تراب، لو كان وجه الارض كله ماء وهو تحت ايدينا لما سقيناكم منه قطرة الا أن تدخلوا في بيعة يزيد. فرجع العباس الى أخيه يخبره، عندها سمع الاطفال يتصارخون من العطش، فثارت حميّته الهاشمية. فركب جواده آخذ قربته، فأحاط به اربعة آلاف فارس، ورموه بالنبال فلم تروعه كثرتهم، وأخذ يطرد الجماهير بسيفه لوحده، ولواء الحمد يرف على رأسه، ولم يدر القوم أهو العباس يجدِّل الابطال، أم أن الوصي يزأر في الميدان! فلم تثبت له الرجال، حتى نزل الى الفرات مطمئناً غير مبال ٍ بذلك الجمع ولما اغترف من الماء ليشرب تذكر عطش الحسين ومن معه، فرمى الماء من يده، ثم ملأ القربة وركب جواده، وتوجه نحو المخيم، فقُطع عليه الطريق، فجعل يضرب في أعداء الله حتى أكثر القتل فيهم وكشفهم، وهو يقول:
لا أرهب الموت إذا الموت زقا
حتى أواري في المصاليت لقى
نفسي لسبط المصطفى الطهر وقا
إني انا العباس أغدو بالسقـا
ولا أخاف الشر يوم الملتقى
فكان الذي كان، بعد أن كانت له مواقف شامخة، وأخبار معجبة.
أو ما أتاك حديث وقعة كربلاء
أنى وقد بلغ السماء قتامهـا
يوم ابو الفضل استجار به الهدى
والشمس من كدر العجاج لثامها
فحمى عرينته ودمدم دونها
ويذود من دون الثرى ضرغامها
بطل اطلّ على العراق مجلياً
فاعصوصب فرقاً تمر شآمها
ثم انبرى نحو الفرات ودونـه
حلبات عاديةٍ يصل لجامهـا
فكأنه صقر بأعلى جوّها
جلى فحلق ما هناك حمامهـا
فهنالكم ملك الشريعة واتكى
من فوق قائم سيفه قمقامها
فأبت نقيبته الزكيّة ريّها
وحشى ابن فاطمة يشبُّ ضرامها
وكذلكم ملأ المزاد وزمها
وانصاع يرفل بالحديد همامها
*******