وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الاطهار...
السلام عليكم ـ مستمعينا الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم في برنامجكم هذا حيث ننهل من ذلك المعين الذي لا ينضب، معين اهل بيت النبوة(ع)، الذين اذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً نأمل ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الاكارم ـ من صفات النبي(ص) الحلم فقد كان من احلم الناس ولا يغضب على من اساء اليه الا اذا انتهكت حرمات الله تعالى فانه يقابل ذلك بشدة.
ومن آيات حلمه ان ذا الخويصرة وهو من الجفاة الذين ملئت نفوسهم بالحرص والجهل جاء الى النبي(ص) وهو يقسم الاموال فقال له: يا رسول الله اعدل فاجابه النبي(ص) ويحك فمن يعدل اذا لم اعدل لقد خبت وخسرت ان لم اكن اعدل. ولم يقابله النبي(ص) الا بالعفو والاحسان واعطى بذلك مثلاً لاصحابه ليقتدوا بسيرته المباركة.
ومن آيات حلمه(ص) انه عفى عن الد اعدائه وهم عتاة قريش الذين قابلوه بالحرب والاعتداء عليه وعلى من آمن به وشنوا عليه الحرب بلا هوادة، ولما خرج من مكة قادوا الجيوش للقضاء عليه واطفاء نور الاسلام. ولما فتح الله تعالى له الفتح المبين، وحرر مكة وقد ايقن اهلها بالانتقام منهم لكنه(ص) عفا عنهم وقال لهم: اذهبوا فانتم الطلقاء، وكان ذلك آية من آيات نبله وسمو اخلاقه، فلم يقابلهم بالمثل.
وننتقل الآن ـ مستمعينا الكرام ـ الى علم من اعلام اهل البيت(ع) وهو الامام موسى الكاظم(ع) الذي قام بدور ايجابي ومتميز بنشر الثقافة الاسلامية واشاعة الاخلاق الفاضلة بين الناس وكان من بين خصائصه ومميزاته كظمه للغيظ ومقابلته للاساءة بالاحسان والذنب بالعفو حتى لقب بالكاظم وهو من اشهر القابه.
وكان من معالي اخلاقه(ع) الاحسان الى الناس وقضاء حوائجهم ونذكر مثالاً على ذلك: فقد كان احد الاشخاص من اهالي الري مديناً للحكومة باموال طائلة لا يستطيع تسديدها وقد هدته الهموم في كيفية الخلاص، وحين علم ان حاكم الري من شيعة الامام الكاظم(ع) قرر السفر الى المدينة المنورة للقاء الامام عله يحل مشكلته، وبالفعل سافر والتقى بالامام وعرض عليه محنته، واستجاب له الامام(ع) وزوده برسالة الى حاكم الري جاء فيها بعد البسملة: "اعلم ان الله تعالى تحت عرشه ظلاً لا يسكنه الا من اسدى سروراً، وهذا اخوك والسلام". واخذ الرجل الرسالة وجد في السير حتى انتهى الى الري وقصد الحاكم ليلاً فخرج اليه غلامه فقال له: من انت؟ فأجابه: رسول الصابر موسى، فهرع الغلام الى مولاه واخبره بذلك فخرج الحاكم حافي القدمين فعانقه وقبل ما بين عينيه واخذ يسأله عن حال الامام، ثم ناوله رسالة الامام فجعل الحاكم يوسعها تقبيلاً، ولما قرأها استدعى بامواله وثيابه فقاسمه في جميعها، واعطاه قيمة ما لا يقبل القسمة وهو يقول: يا اخي هل سررتك؟
فاجابه الرجل: أي والله وزدت على ذلك.
ثم استدعى حاكم الري السجل فشطب جميع الديون التي على الرجل واعطاه براءة منها وخرج من عنده وقد غمرته الافراح والمسرات ورأ ان يجازيه على احسانه فيمضي الى بيت الله الحرام ويدعو له ويخبر الامام الكاظم(ع) بما اسداه له من المعروف والاحسان ولما اقبل موسم الحج مضى اليه ودعا للحاكم في البيت الحرام ثم مضى الى المدينة فالتقى بالامام(ع) واخبره بما اسداه له الحاكم من البر واللطف فسر الامام سروراً بالغاً فقال الرجل للامام(ع): يا مولاي هل سرك ذلك؟ فقال(ع): (أي والله لقد سرني وسر امير المؤمنين، والله لقد سر جدي رسول الله(ص) ولقد سر الله تعالى).
وقد دلت هذه البادرة وبوادر اخرى كثيرة على مدى اهتمام الامام(ع) بقضاء حوائج الناس والاحسان اليهم.
وفي الختام نشكركم ـ ايها الاعزاء ـ على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******