وصلى الله على خاتم انبيائه ورسله محمد المصطفى وعلى آله الابرار ...
السلام عليكم ـ ايها الافاضل ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان من اخلاق الامام علي بن ابي طالب(ع) الخشية من الله تبارك وتعالى وقد روى المؤرخون صوراً من ذلك منها: ان ضراراً وصف لمعاوية ما رآه من انابة الامام(ع) الى الله تعالى وخشيته منه قائلاً: لو رأيته في محرابه وقد ارخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قابض على لحيته يتململ تململ السليم "والسليم هو الذي لدغته الحية" ويبكي بكاء الحزين وهو يقول: (يا دنيا، اليَّ تعرضتِ ام اليَّ تشوقتِ؟ هيهات هيهات، لا حاجة لي فيك ابنتك ثلاثاً لا رجعة لي عليك)، ثم يقول(ع): (آهٍ آهٍ لبعد السفر وقلة الزاد وخشونة الطريق) وانبهر معاوية "على الرغم من عدائه لامير المؤمنين" وراح يقول: حسبك يا ضرار، كذلك والله كان علي.
وروى نوف البكالي شدة خشية الامام علي(ع) من الله تعالى وعظيم انابته، فكان يصلي الليل كله ويخرج ساعة بعد ساعة فينظر الى السماء ثم يتلو القرآن، فمر بي فقال لي: (يانوف اراقد انت ام رامق)؟ فقلت: بل رامق ارمقك ببصري يا امير المؤمنين، فألتفت اليَّ وقال: (يا نوف، طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة اولئك الذين اتخذوا الارض بساطاً وترابها فراشاً وماءها طيباً والقرآن دثاراً والدعاء شعاراً وقرضوا من الدنيا تقريضاً على منهاج عيسى بن مريم، ان الله عز وجل اوحى الى عيسى بن مريم: قل للملأ من بني اسرائيل لا يدخلوا بيتاً من بيوتي الا بقلوب طاهرة وابصار خاشعة واكف نقية، وقل لهم اعلموا اني غير مستجيب لاحد منكم دعوة من خلقي في قلبه مظلمة).
وروى ابو جعفر الباقر(ع) قال: دخلت على ابي علي بن الحسين(ع) فاذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه احد قد اصفر لونه من السهر ورمضت عيناه من البكاء ودبرت جبهته وانخرم انفه من السجود وورمت ساقاه وقدماه من الصلاة قال ابو جعفر(ع): فلم املك نفسي حين رأيته بتلك الحالة وهو يبكي، فبكيت رحمة له فالتفت الي فقال: اعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن ابي طالب فاعطيته فقرأ شيئاً يسيراً ثم تركها من يده وقال: من يقوى على عبادة علي بن ابي طالب.
مستمعينا الكرام ـ لقد كان من مكارم اخلاق الامام الحسين(ع) التواضع ومجافاة الانانية والكبرياء وقد ورث هذه الظاهرة الشريفة من جده رسول الله(ص) وابيه امير المؤمنين(ع) ومن امثلة تواضعه: انه مر بمساكين يأكلون في "الصفة" فدعوه الى تناول الطعام معهم فنزل عن راحلته وشاركهم في الغذاء ثم قال لهم: قد اجبتكم فأجيبوني، فأجابوا وحملهم الى منزله فاطعمهم وكساهم وامر لهم بدراهم ومر(ع) بفقراء يأكلون من اموال الصدقة فسلم عليهم فدعوه الى طعامهم فجلس معهم وقال لهم: لو لا انه صدقة لاكلت معكم، ثم دعاهم الى منزله فاطعمهم وكساهم وامر لهم بشيء من المال.
اجل مستمعي الكريم ـ لقد كان الامام الحسين(ع) يخالط الفقراء ويجالسهم ويفيض عليهم بالبر والاحسان حتى لا يتبيغ بالفقير فقره ولا يبطر الغني ثراؤه.
مستمعينا الاعزاء ـ اما الامام زين العابدين السجاد(ع) فقد كان من احب الامور اليه انعاش الفقراء وتبديل حياتهم من البؤس والحرمان الى السعة والرخاء وكان(ع) يقول: ما من رجل تصدق على مسكين مستضعف فدعا له المسكين بشيء في تلك الساعة الا استجيب له. وقد روى المؤرخون ان الامام(ع) كان يلبس افخر الثياب في الشتاء فاذا جاء الصيف تصدق بها او باعها وتصدق بثمنها وكان يلبس في الصيف ثوبين من متاع مصر ويتصدق بهما اذا جاء الشتاء وكان(ع) يقول: اني لاستحي من ربي ان آكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه.
وروي ايضاً ان زين العابدين(ع) كان يتصدق بما يحب، وانه كان يتصدق باللوز والسكر فسئل عن ذلك فتلا قوله تعالى: «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون» (آل عمران، 92).
وروى المؤرخون انه(ع) كان يعجبه العنب وكان صائماً فقدمت له جاريته عنقوداً من العنب في وقت الافطار فجاء سائل فأمر بدفعه اليه، فبعثت الجارية من اشتراه منه، وقدمته الى الامام فطرق سائل آخر الباب فأمر بدفع العنقود اليه فبعثت الجارية من اشتراه منه، وقدمته للامام، وطرق سائل ثالث فدفعه الامام السجاد(ع) اليه.
نعم ـ مستمعي الكريم ـ لقد ضارع الامام السجاد(ع) بهذه السجية آباءه العظام(ع) الذين قدموا قوتهم ثلاثة ايام متوالية وهم صائمون الى المسكين واليتيم والاسير فانزل الله في حقهم سورة (هل اتى) التي بقيت وسام شرف لهم على امتداد الزمن حتى يرث الله تعالى الارض ومن عليها.
وختاماً ـ ايها الاحبة الكرام ـ شكراً لكم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء سائلين الباري عز وجل ان يمن عليكم بالصحة والسعادة ودوام التوفيق انه سميع مجيب. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******