السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله وبركاته، لكم منا أزكى تحية ندعوكم بها للقاء اليوم مع قصص الذين هداهم الله عزوجل لدينه الحق فأسلموا له تبارك وتعالى.
نعرض لكم في هذا اللقاء أيها الأطائب خلاصة قصة إسلام الميلياردير الإيطالي الشهير، الشهيد إدواردو آنيلي، الذي إنجذب إلى الهداية القرآنية والعدالة العلوية والبشارة المهدوية، فأسلم لله وأثار غيظ أهل الفساد والعلو في الأرض، كونوا معنا مشكورين.
مستمعينا الأكارم، حملت قصة إسلام وتشيع الدكتور إدواردو آنيلي، نموذجاً معاصراً بارزاً يثبت أن أجواء الترف والثراء مهما بلغت لا يمكن أن تمنع من وصول أنوار الهداية للمستعدين لتلقيها؛ كما أن النشأة في أجواء الترف والثراء لا يمكن أن تصد المهتدي للإستجابة الى دعوات السير على الصراط المستقيم ومهما بلغت صعابه ومشاقه، وقد كتبت عدة دراسات عن قصة هذا الدكتور الشهيد، وعن طريقة وفاته التي لا زالت أموال الذين غاضهم إهتداؤه تسعى إلى منع إزالة الغموض عن مصير هذا المؤمن المجاهد – رضوان الله عليه – .
لقد ولد الأخ إدواردو آنيلي عام ۱۳۷۳ ه (۱۹٥٤م) وهو ينتسب إلى عائلة (آنيلي) الرأسمالية الإيطالية المعروفة، وهي التي أسست معامل شركة (فيات) للسيارات منذ أكثر من مائة سنة، كما أنها تملك معامل شركة (فراري) للسيارات أيضاً، ومعامل لإنتاج طائرات الهيلكوبتر وتسيطر على عدد من البنوك، وشركات البناء، والتأمين، والألبسة، والصحف، بالإضافة إلى نادي يوفنتوس الرياضي المشهور، وقُدِّرت عائدات هذه العائلة في فترة من الزمن بستينَ مليار دولار سنوياً؛ وقد نشأ الدكتور إدواردو في قلب هذه العائلة الثرية والمتنفذة فقد كان أبوه السناتور جياني آنيلي كبير هذه العائلة والمشرف القانوني على معظم هذه الشركات، أما أمه فهي من عائلة (كارلوجي) وهم من أمراء اليهود، وقد حصل إدواردو على شهادة الدكتوراه من جامعةِ برنستون الأمريكية في قسم الأديان وفلسفة الشرق، وقد أدار لفترة قصيرة نادي يوفنتوس لكرة القدم ممّا جلب له شهرة إضافية ومحبوبية خاصة لتواضعه وأخلاقه الطيبة.
وكما تلاحظون – أيها الإخوة والأخوات – فقد نشأ الأخ إدواردو في بيئة هي ذروة ما يمكن أن يطمح له كل منبهر بالحضارة الغربية، فهو إبن واحدة من أثرى العوائل الرأسمالية الغربية وتهيأت له جميع العوامل أن يصبح أحد نجوم الحياة الغربية البارزين خاصة مع المؤهلات الدراسية والأخلاقية التي حصل عليها، لكنه أعرض عن كل ذلك عندما إنفتح على أنوار الهداية القرآنية ليبدأ تجربة الإستقامة على الصراط المستقيم.
أيها الأكارم، في سنة ۱۳۹۳ ه (۱۹۷٤ م) و عندما كان يدرس "إدواردو آنيلي" في الجامعة بمدينة نيويورك، اختار أن يعتنق الإسلام تأثّراً بكتاب الله العزيز، حيث تناول القرآن من أحد رفوف المكتبة وبدأ بقرائته فأحسّ أنّ هذا الكتاب يختلف عن غيره من الكتب وأنّه لا يمكن أن يكون من كلام البشر، وأنّه كلام إلهي نوراني، وكلّما واصل القراءة ازداد اعتقاده به فأعلن إسلامه واختار لنفسه اسم: هشام عزيز، وحيث أنّه كان يدرس الأديان في دراسته الجامعية فلم يترك مطالعاته وبحوثه، وقد تأثّر كثيراً بشخصية الإمام علي(عليه السلام) واختار أن يكون من مواليه وشيعته، فاعتقد بولاية المعصومين الاثني عشر من أهل البيت(عليهم السلام)، وسمّى نفسه (مهدي) تيمناً باسم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
وقد واجه "إدواردو" مشاكل كثيرة بعد إسلامه، وحاولت أُسرته بكل الوسائل أن تردّه عن دينه، ووصل بها الأمر أن تحرمه من الإرث المقدّر بمليارات الدولارات وأن تسلب منه حق إدارة الشركات التابعة للعائلة في حالة وفاة والده، وكان ذلك حقّه الطبيعي حسب القوانين لانّه الذكر الوحيد من أولاد أبيه، كما أُتّهم بالجنون وتناول المواد المخدرة وأُدخل مستشفى الأمراض العقلية بالإجبار.
لم يستسلم "إدواردو" لهذه الضغوط وواصل طريقه فهدى الكثيرين إلى الإسلام وسافر إلى بلدان عديدة في الشرق والغرب، وأُتيحت له الفرصة لزيارة الإمام الرضا(عليه السلام) في إيران، وكان يرى أنّ من واجبه الدفاع عن الإسلام والمسلمين في كُلّ أنحاء العالم، وخاصة إيطاليا التي تبقى له فيها بعض الوجاهة رغم إسلامه فدافع عن الإسلام بشكل عملي بالمشاركة في الندوات التلفزيونية والمقابلات الصحفية، كما أنقذ بعض المسلمين من السجن ودافع عنهم في المحاكم.
كان "إدواردو" عميق الإيمان بدينه، يحبُّ القرآن كثيراً، يقرؤه في الليل، ويدرسه في النهار مع أصدقائه بقراءة التفاسير، والتأمّل في معاني الآيات، ساعياً أن يكون على بصيرة من دينه، وجاهداً أن يكون مصداقاً للتمسّك بالثقلين. كان يحب دراسة اللغة العربية، ويتمنى دراسة العلوم الدينية في الحوزات العلمية إلاّ أن المنية عاجلته ولم تسمح له بتحقيق هاتين الأمنيتين.
وهكذا مستمعينا الأفاضل، فإن صدق التمسك بالثقلين نقل الدكتور إدواردو آنيلي إلى مراتب سامية من الإستقامة على الصراط المستقيم أثارت غيظ الدوائر المعادية للإسلام فأقدمت على جريمة إغتياله، لتكون الشهادة المظلومة في سبيل الله مسك ختام رحلته في البحث عن الحقيقة في تاريخ ۱٥ تشرين الثاني سنة ۲۰۰۰ ميلادية، عثر على جثة "ادواردو" تحت جسر (فرانكو رومانو) في إيطاليا في حادث مشكوك يلفه الغموض، ودفن بمقبرة العائلة في قرية (فيلار روزا) وفق مراسم مسيحية!!
وينقل أصدقاؤه أنّه كان قد صرّح لهم بأن اليهود سيقتلونه للتخلّص منه، لأنّهم رأوا فيه خطراً عليهم خاصة إذا سمحت له الأيام بتولي قيادة عائلة (آنيلي) بأموالهم الكثيرة، ويقوّي هذا الأمر أنّ مجلس شركة فيات أختار ابن أخت "إدواردو" المتولّد من أب يهودي لإدارتها حيث يكون مرشّحاً تلقائياً للاشراف على كلّ الشركات بعد وفاة جده ولإدارة أموال هذه الشركة!!
مستمعينا الأكارم، كان هذا ملخص قصة إعتناق الإسلام من قبل الميلياردر الإيطالي الدكتور الشهيد إدواردو آنيلي عرضناها لكم في حلقة اليوم من برنامج (أسلمت لله) من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران تقبلوا منا خالص التحيات وفي أمان الله.