مستمعينا الافاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً...
مستمعينا الاعزاء ـ كان امام المتقين علي(ع) احلم الناس بعد رسول الله(ص) اكثرهم كظماً للغيظ كان يقابل المسيء بالصفح والاحسان ليقلع روح الشر من نفسه.
وقد ذكر الرواة بوادر كثيرة من حلمه(ع) تنم عن نفسه العظيمة التي خلقها الباري تعالى لتكون مشكاة نور لعباده تهديهم للتي هي اقوم.
فيمن عظيم حلمه(ع) انه بعد ما ظفر بعائشة ومثيري فتنة حرب الجمل كمروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير وغيرهم من الذين اشعلوا نار الحرب واعلنوا التمرد والعصيان المسلح على حكومته عفا عنهم جميعاً وسرح عائشة سراحاً جميلاً وجهزها جهازاً حسناً، وهكذا كانت سيرته(ع) الصفح والاحسان لمن اساء اليه. ومن عظيم صفحه وحلمه ان معاوية لما زحف لحرب الامام في صفين استولت قواته على نهر الفرات وحينما طلب الامام منهم ان يسمحوا لجيشه بالتزود من الماء امتنعوا من اجابته وقالوا: لا والله ولا قطرة حتى تموت ظمئاً كما مات ابن عفان.
فأمر الامام القوات بطردهم عن الفرات فهاجموهم وهزموهم فانبرى بعض اصحاب الامام قائلين: يا امير المؤمنين امنعهم الماء كما منعوك ولا تسقهم منه قطرة واحدة واقتلهم بسيف العطش وخذهم قبضاً بالايدي فلا حاجة لك في الحرب.
وامتنع الامام(ع) من اجابتهم وقال: لا والله لا اكافئهم بمثل فعلهم، افسحوا لهم عن الشريعة ففي حد السيف ما يغني عن ذلك.
واما الان مستمعينا الكرام ـ ننتقل الى امام آخر من الائمة الهداة المعصومين وهو ابو جعفر محمد الباقر(ع) ونذكر قبساً من سيرته الطاهرة واخلاقه الحميدة ومنها الزهد في الدنيا والاعراض عن جميع مباهجها وزينتها فلم يتخذ الرياش في داره وانما كان يفرش الحصير في مجلسه.
حدث جابر بن يزيد الجعفي عن زهد الامام قال: قال لي محمد بن علي بن الحسين(ع): "يا جابر اني لمحزون، واني لمنشغل القلب"، فانبرى جابر قائلاً: ما حزنك وما شغل قلبك؟ فأجابه الباقر(ع): (يا جابر ان من دخل قلبه صافي دين الله عز وجل شغله عما سواه، يا جابر ما الدنيا وما على ان تكون؟ هل هي الا مركب ركبته او ثوب لبسته او امرأة اصبتها).
وهكذا عزف الباقر(ع) عن الدنيا وطلقها كأجداده الطيبين الطاهرين.
مستمعينا الاعزاء ـ واما امامنا محمد الجواد(ع) فقد كان من معالي اخلاقه الاحسان الى الناس والبر بهم، وذكر المؤرخون بوادر كثيرة من احسانه كان منها ما رواه احمد بن زكريا الصيدلاني عن رجل من بني حنيفة من اهالي بست وسجستان، قال: رافقت ابا جعفر في السنة التي حج فيها في اول خلافة المعتصم فقلت له وانا على المائدة ان والينا جعلت فداك يتوادكم اهل البيت ويحبكم، وعلي في ديوانه خراج فان رأيت جعلت فداك ان تكتب اليه بالاحسان الي.
علم الامام عليه السلام بان هذا الخراج قد فرض على الرجل ظلماً فكتب عليه السلام الى الوالي قائلاً بعد البسملة والحمد: اما بعد فان موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً وهو مذهب اهل البيت وان مالك من عملك الا ما احسنت فيه فاحسن الى اخوانك واعلم ان الله تعالى سائلك عن مثاقيل الذرة والخردل.
ولما اقفل الرجل عائداً الى وطنه وعلم الوالي برسالة الامام(ع) له اسرع اليه واستلم الرسالة وقبلها وسأله عن حاجته فاخبره بها فقال له لا تؤد لي خراجاً ما دام لي عمل، ثم امر له بصلة له ولعياله، وظل الرجل لا يؤد الخراج ما دام الوالي موجوداً كما انه لم يقطع عنه صلته، كل ذلك بلطف الله تعالى الذي منَّ على عباده بهكذا ائمة.
وفي ختام البرنامج نشكركم ايها الاحبة على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم.
*******