وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ...
السلام عليكم ـ مستمعينا الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في هذا اللقاء المتجدد معكم آملين ان تقضوا مع فقرات البرنامج وقتاً طيباً ومفيداً...
مستمعينا الكرام ـ لقد كان من معالي اخلاق المصطفى(ص) التواضع وقد روى المؤرخون صوراً رائعة من تواضعه كان منها ما رواه عدي بن حاتم قال: دخلت على رسول الله(ص) وهو في المسجد فسلمت عليه فقال: من الرجل؟ قلت: عدي بن حاتم فقام فانطلق بي الى بيته ... ويستمر عدي بن حاتم في روايته قائلاً: فلقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاستوقفته فوقف(ص) طويلاً وهي تكلمه في حاجتها فقلت والله ما هذا بملك، ثم مضى بي الى بيته فتناول وسادة من ادم محشوة ليفاً فقدمها لي وقال: اجلس عليها، فقلت: بل انت اجلس عليها، فقال: بل انت فجلست عليها وجلس هو على الارض، فقلت في نفسي: والله ما هذا بملك.
وكانت هذه ـ مستمعي الكريم ـ طبيعته(ص) في الابتعاد عن جميع مظاهر التكبر على الناس.
وروي ايضاً في تواضع النبي(ص) انه زار سعد بن عبادة فلما انصرف عنه قدم له سعد حماراً وامر ابنه قيساً بمصاحبته، فقال له النبي(ص): اركب معي، فابى قيس فقال له النبي: اما ان تركب واما ان تنصرف، لقد كره ـ صلوات الله عليه ـ ان يركب وقيس يمشي خلفه فان في ذلك اظهاراً للتكبر والتعالي على الآخرين وهو ينفر من ذلك.
والآن ـ مستمعينا الافاضل ـ ننتقل الى حفيد رسول الله(ص) الامام الحسن(ع) الذي كان متميزاً بالحلم وسعة الصدر كجده وابيه "عليهم الصلاة والسلام" وكان يقابل المسيء بالعفو والاحسان ومن آيات حلمه انه مر بالامام(ع) شخص من اهل الشام ممن خدعهم معاوية وغذاهم بالكراهية والحق على اهل البيت(ع) ... فقابل ذلك الرجل الامام بالسب والشتم وهو ساكت لا يرد عليه شيء، وبعد فراغه من ذلك قابله الامام(ع) بابتسامة فياضة بالبشر قائلاً له: ايها الشيخ اظنك غريباً، لو سالتنا اعطيناك، ولو استرشدتنا ارشدناك ولو استحملتنا حملناك، وان كنت جائعاً اطعمناك، وان كنت محتاجاً اغنيناك، وان كنت طريداً آويناك. وما زال الامام الحسن(ع) يلاطف الرجل الشامي بناعم القول وطيب الكلام حتى ذهل الرجل ولم يطق جواباً، وبقي حائراً كيف يعتذر للامام ويمحو ما اقترفه من ذنب وراح يقول: الله اعلم حيث يجعل رسالته فيمن يشاء، وفي رواية اخرى ورد ان الشامي انصرف وهو يقول: والله ما على وجه الارض احب الي منه.
مستمعينا الاعزاء ـ وفي ختام البرنامج نذكركم قبساً من اخلاق الامام علي بن الحسين السجاد(ع) في الجود والكرم حيث نقل الرواة ان محمداً بن اسامة بن زيد مرض فعاده الامام(ع) ولما استقر به المجلس اجهش محمد بالبكاء، فقال له الامام(ع) ما يبكيك؟ قال: عليَّ دين، فقال الامام، كم هو؟ قال: خمسة عشر الف دينار فقال الامام: هي عليَّ، ولم يقم الامام(ع) من مجلسه حتى دفعها له وقد ازال همه ووفى دينه، وقبله حدثت نفس المكرمة مع ابيه اسامة ... حيث دخل عليه الامام الحسين(ع) عائداً له في مرضه فشكى اليه دينه البالغ مئة الف دينار فسددها الامام(ع) ودفعها له في نفس الوقت.
وقبل ان نودعكم ـ ايها الاحبة الاكارم ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******