غير أنّ مبادرة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، الذي زار الرهائن في مقر احتجازهم أمام عدسات الإعلام، شكّلت رداً ذكياً وحاسماً على هذه الدعاية، إذ أتاحت للرهائن أنفسهم تأكيد المعاملة الإنسانية التي تلقّوها، موجّهة بذلك ضربة قوية للحرب النفسية الغربية.

وأكد قائد الثورة الإسلامية، في كلمته أمام آلاف الطلبة والجامعيين وأُسر الشهداء، أن حادثة اقتحام السفارة الأمريكية تمثل "حدثاً تاريخياً وصانعاً للوعي"، مشيراً إلى أن نفي الإمام الخميني عام 1964 واستشهاد الطلبة عام 1978 وقعا في اليوم نفسه، غير أن ما غيّر مسار التاريخ هو تسخير وكر التجسس الأمريكي، الذي جسّد روح الاستقلال والمقاومة في وجه نظام الهيمنة.
الإمام الخميني (قدس سره) وصف الحادثة بأنها "الثورة الثانية"، لأنها كشفت للعالم الوجه الحقيقي للولايات المتحدة، وأظهرت بالمقابل الهوية الأصيلة للثورة الإسلامية.
وفي تلك الفترة، نقل آية الله الخامنئي رسالة الثورة إلى العالم الإسلامي من خلال مشاركته في بعثة الحج الثورية، مؤكداً أن الحج يجب أن يكون ساحة لوحدة المسلمين ومواجهة المستكبرين، لا مجرد شعيرة شكلية.
وقد روى سماحته لاحقاً تفاصيل سماعه خبر اقتحام السفارة أثناء وجوده في مكة المكرمة، قائلاً: "شعرنا في البداية بالقلق، لكن ما إن علمنا أن منفذي العملية هم الطلبة المسلمون أتباع خط الإمام، اطمأنّ قلبنا، وعرفنا أن الثورة ما زالت تمضي على نهجها الصحيح."
ورغم الضغوط الغربية ومحاولات بعض الجهات الداخلية التشكيك في مشروعية العملية، أكد الإمام الخميني دعمه الكامل للطلبة الثوريين، فيما تولّى آية الله الخامنئي توضيح الموقف الإيراني والدفاع عنه بجرأة، وأعلن في خطبة يوم عاشوراء عام 1358 هـ.ش: «اليوم، جلاد هذا الشعب يحظى بدعم الحكومة الأمريكية، ولن يغفر له الشعب أبداً».
وبعد تصاعد الجدل حول مصير الرهائن، أصدر الإمام الخميني أمراً بإطلاق سراح النساء والسود، في خطوة إنسانية نزعَت الذرائع من يد واشنطن. ثم جاء حضور آية الله السيد الخامنئي بين الرهائن أمام الكاميرات ليقلب المعادلة الإعلامية رأساً على عقب.
وفي خضمّ الضغوط الأمريكية، زار آية الله السيد علي الخامنئي وهاشمي رفسنجاني وبني صدر الإمام الخميني في قم لاستشارته بشأن مصير الرهائن، فقال لهم الإمام بحزم: «هل تخافون من أمريكا؟»، فأجابوا بالنفي، فقال: «إذن، لا تطلقوا سراحهم».
وبعد 444 يوماً من الصمود، أُجبرت إدارة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر على التراجع، لتتحقق هزيمة سياسية مدوية لواشنطن. وقد التزمت الولايات المتحدة حينها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية والإفراج عن الأموال المجمدة، لكنها – كما يؤكد القائد الأسبق للحرس الثوري جواد منصوري – لم تفِ بأيٍّ من تعهداتها الأربعة.