البث المباشر

شرح فقرة: "يا عدّتي عند شدّتي ويا رجائي عند مصيبتي..."

الأربعاء 24 إبريل 2019 - 12:01 بتوقيت طهران

( الحلقة 35 )

موضوع البرنامج:

شرح فقرة: "يا عدّتي عند شدّتي ويا رجائي عند مصيبتي..."

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة وما تتضّمنه من المعرفة العقائدية والاخلاقية والفقهية ومنها: الدعاء الموسوم بـ(الجوشن الكبير) حيث حدثناك عن بعض مقاطعه ونحدثك الآن عن مقطع بدأ بالعبارات الآتية، وهي: (يا عدّتي عند شدّتي يا رجائي عند مصيبتي يا مؤنسي عند وحشتي...).
السؤال الآن هو: ماذا نستلهم من العبارات المتقدمة مع وضوحها في الغالب؟
نعتقد أن امثلة هذه العبارات مع كونها متسمة بما هو واضح وهو أنّ الله تعالى يتكفّل بمساعدة عبده، بيد أنّ نمط ما يعانيه الانسان ونمط الكفالة من الله تعالى والرعاية لعبده: تتفاوت في دلالاتها وهو امر يحتاج الى التوضيح.
العبارة الاولى تقول: (يا عدّتي عند شدّتي) وأما العبارة الثانية فتقول: (يا رجائي عند مصيبتي).
والسؤال هو: مالفارق مثلاً بين (الشدّة) و (المصيبة) وما الفارق بين (العدّة) و (الرجاء)؟ وهكذا مع سائر العبارات التي نواجهها في مقطع الدعاء الذي نتحدّث عنه؟
هذا ما نبدأ بتوضيحه فنقول عبارة: (يا عدّتي عند شدّتي) تعني درجة من المساعدة ونمطاً من متاعب الحياة تفترق في مستوياتها عن عبارة: (يا رجائي عند مصيبتي) وهذا يتطلب منا اولاً توضيحاً للمفردات الواردة في المقطع.
المفردة الأولى تقرّر (يا عدّتي)، والعدّة هي ما يعدّه الانسان مثلاً من سلاح او مؤونة وما يماثلها من القوة التي يستعين بها في الدفاع عن مشكلاته مثلاً، وأما (الشدّة) فهي: مطلق المشكلات أو المتاعب التي يعاني منها الانسان.
فاذا نقلنا هذه الاستخلاصات الدلالية المرتبطة بسلوك الانسان في تعامله مع (العدّة) التي يتقوىّ بها الى تعملنا مع الله تعالى في مساعدتنا حينئذ نخلص الى ما يأتي:
إن الله تعالى هو (القوة) التي نستعين بها في الدفاع عن شدائد الحياة التي تهجمنا ومصطلح (الشدّة) كما قلنا ينسحب على كل ما هو (تعب) او (كدر) او (صعوبة) نعاني منها: بغضّ النظر عن نمطها فقد تكون (الشدّة) فقراً، او مرضاً، او فقدان أمن او ماشابه، وفي أمثلة هذه الحالات فأن الله تعالى هو ما يعدّنا بكل ما هو مقاوم للحالات المذكورة: إنه (سلاح) نعتمد عليه في الدفاع عن الشدّائد المذكورة.
وإذا اتّجهنا الى العبارة الثانية وهي: (يا رجائي عند مصيبتي) فماذا تفترق عن الاولى؟
الجواب: العبارة الثانية تشترك مع الاولى في أنهما يحومان على معنىً هو: أن الله تعالى يسعفنا في ما نواجه من متاعب الحياة ولكنّ الفارق هو من الدقة بمكان، كيف ذلك؟
(الرجاء) هو: (غير العدّة)، كيف ذلك؟
العدّة هي: ما يخزنه الانسان او يعدّه للدفاع عن النفس، أما الرجاء فهو: الامل الذي نحلم به في مواجهتنا للمتاعب حيث (ترجو) او (تأمل) من الله تعالى أن يساعدك في الحالة التي تعاني منها اي: أنها طلب الى الله تعالى بالمساعدة بينما (العدّة) هي السلاح المعدّ للمساعدة.
وهذا هو الفارق بين الرجاء والعدّة. ولكن مالفرق بين (الشدّة) و (المصيبة)؟
في تصورنا أن (الشدّة) كما قلنا هي مطلق المصائب المتنوعة أما (المصيبة) فهي واحدة من الشدّائد اي: بما أن الله تعالى هو(عدّة) للشدّائد المتنوعة فإنه (رجاء) لشدّة خاصة هي (المصيبة) اي: ما يصيبك مثلاً والعياذ بالله تعالى فهو حالة طارئة وليس من حالات متنوعة.
إذن الدعاء قد انتقل من مطلق المتاعب وتدرّج الى واحدة منها حتى يثبت لنا أنه تعالى في الحالات جميعاً: شديدها وخفيفها هو في عون عبده. 
اذن أدركنا جانباً من الفارق بين: الشدّة والمصيبة وبين العدّة والرجاء سائلين الله تعالى أن يعيننا في الحالات جميعاً وأن يوفّقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة