السلام عليكم أيها الأطائب...
لكم منا أطيب تحية ملؤها من الله الرحمة والبركات...
أهلاً بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج حيث ندعوكم إلى قصة أخرى من قصص الذين هداهم الله للإسلام.
وقد اخترنا لكم في هذا اللقاء قصة إسلام الأخت الألمانية (جليكه تركائي) التي أصبح إسمها زهراء، ففيها إشارة مهمة إلى فطرية التوجه إلى الدين الحق، تابعونا على بركة الله.
مستمعينا الأفاضل في سنة ۱۹٦۹ ميلادية ولدت الأخت جليكه في مدينة (برمن) الألمانية ونشأت في أسرة مسيحية، لكنها لم تجد في التعاليم المسيحية ما يستجيب لفطرتها، وتقول حفظها الله في قصتها المنشورة على عدة من المواقع الإسلامية:
(كان أبي ينظر إلى الدين بأنّه مجرّد طقوس عرفيّة، يقوم بها الإنسان مماشاة مع الوضعيّة الاجتماعيّة السائدة، ولهذا أخذني أبي وأنا صغيرة إلى التعميد، وحينما كنت في الثانية عشر من عمري سجّل اسمي في الصفوف الدينيّة التي كانت تقام في الكنيسة.
وكان مجموع عددنا في الصف ثلاثين طالبة، وكنت أنا وستّ عشرون طالبة أخرى لا نستسيغ بعض المفاهيم الدينيّة التي تلقى علينا، منها أنّ المعلّم كان يقول بأنّ الإنسان يولد وتحيط به الخطيئة التي ارتكبها آدم فلابدّ أن يعمّد الطفل لتزول هذه الخطيئة عنه، فكان وجداننا يرفض هذه الفكرة، وكنّا نقول ماذنب هذا الطفل لتلحقه لعنة الربّ نتيجة خطأ آبائه، وما ذنب الطفل الذي لا يعمّده أبواه، أو الطفل الذي يموت قبل التعميد، وبأيّ جرم يحرق هذا الطفل في نار جهنّم؟!
وكنّا نقول: أليس الله بأرحم الراحمين، وهو العطوف الرحيم.. فلماذا تنسب إليه الأفعال التي لا تتلاءم مع هذه الصفات.
وهكذا كانت تتجمّع الاستفهامات والأسئلة في أذهاننا من دون أن نجد سبيلاً إلى حلّها حتّى انتهى بنا الأمر إلى ترك الدين المسيحيّ، وأنا بدوري ألححت على والدي ليفسح لي مجال عدم الذهاب إلى هذه الصفوف، فقبل أبي ذلك، فتركت تلك الصفوف إلى غير رجعة.)
ولكن هذه النفرة من الدين بسبب ما رأته الأخت جليكه في المسيحية أوقعتها فيما بعد في الحيرة وهي تجد أسئلتها الفطرية تلح عليها طالبة الأجوبة؛ تقول أختنا الألمانية ما ترجمته:
(وبقيت على هذا المنوال حتّى بلغت الثامنة عشر من العمر، فشعرت حينها بتيه وضياع، فكنت دوماً أسأل نفسي: لأيّ هدف ولدنا؟ ومن جاء بنا إلى هذه الدنيا؟ وما هو المسار الصحيح الذي لا بدّ أن ننتهجه في الحياة.
واستمرّت بي هذه الحالة فترة طويلة حتّى تركت أثرها السلبي على نفسي فاعترتني حالة القلق والتوتّر والانهيار وأحسست بضرورة التوجّه إلى مصدر يجيب عن هذه الأسئلة لأتمكّن من إنقاذ نفسي من تأنيب الضمير ومن الألم الذي يحفّزني للبحث عن العلاج.
فتوجّهت إلى دراسة الأديان والمذاهب فطالعت كتباً عديدة حول البروتستانت والبوذيّة والمذاهب الهنديّة، فلم أجد بغيتي فيها، أمّا الإسلام فلم أقترب منه; لأنّني تأثّرت بالإعلام المضادّ للإسلام، كنت أعتبر الإسلام دين السيف والدم والعنف، ودين تحقير المرأة وكبت حرّيّاتها، ولهذا لم أجد في نفسي دافعاً تجاه هذا الدين.
وهكذا بمرور الزمن وبعد الكثير من بذل الجهد والمطالعة لم استطع الوصول إلى منهج فكريّ يشفي غليلي، ويخمد نيران اضطرابي، ويهدّىء توتري، ويسكّن آلامي، فلمّا لم أتمكّن من معالجة هذا الداء توجّهت إلى تخديره، وإزالة أثره باللهو واللعب، والالتجاء إلى ماينسيني الأفكار التي كانت تدفعني للبحث عن الحقّ فالتجأت إلى اللهو واللعب والغناء والرقص وتناول الكحول، فكنت أمضي أوقات فراغي في الديسكو لاهية لا أفكّر بشيء يكدّر صفو حياتي العابثة).
ولكن شاء الله أن يشمل هذه الأخت الألمانية برحمته فيوقد لها نبراس الهدى من حيث لا تتوقع؛ تقول أختنا جليكه:
(استمر بي الوضع على هذه الحالة حتّى صادف أن تعلّق قلبي بشابّ كان يحضر في الديسكو، عرفت أنّه غير ملتزم بالإسلام، ولكن تبيّن لي بعد ذلك أنّ أباه وأمّه عائلة ملتزمة بالدين الإسلاميّ، وبمرور الزمان اشتدّت صلتي بعائلة صديقي المسلم، فكنت أرى في سيمائهم الهدوء والطمأنينة والسكينة وكنت أُلاحظ في نفوسهم الرضا والقناعة.
فاستغربت من نفسي وقلت: لماذا لا أتمتّع أنا بالراحة النفسيّة كما يتمتّع هؤلاء رغم أنّ الكثير من أمور الرفاهية المتوفّرة عندي غير متوفّرة عندهم. ومن هذا المنطلق دفعني حبّ الاستطلاع للبحث عن الأسباب التي أدّت إلى استقرارهم النفسي. فحاولت أن أُكثر الاختلاط بهم وأن أتأمّل في سيرة حياتهم، كما كنت كثيراً ما أوجّه لهم الأسئلة التي كانت تثار في نفسي، وهكذا بالتدريج شغفت بمعرفة الفكر الإسلاميّ، فكانت خطوتي الأولى هي قراءة القرآن المترجم إلى اللغة الألمانيّة، فكنت كلّما أقرأ منه أشعر بالطمأنينة والاستقرار، وهكذا استمرّ الأمر حتّى أحسست أنّني قد وجدت ضالّتي التي كنت أبحث عنها طيلة السنوات الماضية، فكان القرآن سبباً لأتعرّف على التوحيد الخالص، ومن هذا المنطلق عرفت ربّي فتوجّهت إليه، وسألته لينقذني ممّا أنا فيه فاستجاب الله دعائي فرفع عنّي بعض الحجب التي كانت تمنع بصيرتي من رؤية الحقّ، فهنالك استقرّ بي النوى، فاعتنقت الإسلام وفق مذهب أهل البيت(عليهم السلام) وتوجّهت إلى الله بكلّ وجودي).
بقي أن نشير إلى أن الأخت الألمانية (جليكه تركائي) إختارت لنفسها بعد إسلامها إسم (زهراء) تيمناً بلقب سيدة نساء العالمين الصديقة الكبرى فاطمة، رزقنا الله وإياكم شفاعتها صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها.
اللهم آمين.. وبهذا ننهي حلقة اليوم من برنامج (أسلمت لله) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله أعمالكم ودمتم بكل خير.