بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد الأمين وآله الأبرار الميامين، أهلا بكم أيها الأعزاء في برنامجكم هذا آملين أن تقضوا معه وقتا طيبا ومفيدا.
قال إمام المتقين علي عليه السلام: "إن الله تعالى أنزل كتابا هاديا بين فيه الخير والشر، فخذوا نهج الخير تهتدوا، واصدفوا عن سمت الشر تقصدوا، الفرائض الفرانض ! أدوها إلى الله تؤدكم إلى الجنة. إن الله حرم حراما غير مجهول، وأحل حلالا غير مدخول، وفضل حرمة المسلم على الحرم كلها، وشد بالإخلاص والتوحيد حقوق المسلمين في معاقدها".
مستمعينا الأعزاء في كلماته البليغة النورانية هذه يأمرنا الامام عليه السلام بسلوك نهج الخير وهو كتاب الله تعالى وذلك بالعمل وتطبيق ما جاء فيه من أوامر ونواه وتعاليم سامية كي ننال خير الدنيا والآخرة. (واصدفوا عن سمت الشر تقصدوا): أي أعرضوا و (السمت): الجهة و(تقصدوا) أي تبلغون الرشد، يقال: هو على قصد السبيل إذا كان راشدا..
قال تعالى: "وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ". وأكد الإمام عليه السلام ضرورة أداء وتطبيق الفرائض وهي ما افترض الله علينا من صلاة وصيام وزكاة وخمس وحج وغير ذلك. و (أدوها): أي واضبوا على القيام بها (تؤدكم الى الجنة): أي تتوصلون بأدائها الى الجنة، و(أحل حلالا غير مدخول): أي لا عيب فيه ولا شبهة. و(فضل حرمة المسلم على الحرم كلها) و(حرمة المسلم): ما لا يجوز انتهاكه وهي حرمة دمه وماله وعرضه. و (على الحرم كلها): أي ان انتهاكه من أعظم المحرمات. (وشد بالأخلاص والتوحيد وحقوق المسلمين في معاقدها) ومعاقد، جمع عقد: وهو العهد. والمراد: ما أخذ عليهم من عهود في الحفاظ ورعاية حقوق بعضهم البعض.
ونبقى – أيها الأعزاء – مع كلام أميرالمؤمنين علي عليه السلام الهادي الى الحق المبين حيث قال: "فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده الا بالحق ولا يحل أذى المسلم الا بما يجب، بادروا أمر العامة وخاصة أحدكم وهو الموت فإن الناس أمامكم، وإن الساعة تحدوكم من خلفكم. تخففوا تلحقوا !! فإنما ينتظر بأولكم آخركم".
مستمعينا الأعزاء في كلماته البليغة البديعة هذه تعريف للمسلم الحقيقي الصحيح من قبل الأمام عليه السلام وهو الذي لا يعتدي على أحد بلسانه بسب أو إغتياب أو نميمة أو شهادة زور وما شابه ذلك ولايضرب ولايسرق ولايقتل. و (بادروا أمر العامة): أي سارعوا إلى إرشادهم وتهذيبهم وتوعيتهم. (وخاصة أحدكم وهو الموت): أي ما يخصه ويعنيه ونازل به. والمراد: إستغلال فسحة العمر بالأعمال التي تنفعه في تلك العوالم، قال تبارك وتعالى (وتزودوا فأن خير الزاد التقوى). (فإن الناس أمامكم): أي سبقوكم الى الآخرة و(إن الساعة تحدوكم) و(حدا الإبل): أي ساقها وحثها على السير بالحداء والمراد: الإستعداد لها بتقديم الطاعات وإجتناب المعاصي. و (تخففوا تلحقوا): أي قللوا من السعي للدنيا والإهتمام بها لتسعدوا بمرافقة أولياء الله في منازلهم. قال أحد العلماء: وهذه الجملة لا يقوى على مثلها البلغاء. وقوله عليه السلام: (فإنما ينتظر بأولكم آخركم) أي ينتظر المتقدمون منكم المتأخرين تمهيدا لقيام الساعة. نسأله تعالى أن يرزقنا حسن العاقبة إنه سميع مجيب.
أيها الأحبة، إنتهى الوقت المخصص للبرنامج نشكركم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله والسلام عليكم.