البث المباشر

البيان المحمدي والشعر الهادف

الإثنين 13 مايو 2019 - 13:06 بتوقيت طهران

السلام عليكم أعزاءنا ورحمة الله. أهلاً بكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نتناول فيها- بعون الله جلت قدرته- دورالبيان المحمدي في توجيه الشعر العربي باتجاهٍ إلهي يجعله وسيلةً لنشر القيم الإلهية ودعوة الناس الى الحياة الكريمة الطيبة. وهذا أعزاءنا هو الإطار العام للحكمة التي نبه لها النبي الأكرم- صلى الله عليه وآله- ودعا الى أن يتضمنها الشعر لكي يقبله الله عزوجل فقال: "إن من الشعر لحكمة".
مستمعينا الأفاضل ومقدمةً لموضوع هذا اللقاء نشير الى أنه ومع كل الموجات المظلمة التي غمرت الجزيرة العربية من شعراء الوثنية والفجور، فإن بصيصاً من نور التوحيد كان يتقّد في صدور بعضهم، ومنهم النابغة الجعدي الذي كان يتألّه، وأنكر الخمر والسكّر، وهجر الأوثان والأزلام، وقال في الجاهلية كلمته التي فيها:

الحمد لله لا شريك له

ومن لم يقلها فنفسه ظلما


وكان الجعدي يذكر دين ابراهيم عليه السلام والحنيفية، ويصوم ويستغفر ويتوقّى أشياء للغو فيها، ووفد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال:

أتيت رسول الله اذ جاء بالهدى

ويتلوكتاباً كالمجرّة نشّرا


ومن شعره:

وعمّرت حتى جاء أحمد بالهدى

وقوارع تتلى من القرآن


وروي أنه كان يفتخر ويقول: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنشدته:

بلغنا السماء عزّةً وتكرّما

وانّا لنرجو فوق ذلك مظهرا


فقال: الى أين يا ابن أبي ليلى؟ قال: الى الجنة يا رسول الله.
قال: "أحسنت، لا يفضض الله فاك".
قال الراوي: فرأيته شيخاً، له مئة وثلاثون سنة، وأسنانه مثل ورق الأقحوان
نقاءً وبياضاً، فشعر الجعدي لم يدخل نطاق ودائرة الشعر المكروه لدى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل نلاحظ في الرواية المتقدمة أن المصطفى- صلى الله عليه وآله- يشجع الشعراء بصورة غير مباشرة الى إقتفاء أثر النابغة الجعدي فيما ينشؤونه من الشعر.
وروي أن إعرابياً جاء الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشكو الجدب والقحط بأشعار أنشدها منها:

والقى بكفيّه الفتى استكانة

عن الجوع ضعفاً ما يمرّ وما يحلي

ولاشيء ممّا يأكل الناس عندنا

سوى الحنظل العالي والعلهز الغسل

وليس لنا إلاّ اليك فرارنا

وأين فرارالناس الاّ إلى الرسل


فما كان من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حين فرغ هذا الإعرابي من هذه الأبيات الا أن يجرّ برداءه حتى صعد المنبر، ثم رفع يديه الى السّماء فقال: "اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً مريعاً غدقاً طبقاً عاجلاً غير رائث نافعاً غيرضار، تملأ به الضّرع، تنبت به الزرع، وتحيي الأرض بعد موتها".
فنزل من الماء مطراً غزيراً...وفي هذه الحادثة الكريمة قام رجل من كنانة فقال:

لك الحمد والحمد ممّن شكر

سقينا بوجه النبيّ المطر

دعى الله خالقه دعوة

إليه وأشخص منه البصر

ولم يك إلاّ كلّف الرداء

وأسرع حتّى رأينا مطرالدرر

وفاق العوالي وعمّ البقاع

غاث به الله عليا مضر

وكان كما قال عمّه

أبوطالب أبيض ذا غرر

به الله يستقيك صوب الغمام

وهذا العيان لذاك الخبر

فمن يشكرالله يلق المزيد

ومن يكفرالله يلق الغير


فقال رسول الهذ صلى الله عليه وآله وسلم: "إن يك شاعر يحسن فقد أحسنت".
وكما تلاحظون مستمعينا الأعزاء فإن حبيبنا المصطفى- صلى الله عليه وآله- يوجه بوضوح الشعر باتجاه جذب قلوب الناس الى التوحيد الخالص وما يشتمل عليه من قيم سامية، وهذا هو المحور الأساسي لتعامله- صلى الله عليه وآله- مع الشعر.
وبهذه الملاحظة نختم لقاءً آخر من برنامج تأملات في أدب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم قدمناه لكم أيها الأعزاء من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، شكراً لكم ودمتم في رعاية الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة