بسم الله وله خالص الحمد والثناء منير القلوب بأنوار شموس هداه للعالمين محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
- السلام عليكم أيها الأطائب، طابت أوقاتكم بكل خير ورحمة.
- تحية من الله مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج.
- نبقى في هذا اللقاء في طيبة المدينة المنورة بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله حيث نستنير بأنوار ما تبقى من مشاهدها المباركة بعد أن تعرفنا في حلقات سابقة إلى مسجد النبي ومرقده وهو أعظم بيوت النور بعد المسجد الحرام.
- وكل مشاهد المدينة المنورة مباركة تشع بأنوار الهداية المحمدية، ولذلك وردت تأكيدات من أئمة العترة المحمدية عليهم السلام على التقرب الى الله بزيارتها جميعاً
- فمثلاً روي في كتاب الكافي مسنداً عن الإمام الصادق قال مخاطباً زائر المدينة المنورة: لا تدع اتيان المشاهد كلها مسجد قباء فإنه المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم ومشربة أم إبراهيم ، ومسجد الفضيخ وقبور الشهداء ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح .
- ثم قال الصادق عليه السلام : وبلغنا أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان إذا قبور الشهداء قال : " السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار .
- ثم قال الصادق عليه السلام: وليكن فيما تقول عند مسجد الفتح "يا صريخ المكروبين ويا مجيب [ دعوة ] المضطرين اكشف همي وغمي وكربي كما كشفت عن نبيك همه وغمه وكربه وكفيته هول عدوه في هذا المكان .
- إخوة الإيمان، وقد ورد الأحاديث الشريفة إشارات عدة الى فضيلة زيارة مسجد قباء.
- فقد روي في سنن الترمذي عن الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وآله – قال: الصلاة في مسجد قباء كعمرة.
- كما أن في زيارة هذا المسجد إقتداء برسول الله فقد كان صلى الله عليه وآله يزوره باستمرار، روي في كتابي البخاري والنسائي قالا: إن رسول الله كان يأتي مسجد قباء كل سبت راكباً وماشياً.
- وهذا الإهتمام النبوي لم نجده في السيرة المحمدية بهذه الصورة تجاه أي مسجد غير مسجد قباء، ولعل فيه تذكير للمسلمين بأهمية الوفاء للولاية التي شهد مسجد قباء أجلى مصاديقها النبوية.
- روى الكليني في " روضة الكافي " بسنده عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) قال ( وهو في مسجد الرسول بالمدينة ) : قدم ( الرسول ) المدينة لاثنتي عشر ليلة خلت من شهر ربيع الأول مع زوال الشمس ، فنزل بقباء فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين . . وكان نازلا على بني عمرو بن عوف ، فأقام عندهم بضعة عشر يوما يقولون له : أتقيم عندنا فنتخذ لك منزلا ؟ فيقول : لا ، إني أنتظر علي بن أبي طالب ، وقد أمرته أن يلحقني ، ولست مستوطنا منزلا حتى يقدم علي ، وما أسرعه إن شاء الله .
- ثم قال الإمام السجاد عليه السلام فقال له أبو بكر : انهض بنا إلى المدينة ، فان القوم قد فرحوا بقدومك ، وهم يستريثون اقبالك إليهم ، فانطلق بنا ولا تقم هاهنا تنتظر عليا ، فما أظنه يقدم إليك إلى شهر !
- فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ولست أريم حتى يقدم ابن عمي وأخي في الله عز وجل وأحب أهل بيتي إلي ، فقد وقاني بنفسه من المشركين ! فغضب عند ذلك أبو بكرفانطلق حتى دخل المدينة ، وتخلف رسول الله بقباء حتى ينتظر عليا ( عليه السلام ) حتى قدم.
- مستمعينا الأفاضل، ويحدثنا من علماء أهل السنة الحافظ ابن عساكر في تأريخ دمشق عن كرامة محمدية شهدها مسجد قباء، فقد روى بسنده عن أبي رافع قال:
- إنّ عليّاً كان يجهّز النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) حين كان بالغار ويأتيه بالطعام ، واستأجر له ثلاث رواحل ؛ للنبيّ (صلى الله عليه وآله ) ولأبي بكر ودليلهم ابن أُريقط ، وخلّفه النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ، فخرج إليه أهله ، فخرج ، وأمره أن يؤدّي عنه أمانته ووصايا من كان يوصي إليه ، وما كان يؤتمن عليه من مال ، فأدّى أمانته كلّها .
- ثم قال أبو رافع: وأمر رسول الله علياً أن يضطجع على فراشه ليلة خرج ، وقال : إنّ قريشاً لن يفقدوني ما رأوك ، فاضطجع عليّ على فراشه ، فكانت قريش تنظر إلى فراش النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) فيرون عليه رجلاً يظنّونه النبيّ ( صلى الله عليه وآله )
- قال: حتى إذا أصبحوا رأوا عليه عليّاً ، فقالوا : لو خرج محمّد خرج بعليّ معه ، فحبسهم الله عزّ وجلّ بذلك عن طلب النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) حين رأوا عليّاً ولم يفقدوا النبيّ ( صلى الله عليه وآله ).
- وأمر النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) عليّاً أن يلحقه بالمدينة ، فخرج عليّ في طلبه بعدما أخرج إليه أهله ، يمشي من الليل ويكمن من النهار حتى قدم المدينة ، فلمّا بلغ النبيّ ( صلى الله عليه وآله) قدومه قال : ادعوا لي عليّاً . قيل : يا رسول الله ، لا يقدر أن يمشي.
- فأتاه النبيّ ( صلى الله عليه وآله)، فلمّا رآه النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) اعتنقه وبكى رحمة لما بقدميه من الورم ، وكانتا تقطران دماً ، فتفل النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) في يديه ثمّ مسح بهما رجليه ، ودعا له بالعافية ، فلم يشتكهما عليّ حتى استشهد عليه السلام.
- والى جانب هذه الكرامة النبوية نصغي الى الموعظة المحمدية التي شهدها مسجد قباء وهي مروية في كتاب الكافي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال:
- أفطر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عشية خميس في مسجد قبا ، فقال : هل من شراب ؟ فأتاه أوس بن خولي الأنصاري بعس مخيض بعسل فلما وضعه على فيه نحّاه.
- ثم قال : شرابان يكتفى بأحدهما من صاحبه ، لا أشربه ولا أحرمه ولكن أتواضع لله ، فإن من تواضع لله رفعه الله ، ومن تكبر خفضه الله ، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله ، ومن بذر حرمه الله ، ومن أكثر ذكر الموت أحبه الله ومن أكثر ذكر الله أظله الله في جنته.
- وبهذه الموعظة النبوية المباركة نختم حلقة اليوم من برنامجكم (بيوت النور) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- نشكركم أطيب الشكر على طيب المتابعة، دمتم بكل خير ورحمة وبركة وفي أمان الله.