السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله وبركاته، أطيب تحية نهديها لكم شاكرين وأنتم تتابعونا في حلقة اليوم من برنامجكم هذا.
أيها الأحبة، إخترنا لكم في هذا اللقاء واحداً من غرر الأحاديث الشريفة التي يعلمنا فيها مولانا ناشر السنة المحمدية النقية كيفية الإستفادة من أربع من الآيات القرآنية الكريمة في شؤون حياتنا المختلفة، ويهدينا بذلك الى مفاتيح الإلتجاء الى الله عزوجل والفوز بنصرته جل جلاله في أربع من الحالات المهمة التي قد يعرض لها الإنسان وهي: الخوف من أخطار تحدق به، والغم بسبب بلاء يصيبه، والحزن من كيد أعداء يتربصون به، والرابعة من فقر يصيبه ولا يجد لدفعه سبيلاً.
نبدأ أولاً أيها الأفاضل، بالتأمل معاً في الحديث الشريف التالي وقد رواه الشيخ الصدوق – رضوان الله عليه – في كتاب الخصال وكذلك في كتاب (الأمالي) مسنداً عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: عجبت لمن فزع من أربع كيف لا يفزع الى أربع: عجبت لمن خاف كيف لا يفزع الى قوله عزوجل: "حسبنا الله ونعم الوكيل" فإني سمعت الله جل جلاله يقول بعقبها: "فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ" (سورة آل عمران:۱۷٤)
وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع الى قوله عزوجل: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" فإني سمعت الله عزوجل يقول بعقبها: "فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين".
وعجبت لمن مكر به كيف لا يفزع الى قوله: "وأفوض أمري الى الله إن الله بصير بالعباد" فإني سمعت الله جل وتقدس يقول بعقبها: "فوقىه الله سيئات ما مكروا"
وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع الى قوله تبارك وتعالى: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله" فإني سمعت الله عز اسمه يقول بعقبها: "إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً فعسى ربي أن يؤتين خيراً من جنتك" وعسى موجبة يعني موجبة للخير.
أعزاءنا المستمعين، نلاحظ أولاً جميل تكرار الإمام الصادق – عليه السلام – لتعبير: "سمعت الله عزوجل يقول بعقبها"، ففي ذلك تنبيه لطيف الى أن علينا ان نستشعر – عند قراءة القرآن – وكأن الله جل جلاله يخاطبنا به فنسمع منه لكي نستلهم منه ما نحتاجه في شؤوننا الحياتية؛ ثم يقدم لنا الإمام – عليه السلام – تطبيقات عملية لذلك يهدينا الى الإلتزام بذكر "حسبنا الله ونعم الوكيل" عند الشعور بالخوف من كثرة الأعداء لأن هذا الذكر القرآني وسيلة الأمان من هذا الخطر.
وهذا هو المستلهم بوضوح من التدبر في قوله عزوجل في الآيتين ۱۷۳ و۱۷٤ من سورة آل عمران، نصغي معاً لتلاوتهما:
"الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ{۱۷۳} فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ{۱۷٤}"
وكما تلاحظون أحباءنا، فإن هاتين الآيتين وردتا ضمن سياق الحديث عن حالات الخوف التي يسعى ضعاف الإيمان إيجادها في قلوب المؤمنين من خلال تخويفهم باجتماع أعدائهم عليهم بإمكانات لا طاقة لهم بها، وهذا المعنى القرآني يعلمنا الإمام الصادق – عليه السلام – أن نعممه على كل خوف يمكن أن يتطرق الى قلوبنا من أي خطر، فنعالجه بالعلاج القرآني وهو تحويل هذا الخوف الى وسيلة لزيادة الإيمان من خلال الإكثار من قول وذكر "حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"، وبذلك نتعرض للوعد الإلهي الصادق لمن التزم بذلك وهو أن يدفع الله عنا الخطر ويزيل عنا الخوف ويجعلنا نرجع بنعمة من الله وفضل دون أن يمسنا سوء، وكل ذلك ببركة التحقق بحقيقة التوكل على الله والإستكفاء به عزوجل، وهي الحقيقة التي يتضمنها ذكر "حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" .
مستمعينا الأطائب، أما بالنسبة للآيات الكريمة الثلاث الأخرى الواردة في هذا الحديث الصادقي المبارك، فسنتناولها بإذن الله في حلقة مقبلة من برنامجكم (آيات وأحاديث)، شكراً لكم على طيب المتابعة، ولكم دوماً من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران أزكى الدعوات، دمتم في رعاية الله.