وقال سماحته، خلال لقائه آلاف الطلاب والطالبات في حسينية الإمام الخميني (رضوان الله عليه) بطهران بمناسبة يوم الله 13 آبان، ذكرى الاستيلاء على السفارة الأمريكية ان السفارة الأمريكية كانت آنذاك مركزاً للتآمر ضد الثورة الإسلامية، ومن الخطأ القول إن مشكلتنا مع أمريكا بدأت في 13 آبان، أو أن اقتحام السفارة كان مجرد رد فعل على أحداث ذلك اليوم.
وأوضح قائد الثورة الاسلامية أن هذا الحدث التاريخي العظيم كشف الوجه الحقيقي للحكومة الأمريكية وأظهر طبيعتها العدوانية والاستكبارية تجاه الشعب الإيراني والأمة الإسلامية.
وأشار سماحته إلى أن يوم 13 آبان يمثل يوماً للفخر والانتصار في التاريخ الإيراني، ويجب أن يبقى راسخاً في الذاكرة الوطنية كرمز للصمود أمام الهيمنة والاستكبار العالمي.
وأكّد قائد الثورة أن العدوانية الأمريكية المستمرة ضد شعب إيران على مدى السنوات التي تلت انتصار الثورة تشكّل دليلاً على صحة مقولة الإمام الخميني قدس سره: «هر چه فرياد داريد بر سر آمريكا بكشيد» (اصرخوا في وجه أمريكا بكل ما أوتيتم من قوة).
وأضاف سماحته أن عداوة واشنطن لم تكن لفظية فحسب، بل تجسّدت في ما أمكنها من عقوبات ومؤامرات ودعم لأعداء الجمهورية الإسلامية، وتحفيز صدام لشنّ الحرب على إيران وتقديم دعم شامل له، وإسقاط الطائرة المدنية الإيرانية التي كانت على متنها ٣٠٠ راكب، وحملة دعائية شرسة، ومحاولات ضرب مصالح الشعب الإيراني عبر اعتداءات عسكرية مباشرة.
وأكد أن طبيعة الاستكبار الأمريكي لا تتوافق مع روح الاستقلال والحرية التي حملتها الثورة الإسلامية، وأن الخلاف بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية ليس خلافاً تكتيكياً عابراً بل خلافٌ جوهري في المصالح والقيم.
وصف سماحته من يزعمون أن شعار «الموت لأمريكا» هو سبب عداوة واشنطن مع إيران بأنهم يكتبون التاريخ على نحوٍ معكوس، موضحاً أن هذا الشعار ليس السبب الذي يدفع أمريكا لمواجهة شعبنا، بل أن جوهر المشكلة يكمن في التعارض الفطري بين المصالح.
ورداً على سؤال بعض الأشخاص: «لم نقبل بالاستسلام أمام أمريكا، فهل يعني ذلك أننا سنظلّ دون علاقة معها للأبد؟» قال قائد الثورة إن الطبيعة الاستكبارية لأمريكا لا تقبل إلا بالخضوع، وهو ما سعى إليه رؤساء أمريكيون سابقون دون أن يصرّحوا به، بينما أعلنه الرئيس الأمريكي الحالي صراحة، كاشفاً عن حقيقتها.
ووصف سماحته توقع استسلام شعب إيران، في ظلّ إمكاناته من قوة وثروة وخبرة فكرية وشباب واعٍ ومتحفّز، بأنه أمرٌ لا معنى له، مضيفاً أنه لا يمكن التكهّن بمستقبل بعيد، لكن الواقع الحالي يؤكّد أن حلّ كثير من المشكلات يكمن في تعزيز قوّة البلاد.
وشدّد على ضرورة تقوية الدولة في جميع المجالات؛ فالحكومة مطالبة بالعمل بحزم في اختصاصاتها، والقوات المسلحة بالعمل بجهد في الشأن العسكري، والشباب بالاجتهاد في التعليم والعمل العلمي، لأن قوّة الدولة تجعل العدو يحسب ألف حساب قبل أي اعتداء أو مواجهة، ويحول دون حصوله على منفعة من الإقدام على مواجهة هذا الشعب القوي، بل سيجني الخسارة. لذا فالقوة العسكرية والعلمية والإدارية وروح الشباب ضرورية.
وبشأن تصريحات بعض الأمريكيين عن رغبتهم في التعاون مع إيران، أكّد قائد الثورة أن التعاون مع إيران لا يمكن أن يتوافق مع استمرار دعم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني الملعون. واعتبر استمرار دعم واشنطن لـ«إسرائيل» رغم فضائحها وإدانتِها في الرأي العام العالمي أمراً يجعل أي طلب تعاون مع إيران بلا معنى وغير مقبول. وأردف أن الأمر قد يصبح قابلاً للنقاش فقط إذا تخلى الأمريكيون تمامًا عن دعم «إسرائيل»، وسحبوا قواعدهم العسكرية من المنطقة، ووقفوا تدخلاتهم — وهو أمر لا ينطبق على الوضع الراهن ولا على المستقبل القريب.
ودعا سماحته الشباب إلى زيادة المعرفة والاطلاع على القضايا السياسية الأساسية لليوم والأمس والغد عبر تشكيل حلقات معرفية ومراجعة الأحداث المرة والحلوة، مؤكّداً أن تقدّم العلم في البلاد أمر ضروري. ولاحظ أن مسيرة التقدّم العلمي كانت قوية قبل سنوات لكنّها شهدت بعض التباطؤ، وحثّ مسؤولي الجامعات والباحثين والطلاب على عدم السماح بانخفاض وتيرة التقدّم العلمي.
وأشار قائد الثورة إلى تقدمٍ مستمر في قوة البلاد العسكرية، قائلاً إن القطاع العسكري، بتوفيق الله، يعمل ليل نهار ويتقدّم، وسيواصل التقدّم ليبرهن أن شعب إيران أمة قوية لا تذعن لها أي قوة ولا تُركع.
كما أوصى الشباب بالاقتداء العملي بسلوك واستقامة سيدة النساء عالمين فاطمة الزهراء وسيدة الصبر زينب (عليهما السلام)، ودعَا إلى ترغيب المحيطين بهم في التعلم والاقتداء بهما.
واختتم سماحته بالتركيز على أهمية الصلاة المقبولة لدى عباد الله الصالحين، واعتبار الحجاب مسألة دينية وزهرائية وزينبية، والالتصاق بالقرآن بقراءته اليومية والحفاظ على الصلة بالمعنويات، معتبراً أن الشاب في هذا الزمن المليء بالتحديات يمكنه أن يقول بحقّ «الموت لأمريكا» ويواجه قوى الطغيان إذا كان قويًا داخليًا ودينيًا ومؤمنًا ومتوكلاً على قدرة الله.
ويُعد يوم 13 آبان في إيران يوماً وطنياً يجسد مقاومة الشعب الإيراني ضد السياسات الأمريكية، ويُحييه الإيرانيون سنوياً بمسيرات جماهيرية في مختلف أنحاء البلاد تأكيداً على التمسك بمبادئ الثورة الإسلامية ونهج الإمام الخميني (قدس سره).