السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته، تحية مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج الذي نسعى فيه لمعرفة أصول الحياة الكريمة الطيبة التي هدانا إليها ودعانا لها ربنا الحكيم العليم الرحيم في كتابه الكريم.
والأصل الذي نتاوله في هذا اللقاء هو أصل إجتناب التقليد الأعمى، تابعونا على بركة الله.
مستمعينا الأفاضل، نهت كثير من الآيات الكريمة عن التقليد والإتباع الأعمى بمختلف صوره محذرة من عواقبه السيئة وآثاره الخطيرة في تدمير ركائز الشخصية الإنسانية، فهو يحرم الإنسان من بركات الإستفادة الصحيحة من نعمة العقل ويحرمه من الإستفادة من محاسن ما لايوجد عند من يقلدهم إذا كان لدى ما يقلدهم العلم النافع، وأخطر من ذلك يعرضه لخطر السقوط في المهاوي والإنحرافات التي سقط فيها الذين يقلدهم تقليدا أعمى إذا كانوا من غير المهتدين.
وقد ذمت الآيات الكريمة التقليد الأعمى للآباء من باب كونه أوضح وأقرب مصاديق هذا التقليد وإلا فإن الذم يشمل التقليد الأعمى لغيرهم أيضا مادام تقليدا يعطل عقل الإنسان ولا يقوم على أسس منطقية سليمة.
قال الله تبارك وتعالى في الآية الثالثة والعشرين من سورة التوبة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{۲۳}".
وفي الآيتين العشرين والحادي والعشرين من سورة لقمان قال الله جل جلاله: "أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ{۲۰} وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ{۲۱}".
أيها الإخوة والأخوات، يتضح من الايات الكريمة المتقدمة أن التقليد الأعمى هو من مكائد الشيطان الرجيم يهدف منها إلى حرمان الإنسان من الإستجابة للهدى وصده عن التمتع بالحياة الطيبة في عالم الدنيا وسوقه إلى الشقاء وعذاب السعير في حياة الآخرة...
أعاذنا الله وإياكم من مكائد الشيطان ببركة العمل بوصايا ثقلي النجاة القرآن الكريم وعترته سيد المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين.
اللهم آمين، وبهذا ننهي من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران لقاء اليوم من برنامجكم (حياة القرآن).
شكرا لكم وفي أمان الله.