بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد المصطفى وآله الطيبين الأخيار، أهلاً بكم – أيها الأعزاء- في برنامجكم هذا آملين أن تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيدا.
قال إمام المتقين علي عليه لسلام: "ومن لم ينفعهُ الله بالبلاء والتجارب لم ينتفع بشئ من العظة، وأتاه التقصير من أمامهِ حتى يعرف ما أنكر وينكر ما عرف، فإنَّ الناس رجلان: مُتَّبع شرعةً، ومبتدعٌ بدعةً، ليس معه من الله برهان سُنةٍ ولاضياءُ حُجَّة" … مستمعينا الأكارم في كلام الامام عليه السلام إشارة بليغة واضحة إلى ضرورة الإستفادة وأخذ العبر والدروس من الإبتلاءات والتجارب التي تمر بالإنسان، فهو إن لم يستفد بما مرَّ به من تجارب ومحن وبلاء وما شاهده من تقلبات الزمان، لم تنفعه المواعظ لأن التجارب والمحن أقوى أثراً وأشدّ وقوعاً في النفس، و مع ذلك لم تؤثر فيه. (و أتاه التقصير من أمامه): أي من جهته، لأنه بلغ الغاية في البعد و(حتى يعرف ما أنكر وينكر ماعرف): أي يؤول به الأمر إلى الإختلاط، ويتغير مفهومه، حتى يعرف ما أنكر من الأمور والحقائق وينكر ما عرف سابقاً من آراء وعلوم. و(إن َّ الناس رجلان: متبع شرعة: أي ملتزم بأحكام الشريعة (ومبتدع بدعة): أي مدخل على الدين ما ليس فيه، و(ليس معه من الله برهان سنة: والسنة كل ما ورد عن الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم من قول أو فعل، والمراد: بعده عن ذلك كله، ولاضياء حجة، أي ولانور يهتدي به، والمراد به أنوار القرآن الكريم.
ونبقى مع كلام إمام المتقين علي عليه السلام الذي يهدي الأنام الى الصراط المستقيم حيث يقول: (وإن الله سبحانه لم يعظ أحداً بمثل هذا القرآن، فإنَّه حبل الله المتين، و سببه الأمين، وفيه ربيع القلب وينابيع العلم وماللقلب جلاءٌ غيره مع أنه قد ذهب المتذكّرون وبقي النَّاسون أو المتناسون فإذا رأيتم خيراً فأعينوا عليه واذا رأيتم شراً فأذهبوا عنه، فإنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: "ياابن آدم أعمل الخير ودع الشر َّ فإذا أنت جوادٌ قاصد". مستمعينا الأفاضل: لقد شبَّه الامام عليه السلام القرآن بالحبل، لأن التمسك به ينجي من الردى، كذلك الممسك بالحبل ينجو ويسلم، و(المتين): القوي (وسببه الأمين): أي الذي يوصل إلى رضاه (وفيه ربيع القلب): فكما أنَّ بالربيع تحيا الأرض وتزهر، كذلك بالقرآن تحيا القلوب وتستقيم. (والينبوع):عين الماء. والمراد: أنه مصدر العلوم. (وماللقلب جلاء غيره): أي به تذهب شكوكه وأحزانه…..مستمعينا الأعزاء وأمّا حديث الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم الذي ذكره الامام عليه السلام وأمرنا فيه بعمل الخير وترك الشر وقال: (فإذا أنت جواد قاصد)، والجواد: النجيب من الخيل، والقاصد، من الأسفار: أي السهل والمراد: إذا عملت الخير، وأنتهيت عن الشر، فقد وصلت بِيُسرٍ الى رضوان الله تبارك وتعالى، وحصلت على السعادة الأبدية في جنة الخلد. نسأله تعالى أن يجعلنا من المتمسكين بحبله المتين وسببه الأمين إنه سميع مجيب.
وختاماً – أيها الأحبة الكرام – نشكركم على حسن المتابعة وجميل الإصغاء وحتى اللقاء القادم نستودعكم الرؤوف الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.