السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله وبركاته، على بركة الله نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج، ومع قصة أخرى من قصص الذين جذبتهم روحانية الإسلام إلى رحاب الحياة التوحيدية الطيبة.
أيها الإخوة والأخوات، في هذا اللقاء نقضي دقائق مع قصة إعتناق الكاتبة والإعلامية البريطانية السيدة لورين بوث شقيقة زوجة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وفي هذه القصة دروس مهمة تزيد المعرفة بخصوصيات الدين الإلهي الحق، تابعونا مشكورين.
في شهر أيلول من سنة ألفين وعشرة للميلاد، أعلنت السيدة لورين بوث إعتناقها للإسلام وقد تجمعت دموع الشوق في عينيها وعلت وجهها إبتسامة مشرقة وهي تقبل ضريح السيدة الجليلة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى الكاظم عليه السلام.
لقد إختارت هذه السيدة البريطانية وهي في بداية عقدها الخامس، حرم السيدة المعصومة محلاً لإعلان إعتناقها للإسلام، لكي توجه رسالة إلى من سيصدمه خبر إسلامها من زملائها في كبريات الصحف البريطانية التي كتبت فيها كالجارديان وغيرها، رسالة بينة تقول أن الإسلام هو الدين الحق الذي أنجب مؤمنات بلغن من السمو والروحانية والرفعة ما جعل مشاهدهن المشرفة مركزاً للإِشعاع الإيماني على مدى أكثر من ألف ومئتي عام.
هذه الرسالة هي التي فصلت السيدة لورين بوث الحديث عنها، في مقال كتبته تحت عنوان (الآن وقد أصبحت مسلمة، فلماذا كل هذه الصدمة والصخب) ونشرته بتأريخ ۲۳/اكتوبر/۲۰۱۰ قالت في بدايته:
لا يتطرق إلي الشك في أن الإسلام هو من أجل الحياة؛ هناك الكثير في الإسلام الذي يمكن أن أتعلمه وأستمتع به، وفي الأيام القليلة الماضية سمعت من نساء أخريات تحولن إلى الإسلام، وقلن لي أن هذه هي البداية فقط وأنهن ما زلن يحببن الإسلام بعد عشرة أو عشرين عاماً على إسلامهن.
مرت خمس سنوات منذ زيارتي الأولى لفلسطين، وعندما وصلت إلى المنطقة للعمل مع جمعيات خيرية في غزة والضفة الغربية، كنت أحمل معي كل غطرسة التعالي التي تحملها كل نساء الطبقة الوسطى من البيض (سراً أو علناً) تجاه النساء المسلمات الفقيرات وكإمرأة غربية تتمتع بكل الحريات، كنت أتوقع أن أتعامل في الناحية المهنية مع رجال فقط.
إن صرخات الفزع الزائف التي سمعتها الأسبوع الماضي من زملائي من الكتّاب لدى سماعهم عن تحولي إلى الإسلام تثبت أن هذا ما زال هو النظرة النمطية تجاه نصف بليون إمرأة يعتنقن حالياً الإسلام.
وفي رحلتي الأولى إلى رام الله، وفي كثير من الرحلات التالية لها وإلى فلسطين ومصر والأردن ولبنان، كنت فعلاً أتعامل مع رجال في السلطة وقد كان لواحد أو إثنين من هؤلاء تلك اللحى المخيفة التي نراها في نشرات الأخبار من أماكن نائية من تلك الأماكن التي قصفناها فمزقناها قطعاً صغيرة.
وكان الأمر المثير للدهشة (بالنسبة لي) أنني تعاملت أيضاً مع كثير من النساء من كل الأعمار، في كل أنواع أغطية الرأس، كنّ أيضاً يتقلدن مناصب في السلطة وصدق أو لا تصدق، "يمكن" أن تكون المرأة المسلمة متعلمة وأن تعمل لنفس الساعات المهلكة التي نعملها.. هل يكفيكم هذا للتعالي؟ آمل ذلك، لأن تحولي إلى الإسلام كان مبرراً لمعلقين ساخرين لتكديس مثل هذه الآراء المتعالية تجاه النساء المسلمات في كل مكان.
وهكذا، مستمعينا الأفاضل، نلاحظ أن المنزلة السامية الكريمة التي أعطاها الإسلام للمرأة، كانت العامل الأول الذي جذب هذه السيدة التي ترعرعت في إحدى أهم الحواضر الغربية وتشبعت بقيمها المادية من جهة وتشويهاتها الواسعة للإسلام خاصة فيما يرتبط بالقيود المزعومة التي فرضها على المرأة والنشاط النسوي، إذ عرفت أن الأحكام الإسلامية الخاصة بالمرأة ليست قيوداً وإنما وسائل لإبعاد الإمتهان عنها وفتح آفاق النشاط التكاملي السليم أمامها.
وبطبيعة الحال، فإن الأخت لورين بوث لم تغفل الرد عن شبهات المعترضين على الإسلام وعلى إعتناقها له بالتنويه إلى أن الأحكام الإلهية شيء والممارسات العملية لبعض أدعياء الإسلام شيء آخر.
أما العامل الثاني الذي جذب هذه الإعلامية البريطانية للإسلام، فهو السكينة والطمأنينة الروحية والإستقرار النفسي الذي يوجده في نفوس الملتزمين به، وهذا ما يشعر الغربيون بعميق الحاجة إليه ولم تستطع كل آليات الحضارة الغربية توفيره لهم؛ وهذا ما نلمسه في تتمة حديث هذه الأخت في تتمة كلامها.
دعونا جميعاً نأخذ نفساً عميقاً وسأقدم لكم لمحة عن عالم الإسلام في القرن الحادي والعشرين، بالطبع لا يمكننا التغاضي عن الطريقة المفزعة التي تتم معاملة النساء بها على يد الرجال في كثير من المدن والثقافات، سواء كان بها سكان مسلمين أو لم يكن، إن النساء اللاتي تتم إساءة معاملتهن على يد أقاربهن من الذكور يسيء إليهن رجال، وليس الله.. لقد إنحرفت كثير من الممارسات والقوانين في البلاد الإسلامية عن أصول الإسلام، بل ربما أصبحت غير ذات صلة بها بالمرة، ونرى الممارسات في المقابل ترتكز على عادات وتقاليد ثقافية وموروثة (ونعم، يوجهها الذكور) تم حقنها في هذه المجتمعات على سبيل المثال، لا يسمح للنساء بقيادة السيارات في أحد الدول المسلمة بحكم القانون وهذا القانون هو من إختراع تلك الدولة، التي هي حليف حميم لحكومتنا في تجارة الأسلحة والنفط، للأسف فإن النضال من أجل حقوق المرأة يجب أن يتوافق مع مصالح حكومتنا.
لقد بدأت مسيرتي الخاصة إلى الإسلام بيقظة أدركت فيها الفجوة بين ما تم تغذيتي به عن حياة كل المسلمين وبين الواقع.. بدأت أتساءل عن المطمأنينة التي تظلل الكثير من الأخوات والأخوة.
وأثناء زيارتي إلى ايران في سبتمبر الفائت، ذكرتني مشاهد الوضوء والركوع والتكبير في المسجد الذي زرته بنظرة الغرب تجاه دين مختلف كلياً؛ دين لا يدعو إلى العنف ويبشر بالسلام والحب من خلال التأمل الهادئ، دين آخر يجذب النجوم مثل ريتشارد جير، دين لم يكن الواحد يجد حرجاً أو خوفاً من الإعتراف باعتناقه وهو البوذية، إن الركوع والسجود في صلاة المسلمين كان مشبعاً بالأمن والطمأنينة والسلام، فكل واحد يبدأ صلاته باسم الرحمان الرحيم وينهيها بـ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
أيها الإخوة والأخوات، هذه القوة الروحانية الهائلة في التعاليم الإسلامية كانت العامل الذي أوجد في الكاتبة والإعلامية البريطانية تحولات لم تكن تتوقع يوماً أنها ستصل إليها، فأنقذتها مما كانت تقاسي منه وإعانتها على الإلتزام بما لم تكن تقدر على الإلتزام به من قبل وهذا ما تحدثنا عنه الأخت لورين بوث في تتمة مقالها ولكن الوقت المخصص للقاء اليوم من برنامج (أسلمت لله) قد إنتهى.
لذلك نترك متابعة قصتها إلى الحلقة المقبلة بإذن الله ولكم دوماً من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص التحيات والدعوات دمتم بألف خير وفي أمان الله.