موضوع البرنامج:
شرح فقرة: "اللهم اني أسألك بأسمك يا جليل يا جميل يا وكيل"
نحن الآن مع مقطع جديد من دعاء (الجوشن الكبير) وهو المقطع القائل: (اللهم اني اسالك باسمك يا جليل يا جميل يا وكيل ...).
ونبدأ لنحدثك عن صفتي (جليل) و (جميل)، فماذا نستخلص منهما؟
من الممكن ان نحدثك عن هاتين الصفتين بنحو عام، ونحدثك عنهما بنحو خاص، أمّا النحو العامّ فيمكن تذكيرك بأنّ علماء الكلام طالما يشيدون الى صفتين رئيسيتين، هما: الصفات الجمالية والصفات الجلالية.
وهاتان الصفتان عامّتان تندرج ضمن كل واحدة منهما مجموعة صفات.
فالصفات الجمالية يقصد بها: الكمال الذي يسم عظمة الله تعالى مثل: الارادة والعلم والقدرة.
وامّا الصفات الجلالية فيقصد بها: الصفات التي يجلّ وينزّه تعالى عنها، وهي أية صفة لا تتناسب وكمال الله تعالى..
والآن مع معرفتنا بالصفتين اللتين يتّسم الله تعالى بإحداهما وينزّه عن الاخرى. حينئذ يجدر بنا ان نقف عند الدلالة الثانوية لما هو امر جميل وجليل، اي: الصفات الجمالية والجلالية. فماذا نستلهم منهما؟
بالنسبة الى صفة (يا جليل) يمكن الذهاب الى ان المقصود من ذلك هو:
العظمة بحيث يتداعى الذهن منها الى عظمة الشأن وما يرتبط به من الصفات التي لا حظناها في المعنى العام للجليل، اي: جلال القدرة والارادة والعلم.
وامّا بالنسبة الى (يا جميل) فان الذهن لينصرف الى كل ما يتّسم بالحسن، وبما هو انبهار وهيبة وعجب، انه ينسحب على ما هو إحسان وحسن ولطف ومعروف، انه باختصار ضدّ ما هو قبيح مع اتسامه بالكمال الذي يتفرّد به تعالى.
بعد ذلك نواجه عبارة (يا وكيل)، فماذا نستلهم منها؟
يشير المعنيون بأسماء الله الحسنى الى أنّ الوكيل هو: المعتمد او الملجأ والمتوكّل عليه، ومنه: التكفّل بأرزاق العباد والقائم عليهم بمصالحهم.
ولعلّ النص القرآني الكريم القائل «حسبنا الله ونعم الوكيل» يشير بوضوح الى انه تعالى يكفي عبده بكل ما يوكل اليه.
بعدها نواجه عبارة: (يا كفيل) وهي عبارة لعلها تتجانس مع (وكيل)، فيما يتعيّن علينا توضيح ذلك، فنقول: الكفيل يتجانس مع معنى الوكيل من حيث كونه يعني: أن الله تعالى يتكفّل بأمور عباده أي يقوم بها وبذلك يتجانس المعنيان او الدلالتان.
ولكنّنا من جانب آخر يمكننا الذهاب الى أنّ الكفالة تعني: الضمان بمعنى ان الشخص - في تجربتنا اليومية- اذا كفل شخصاً آخر فانه يعني ضمن عنه بالمال، او اعانه وأنفق عليه.
فاذا نقلنا الدلالة المتقدمة الى الدلالة التوحيدية فحينئذ تعني ان الله تعالى يضمن لعباده كل ماهو لصالحهم في مختلف شؤونهم، انه تعالى يتكفّل بإعالتهم أي بمساعدتهم وإقصاء الاذى والشدائد عنهم.
بعد ذلك نواجه عبارة: (يا دليل) وهذه الصفة لا نحسب ان احداً منا يجهل دلالتها، إنها تتداعى بالذهن الى ان الله تعالى يدلنا على كل ما هو هدى، على كل ما هو خير، على كل ما لصالحنا من أمور دنيانا وآخرتنا.
ان الله تعالى - وهو رحمة لا حدود لها- يهدي عبده اذا ضلّ طريقه العبادي، وايضاً مطلق مسيرته في حياته، من هنا فإن الصفة المذكورة تظل من الاسماء التي ينبغي ان نردّدها في ألسنتنا وقلوبنا، ومنها: العبارة العرفانية القائلة: (يا دليل المتحيرين) حيث تعني انها: تزيح القلق والتوتر والحيرة عن الشخصية.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ما هو خير، ويدلنّا على ما يحقق مرضاته تعالى، ويوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.