سلام من الله عليكم أحبتنا ورحمة منه وبركات.
أيها الأعزاء، إن الأصل الأصيل الذي يوفر للمجتمع الحياة الطيبة هو نفسه الذي يوفرها للفرد، أي الإيمان بالله والعمل الصالح، قال تبارك وتعالى في سورة العصر "وَالْعَصْرِ{۱} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{۲} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{۳}".
هذا الأصل الأصيل هو الإيمان بالله والعمل الصالح، فإذا نظرنا إليه في الدائرة الإجتماعية وجدناه يقترن بأصلين آخرين هما التواصي بالحق والتواصي بالصبر. والسر واضح هو أن تتضارب المصالح الشخصية بين أفراد المجتمع يستلزم أن يتواصوا بالحق أن يضعوا الحق معيارا لحل الإختلافات الناتجة من التضارب في المصالح الشخصية، ويتواصوا بالصبر على ما يقضي به الحق وإن خالف ما تدعوهم له مصالحهم الشخصية لأن ذلك الطريق الوحيد لفوز المجتمع الانساني ككل بالحياة الطيبة.
أيها الأحبة، لنتدبر معا في قول الله عزوجل في الآية الرابعة والعشرين من سورة الأنفال وهو يدعو خلقه للحياة الطيبة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون" وقد روي في تفسير علي بن إبراهيم – رضوان الله عليه – مسندا عن الإمام الباقر – عليه السلام – في بيان مصداق (لما يحييكم) في هذه الآية الكريمة قال: (ولاية علي بن أبي طالب – عليه السلام –، فإن اتباعكم إياه وولايته، أجمع لأمركم وأبقى للعدل فيكم).
وقد روي هذا المضمون عن الإمام الصادق في تفسير آيات سورة العصر المتقدمة حيث قال – عليه السلام –:(إلا الذين آمنوا) يعني بآياتنا وعملوا الصالحات: يعني بمواساة الإخوان، وتواصوا بالحق: يعني بالإمامة.
ومن هنا نفهم أن الأصل في تحقيق الحياة الطيبة للمجتمع الإنساني تكمن في الإيمان بآيات الله والتمسك بعرى الإمامة الحق، لأن الولاية لأئمة الحق المنصوبين من الله عزوجل مفتاح إقرار العدل وحفظ المجتمع الإنساني في إطار الحياة الطيبة.
مستمعينا الأعزاء، إن الولاية هي المظهر العملي لكمال الإيمان الصادق بالله عزوجل، ولذلك صارت مفتاح قبول الأعمال وفوز المؤمن بالحياة الطيبة لأن اثار أعماله الصالحة تكون أقرب للكمال لكمال إيمانه. روى الشيخ الصدوق في كتاب معاني الأخبار عن الإمام الصادق – عليه السلام – أن أحد أصحابه قال له: إن أبا الخطاب – وهو من زعماء إحدى التيارات المنحرفة – يذكر عنك أنك قلت له: إذا عرفت الحق – يعني الولاية – فاعمل ما شئت فقال – عليه السلام -: لعن الله أبا الخطاب والله ما قلت له هكذا، ولكني قلت: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك، إن الله عزوجل يقول: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ النحل۹۷".
رزقنا الله وإياكم أيها الأعزاء الحياة الطيبة ببركة التمسك بثقلي النجاة قرآنه الكريم وولاية أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين، اللهم آمين.
شكرا لكم على طيب الإصغاء لحلقة اليوم من برنامج (حياة القرآن) استمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران..
دمتم بألف خير.