السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم ومرحباً في حلقة اليوم من هذا البرنامج الذي خصصناه لإستعراض قصص الذين أسلموا لله عزوجل باعتناقهم أكمل رسالاته السماوية الإسلام المحمدي النقي.
ومن هؤلاء الأخت الألمانية (تانيا بولينغ) المولودة سنة ۱۹۷٦ ميلادية، وقد إعتنقت الإسلام في مسجد الإمام علي – عليه السلام – في مدينة (هامبورغ) سنة (۱۹۹۱) وهي في ريعان الشباب بعد أن وجدت في الإسلام النور الذي ينقذها من ظلمات الحضارة المادية الغربية ويعرفها بذاتها وفطرتها التي قاست الأمرين من متاهات الضياع الفكري والقيمي والأخلاقي والعائلي.
وهذا ما تعرفنا عليه في جوانب من قصتها المنشورة بترجمتها العربية على الموقع الإلكتروني لمركز الأبحاث العقائدية، وقد نقلناها لكم في حلقة سابقة من برنامج (أسلمت لله)... وننقل لكم هنا جوانب أخرى تتمحور على بيان دوافع هذه الأخت لإعتناق الإسلام، فكونوا معنا مشكورين.
أيها الأكارم، قوة القيم الإسلامية في الإستجابة للتطلعات الفطرية لدى مختلف أفراد البشر بمختلف إنتماءاتهم القومية والدينية، كانت من العوامل المهمة التي جذبت هذه الأخت الألمانية للإسلام فأدركت أنه دين الفطرة، تقول الأخت (تانيا): (سنحت لي فرصة دفعني خلالها فضولي للذهاب إلى مسجد الإمام علي – عليه السلام – في هامبورغ، فتحدثت وتحاورت بما لا بأس به مع عدد من الإخوة والأخوات الذين إجتمعوا هناك وهم من شعوب مختلفة، ومضت فترة لكن منطق وقوة حجة ودليل المسلمين لم يمكن ذهني من التحرر من أسر قيودها وهيمنتها عليه.. وشيئاً فشيئاً أخذ عقلي وروحي يستسلمان وينقادان لأفكار وعقائد المسلمين حتى وصل الحال إلى أني بدأت أشعر إني أيضاً مسلمة مثلهم!).
وهكذا شعرت أختنا الألمانية بقوة حاكمية القيم الإسلامية على العلاقات بين المؤمنين على أساس تكريم الإنسان بما هو إنسان بغض النظر عن جنسيته وقوميته، فالتفاضل هو على أساس التقوى والتسامح والمحبة والعفو والتعاون هي المعالم الأساسية التي تحكم العلاقات بينهم، وهذا ما كان له شديد الأثر على قلب الأخت (تانيا) التي قاست من القيم المادية البشعة التي تحكم العلاقات الإجتماعية في ظل الحضارة الغربية، تقول هذه الأخت ما ترجمته:
(مما استحوذ على اهتمامي في الإسلام هو العلاقة المعنوية للمسلمين مع ربهم وعلاقتهم الصميمة فيما بينهم وأفراد أسرهم وتوادهم ووجود الهدفية في الحياة عندهم، وتضامنهم الذي لا يعرف حدوداً، سواء على الصعيد العنصري أو القومي أو الإنتماء الجغرافي، إضافة إلى تمسكهم بدينهم واعتقادهم الراسخ بالقضايا العقائدية.
إن المسلمين أخذوا هذه الأمور من الإسلام نفسه، وهم يمارسون حياتهم اليومية إلى حد ما وفق ذلك، وبالطبع فإنني لو كنت قد التقيت بمسلمين غرباء عن دينهم وإسلامهم لما كنت قد ركنت إلى الإسلام).
وهكذا تلخص الأخت تانيا بولينغ أهم الدوافع التي حفزتها على اعتناق الدين الإسلامي وانتهاج خط أهل البيت (عليهم السلام) بما يلي:
۱- علاقة المسلمين مع ربهم، فهم على إتصال دائم به سبحانه.
۲- علاقات المسلمين الصميمية فيما بينهم، وقوة بنائهم العائلي.
۳- وجود ووضوح الهدف في حياتهم، فلا ضياع ولا هامشية عندهم.
٤- تضامن الأمة الإسلامية غير محدود بعنصر أو إنتماء.
٥- إنهم يمارسون حياتهم بغير انعزال – كما تصوره تعاليمهم – فهم إجتماعيون لأن دينهم يعتني بالمجتمع بصورة فائقة.
هذه هي العوامل التي جذبت أختنا الألمانية للإسلام أما الذي جعلها تستقيم على صراطه المستقيم وتنور قلبها بقيمه، فهو ما تحدثنا عنه قائلةً ما ترجمته:
(إنني اكتسبت من القرآن وأحاديث الرسول وأهل البيت (عليهم السلام) كل ما يتمناه المرء في دينه، ولو أنني فقدت وخسرت كل شيء في حالة إسلامي! لكنني في مقابل ذلك وجدت نفسي وكسبت ذاتي، فقد كنت أجد كلَّ شيء إلّا الله! ومع ذلك كنت أشعر بالضياع والحيرة.
واليوم وبعد أن عثرت على ذاتي التي فقدتها منذ عشرين عاماً وعرفت ربي الذي كنت عنه غريبة بالمرة، حصلت على كل شيء بل وكل ما أريد بفضل الإسلام، فحصلت على الحرية المعنوية، كما حصلت على إخوة وأخوات في الله في كل مكان، في هامبورغ وألمانيا، بل في العالم قاطبة والأهم من كل ذلك أنني عثرت على رسالة الله إلى الإنسانية، التي بعثها منذ قرون متمادية، وعثرت عليها في خزانة كنوز التاريخ، فأخذتها وكانت أعظم رأس مال في حياتي، أجل لقد طويت ليل العشرين عاماً من عمري عبر طلوع فجر يوم جديد، بحيث منحتني شمس الإسلام الدفء، وبعثت في نفسي النشاط والحيوية بعد سبات شتائي طويل إمتد لسنوات طوال.. وعلى الرغم مما أعيشه من وحدة ظاهرية ومشاكل كثيرة مع عائلتي بسبب تشرفي بالإسلام، إلا أنني لا زلت أعيش مع والدي ووالدتي، وبالطبع كانت فيما بيننا طيلة هذه الفترة مساجلات ونقاشات عديدة، لكنهما أدركا أنني جادة في انتمائي للإسلام، وهو ما قلل إلى حد كبير شدة النزاعات فيما بيننا وأضحى والدي ووالدتي يستحسنان في واقع الأمر أخلاقي وشخصيتي الإسلامية على نحو هو أفضل مما كانت عليه تصرفاتي في السابق).
كانت هذه، مستمعينا الأفاضل، مقاطع من قصة الأخت الألمانية (تانيا بولينغ) في اعتناق الدين الحق عرضناها لكم في حلقة اليوم من برنامج (أسلمت لله) إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.