وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم - مستمعينا الافاضل- ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين أن تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الأعزاء: لقد كان من السمات القيادية في سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوة شخصيته وبعد تأثيرها في النفوس، فبقدر ما كانت شخصيته شخصية عسكرية منضبطة ومهابة كان يحظى بالود والاجلال من جنوده واتباعه، وأدل شيء على تميزه في هذا العنصر الحيوي ما ذكره الامام علي (عليه السلام) قال: «اذا تكلم أطرق جلساؤه كأن على رؤوسهم الطير واذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده الحديث».
وكان من أساليب الرسول (صلى الله عليه وآله) في الاقناع ما قاله للأنصار بعد معركة حنين فانه اجزل العطاء من الغنائم للمؤلفة قلوبهم ولغيرهم من مسلمي ما بعد الفتح في حين أصاب الأنصار منها القليل فغضبوا وقال قائلهم: لقي رسول الله قومه، فبلغ قولهم الرسول (صلى الله عليه وآله) فجمعهم وقام فيهم خطيباً فحمد الله وأثنى اليه ثم قال: يا معشر الأنصار، ما مقالة بلغتني عنكم وموجدة وجدتموها؟ اني سائلكم عن امر فأجيبوني، ألستم كنتم ضلالاً فهداكم الله بي؟ ألم تكونوا على شفا حفرة من النار فانقذكم الله بي؟ ألم تكونوا قليلاً فكثركم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟ واعداءً فألف قلوبكم بي؟
قالوا: بلى والله، فلله ولرسوله المن والفضل.
فقال (صلى الله عليه وآله): ألا تجيبوني بم عندكم؟
قالوا: بم نجيبك فداك آباؤنا وأمهاتنا؟ قد اجبناك بأن لك الفضل والمن والطول علينا.
قال (صلى الله عليه وآله): أما لو شئتم لقلتم فصدقتم، وأنت قد جئتنا مكذباً فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك وطريداً فآويناك وخائفاً فأمناك، وعائلاً فآسيناك.
فارتفعت اصوات الأنصار بالبكاء وقاموا معتذرين يقبلون يديه ورجليه قائلين: رضينا بالله وعنه وبرسوله وعنه وهذه اموالنا بين يديك فان شئت فاقسمها على قومك وانما قال من قال منا على غير وغر صدر وغل في قلب، ولكنهم ظنوا سخطاً عليهم وتقصيراً بهم، وقد استغفروا الله من ذنوبهم فاستغفر لهم يا رسول الله.
فقال (صلى الله عليه وآله): «اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار، يا معشر الأنصار» أما ترضون أن يرجع غيركم بالثناء والنعم ورجعتم انتم وفي سهمكم رسول الله؟
قالوا: رضينا بالله رباً وبرسوله قسماً.
*******
لقد تميز الامام الحسين (عليه السلام) كباقي المعصومين (عليهم السلام) بقول كلمة الحق ودحض الباطل بالمنطق السليم والحجة الدامغة فها هو عبد الله بن عمرو بن العاص وقد رأى الحسين (عليه السلام) فقال: من احب ان ينظر الى احب اهل الأرض الى أهل السماء فلينظر الى هذا المجتاز، وما كلمته منذ ليالي - حرب- صفين فأتى به ابو سعيد الخدري الى الحسين (عليه السلام).
فقال له الامام الحسين (عليه السلام): أتعلم أني احب اهل الأرض الى اهل السماء وتقاتلني وابي يوم صفين، والله ان ابي لخير مني؟
فاستعذر وقال: ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال لي: أطع أباك! وابوه - مستمعي الكريم- عمرو بن العاص كان ذلك الثعلب الماكر الذي هندس للبيت الأموي ظلمهم وفسادهم وهل يأمر النبي بطاعة هذا الخبيث المفسد في الأرض؟!
الا ان عبد الله بن العاص لم يكن يعرف حقيقة الحسين (عليه السلام) المتصلة بحقيقة جده محمد (صلى الله عليه وآله) لذلك انطفأ ناكصاً رأسه حينما رد عليه الامام الحسين (عليه السلام) قائلاً: أما سمعت قول الله تعالى: «وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما».
وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): انما الطاعة في المعروف.
وقوله: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
اجل - مستمعي العزيز- ان منطق النفاق متهافت من داخله ولذا فهو يتساقط كأوراق الخريف عندما تهب رياح المنطق الحسيني الجارف. ان منطق الحسين (عليه السلام) القرآن والأحاديث النبوية ومنطق المنافقين الكذب والدجل، وما كتب الله لهذا المنطق الا الزهوق.
*******
ونختم البرنامج باشارة موجزة الى بعض صفات وعلامات الامام علي بن الحسين (عليه السلام)، فأما لقبه - السجاد- فقد ورد في بيانه عن الرسول (صلى الله عليه وآله) قوله: «انه ما ذكر لله نعمة الا وسجد، ولا قرأ آيةً من كتاب الله عزوجل فيها لفظ السجدة الا وسجد، ولا دفع الله عنه شراً يخشاه الا وسجد ولا وفق لاصلاح ذات البين الا وسجد حتى حصلت في مواضع سجوده ثفنات».
واما سبب تسميته بذي الثفنات فان مواضع سجوده كانت غليظة. وكان (عليه السلام) اذا توضأ اصفر لونه وجلاً من الله تعالى واذا فرغ من وضوئه وتهيأ لصلاته او توجه اليها اخذته رعدة ونفضة وخشية، واذا قام في صلاته غشي لونه لون آخر.
ختاماً - أيها الأحبة الكرام- نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم.
*******