بسم الله وله الحمد خالق الإنسان ومعلمه البيان تبارك وتعالى رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد البيان والمرسل بالقرآن المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أعزائنا المستمعين، تحية طيبة نستهل بها لقاء اليوم من هذا البرنامج ولنا فيه وقفة عند أدب الأمثال في كلام حبيبنا الصادق الأمين وفيها نتعرف على ما ميز كلامه – صلى الله عليه وآله – في هذا النوع من البيان الفصيح تابعونا مشكورين.
الأمثال النبوية:
لقد تزينت كتب الأمثال والأدب بروائع الكلمات التي قالها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وجرت مجرى الأمثال ومن نماذجها قوله – صلى الله عليه وآله –: "رأس الحكمة مخافة الله"، "صنائع المعروف تقي مصارع السوء"، "صلة الرحم تزيد في العمر"،"الناس معادن كمعادن الذهب والفضة"، "لكل شيء عماد وعماد الدين الفقه"، "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه"، "رحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت فسلم"
والأمثال النبوية المذكورة هنا وهناك هي حكم وعظات أخلاقية وعقائدية وتربوية، وقد أطلقوا عليها مصطلح الأمثال، لتداولها في أحاديث الناس، فصارت شواهد كلامهم وعنوان أحاديثهم.
وللأمثال المنتقاة تتصف بالإختصار نتيجة لحذف تاريخ نشأة المثل وقصته والظروف العامة لولادة النص المسمى مثلا. وقد لوحظ في أدب الأمثال النبوية ظاهرة إيجاد المثل الواقعي المباشر الذي استنبطه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المشاهد التي يعيشها الناس، والصحابة من ضمنهم، في حياتهم اليومية، كما يظهر من رواية الإمام الصادق عليه السلام أنه نزل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بأرض قرعاء فقال لأصحابه: "إئتوا بحطب" فقالوا يارسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب، قال صلى الله عليه وآله وسلم: فليأت كل إنسان بما قدر عليه، فجاءوا به حتى رموا بين يديه، بعضه على بعض، فقال رسول الله: "هكذا تجتمع الذنوب"، ثم قال: "إياكم والمحقرات من الذنوب فإن لكل شيء طالبا، ألا وإن طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين". مشيرا لقوله تعالي: "إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين" (سورة يس ۱۲) وقد انفرد صلى الهأ عليه وآله وسلم بهذا الأسلوب من الأمثال.
وقصة قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم "صن الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه" ومعناه تكبر وشمخ بملكه ولا بقاء لملكه أنه بعث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك الإسكندرية، فلما وصل إليه حاطب أكرمه وأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وكتب في جوابه: قد علمت أن نبيا قد بقي، وأكرمت رسولك. وأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربع جوار ولم يسلم، فقبل رسول الله هديته وقال: "صن الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه" وذهب ذلك مثلا.
مستمعينا الأفاضل، أما النتيجة التي نستخلصها مما تقدم فيمكن أن نثبتها ضمن النقطتين التاليتين:
الأولى: أن الكلام المحمدي جاء من القوة والبلاغة وشدة التأثير بحيث فرض نفسه على كلام الناس بشكل أمثال يستشهدون بها في محاوراتهم. فجرى بينهم مجرى الأمثال ومن أسمى أنماطها.
الثانية: إن البيان المحمدي جاء بأنواع من الأمثال لم يعرفها تأريخ البيان والأدب الإنساني من قبل، وتمتاز هذه الأمثال بقوة رمزيتها في التعريف بالحقائق المعرفية التي تتضمنها.
وبهذه النتيجة ننهي لقاء اليوم من برنامج ( تأملات في أدب المصطفي (صلى الله عليه واله وسلم) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعاية الله.