السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله، طابت أوقاتكم بكل خير ورحمة وبركة وأهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج.
أيها الأفاضل، عدّ أهل المعرفة القرآنية (آية النور) الجناح الثاني للمؤمن المكمل لجناح آية الكرسي المباركة، فيهما معاً يحلق المؤمن في رحاب التوحيد الخالص والهداية الربانية النقية.
في هذا اللقاء نستضيء بقبسات من أنوار هذه الآية الكريمة وهي في الأصل الآية الخامسة والثلاثون من سورة النور المباركة ولكن كمال مضامينها بالآيات الثلاث التالية لها كما أن كمال آية الكرسي بالآيتين الملحقتين بها.
إذن، نتدبر معاً أيها الأعزاء في الآيات ۳٥ الى ۳۸ من سورة النور المباركة حيث يقول الله أصدق القائلين:
"اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{۳٥} فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ{۳٦} رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ{۳۷} لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ{۳۸}"
مستمعينا الأكارم، معلوم أن الإنسان بالنور يبصر الأشياء فيهتدي الى حقائقها ويعرف بالتالي الإتجاه الذي ينبغي أن يسير فيه أي يعرف الصراط المستقيم وخصائصه وما ينبغي له القيام به من الطاعات لكي يكون يره على الصرط المستقيم، فالنور هو إذن مصدر الهداية ومبدأها وهو الله تبارك وتعالى، وهذا أوضح مصاديق النور.
روى الشيخ الصدوق – رضوان الله عليه – في كتاب التوحيد بسنده عن العباس بن هلال قال: سألت الرضا – عليه السلام – عن قول الله عزوجل: "اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ" فقال: هادي لأهل السموات وهادي لأهل الأرض، وفي رواية البرقي في المحاسن قال – عليه السلام -: هدى من في السموات وهدى من في الأرض.
وعندما نتدبر في الآيات الكريمة نجدها تضرب لنا مثلاً يبين منظومة هذه الهداية الإلهية وبيوت النور الإلهي التي تنير للمؤمنين صراط العبودية التوحيدية الخالصة، جاء في تفسير نور الثقلين للشيخ الحويزي – رضوان الله عليه – قوله:
"وقد روي عن الصادق عليه السلام – كما في كتاب التوحيد – أنه سئل عن قول الله عزوجل "الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح" فقال: هو مثل ضربه الله لنا، فالنبي والأئمة صلوات الله عليهم من دلالات الله وآياته التي يهتدى بها الى التوحيد ومصالح الدين وشرايع الإسلام والسنن والفرائض، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
وهذا التمثيل القرآني بينت مصاديقه كثير من الأحاديث الشريفة منها ما روي في كتاب التوحيد وغيره مسنداً عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام: "اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ" قال: كذلك الله عزوجل، قال: قلت: "مَثَلُ نُورِهِ"قال: محمد صلى الله عليه وآله.. قلت: "كَمِشْكَاةٍ" قال: صدر محمد صلى الله عليه وآله.. قلت: "فيها مصباح" قال: فيه نور العلم يعني النبوة.. قلت: "المصباح في زجاجة".. قال: علم رسول الله صلى الله عليه وآله الى قلب علي عليه السلام.. قلت: "كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية" قال: ذاك أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، لا يهودي ولا نصراني.. قلت: "يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار" قال: يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد من قبل أن ينطق به.. قلت: نور على نور .. قال: الإمام في أثر الإمام.
أيها الإخوة والأخوات، وعندما نعود الى نص آية النور وملحقاتها نجدها تشير الى أن منظومة النور الإلهي هي من بيوت قدسها الله وأذن بأن تقدس وترفع لأن أهلها قد تنوروا بالكامل بالنور الإلهي فأصبحوا ببركته مشارقه ومناراته التي يهتدي بها من يطلب العبودية الحقة لله عزوجل.
فتكون النتيجة المستفادة من نص الآيات وبيانات الأحاديث الشريفة هي أن طلب الهداية الإلهية ينبغي أن يكون من مناراته المعصومة وهم محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، فهم الشجرة المباركة الزيتونة اللاشرقية واللاغربية ولذلك فهم الذين يشرقون بنور الهداية الإلهية بكل وجودهم لأنه ملأ كل وجودهم.
وبهذه النتيجة نختم أيها الأطائب لقاء اليوم من برنامجكم (آيات وأحاديث) نشكركم على طيب المتابعة ولكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص الدعوات دمتم في رعاية الله.