بسم الله وله الحمد والمجد مجيب الدعوات وقاضي الحاجات، وصلوات الله الناميات على صفوته الهداة محمد المصطفى واله مصابيح الهدى.
السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة منه وبركات. معكم في لقاء اليوم من برنامجكم هذا ننقل لكم فيه من روايات الدعوات المجابات روايتين، في الأولى تتجلى رحمة الله لعباده مقترنة بحكمته، وفي الثانية تتجلى رأفة أهل بيت النبوة – عليهم السلام – بالمؤمنين، تابعونا على بركة الله.
الرواية الأولى رواها – مستمعينا الأكارم – المحدث الجليل الشيخ الصدوق – رضوان الله عليه – في كتابه القيم (علل الشرائع) بسنده عن أبي عبد الله الإمام الصادق عليه السلام قال: إن سارة قالت لإبراهيم – عليهما السلام –: يا إبراهيم قد كبرت فلو دعوت الله عزوجل أن يرزقك ولدا تقر أعيننا به فإن الله قد اتخذك خليلا وهومجيب لدعوتك إن شاء، قال الصادق – عليه السلام: فسأل إبراهيم ربه أن يرزقه غلاما عليما، فأوحى الله عزوجل إليه: أني واهب لك غلاما عليما. ثم أبلوك بالطاعة لي، قال أبوعبد الله الصادق عليه السلام: فمكث إبراهيم بعد البشارة ثلاث سنين ثم جاءته البشارة من الله عزوجل.
وبعد دعوة طلب الولد الصالح وولادة إسحاق – عليه السلام – كانت لإبراهيم الخليل (ع) دعوة مستجابة ثانية، ينقلها لنا الإمام الصادق (ع) في تتمة الحديث السابق، قال: إن سارة قد قالت لإبراهيم: إنك قد كبرت وقرب أجلك، فلو دعوت الله عزوجل أن ينسئ في أجلك وأن يمد لك في العمر فتعيش معنا وتقر أعيننا، فسأل إبراهيم ربه ذلك فأوحى الله عزوجل إليه، سل من زيادة العمر ما أحببت تعطه، قال الإمام الصادق – عليه السلام –: فأخبر إبراهيم سارة بذلك، فقالت له: سل الله أن لا يميتك حتى تكون أنت الذي تسأله الموت، قال فسأل إبراهيم ربه ذلك، فأوحى الله عزوجل إليه ذلك لك، قال: فأخبر إبراهيم سارة بما أوحى الله عزوجل إليه في ذلك.
نعم مستعينا الأفاضل، وكانت هذه دعوة مستجابة أخرى جاءت كرامة لإبراهيم الخليل – عليه السلام –، فجعل الله أمر وفاته وحلول أجله بيده – عليه السلام –، فهل خالف فيه الخليل الوضع الطبيعي المألوف؟ ننقل لكم تتمة رواية مولانا الإمام الصادق حيث قال – عليه السلام: فقالت سارة لإبراهيم اشكر الله واعمل طعاما وادع عليه الفقراء وأهل الحاجة، ففعل ذلك إبراهيم ودعا إليه الناس، فكان فيمن أتى رجل كبير ضعيف مكفوف معه قائد له فأجلسه على مائدته، قال: فمد الأعمى يده فتناول لقمة وأقبل بها نحو فيه، فجعلت تذهب يمينا وشمالا من ضعفه ثم أهوى بيده إلى جبهته فتناول قائده يده فجاء بها إلى فمه ثم تناول المكفوف لقمة فضرب بها عينه، قال الإمام الصادق عليه السلام: وإبراهيم عليه السلام ينظر إلى المكفوف وإلى ما يصنع، فتعجب إبراهيم من ذلك وسأل قائده عن ذلك فقال له القائد: هذا الذي ترى من الضعف، فقال إبراهيم في نفسه أليس إذا كبرت أصير مثل هذا؟ ثم إن إبراهيم سأل الله عزوجل حيث رأى من الشيخ ما رأى، فقال: اللهم توفني في الأجل الذي كتبت لي فلا حاجة لي في الزيادة في العمر بعد الذي رأيت.
وكانت تلك مستمعينا الأفاضل دعوة مستجابة أخرى لإبراهيم الخليل حيث توفاه الله في الأجل الذي كتبه له. وتبارك الله العزيز الحكيم الذي أتقن صنع كل شيء.
مستمعينا الأفاضل، ومن كتاب الدعوات للسيد الجليل قطب الدين الراوندي نقرأ لكم ما روي عن صالح بن ميثم الأسدي قال: دخلت على امرأة من بني والبة قد احترق وجهها من السجود – يشير إلى كثرة عبادتها –، يقال لها حبابة، قالت: يابن أخ ألا أحدثك، كنت زوارة لأبي عبد الله الحسين عليه السلام فحدث بين عيني وضح – أي ما يشبه البرص القبيح – فشق ذلك علي واحتبست عليه أياما – أي أنها لم تذهب لزيارته عليه السلام –، قالت فسأل عني ما فعلت حبابة الوالبية؟ فقالوا: إنه حدث بين عينيها وضح. فقام ودخل علي، فقال: يا حبابة ما أبطأ بك علي؟ فقلت: يابن رسول الله حدث بي هذا وكشفت القناع. ثم كان أن الحسين عليه السلام قال لها: يا حبابة أحدثي لله شكرا فإن الله قد درأه عنك قالت: فخررت ساجدة لله، فقال: يا حبابة ارفعي رأسك وانظري في مرآتك، فرفعت رأسي ونظرت في المرآة فلم أحس منه شيئا، قالت: فحمدت الله فنظر إلي وقال: يا حبابة نحن وشيعتنا على الفطرة وسائر الناس منها براء.
وبهذا يننتهي أيها الإخوات والإخوة لقاء اليوم من برنامج (دعوات وإجابات) استمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، تقبل الله طاعاتكم ودمتم في رعايته سالمين والحمد لله رب العالمين.