البث المباشر

شرح فقرة: "يا ذا العفو والرضاء، يا ذا المنّ والعطاء، يا ذا الفصل والقضاء..."

الأربعاء 24 إبريل 2019 - 11:43 بتوقيت طهران

( الحلقة 28 )

موضوع البرنامج:

شرح فقرة: "يا ذا العفو والرضاء، يا ذا المنّ والعطاء، يا ذا الفصل والقضاء..."

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء(الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه: (يا ذا الحمد والثناء) الى ان يقول: (يا ذا العفو والرضاء، يا ذا المنّ والعطاء، يا ذا الفصل والقضاء...). 
والآن نحدثك عن العبارة الاولى اولاً، وهي: (يا ذا العفو والرضاء) وهذا ما نبدأ به: من الواضح لديك، ان العفو والرضا مفهومان يرتبطان بالتجاوز عن السيئة، كل ما في الامر ان التجاوز عن السيئة في ميدان السلوك البشري مثلاً يتمثل في انماط متنوعة، فاذا اساء احد الاشخاص اليك، فحينئذ: اما ان تغض النظر عن ذلك بنحو لا ترتب عقاباً على الشخص، او مكظم غيظك فحسب، او تحسن اليه، وهذه الانماط من التجاوز نحدثك عنها في لقاءات لاحقة لاحقة بحسب ما يرد فيها من النصوص، فهناك مصطلح مثل (العفو) ومثل (الصفح) ومثل (المغفرة) ونحو ذلك، كلها تعبر عن التجاوز عن السيئة، ولكنها ـ في الآن ذاته ـ هناك فوارق دلالية بينها لا مجال الآن للحديث عنها ويغنينا الآن ان نحدثك عن (العفو) ثم عن (الرضا): كما ورد في مقطع الدعاء، ونبدأ ذلك بالحديث عن (العفو)، فماذا نستلهم من هذه العبارة؟ 
لقد ورد في القران الكريم ما يأتي: «وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا» وهذا يعني ثمة فوارق بين العفو والصفح والمغفرة، لذلك ينبغي ان نحصر حديثنا الآن عن (العفو) ونتساءل عن دلالة هذه العبارة، فماذا نستلهم منها؟ 
يمكن الاستشهاد في هذا الميدان بظاهرة الاثار التي يتركها مشيك على ارض رملية، حيث يترك المشي آثار القدم على الرمال، فاذا جاءت الرياح مثلاً او تقادم نجد ان اثر المشي قد زال ولا علامة على ذلك، هنا، فان العفو عن السيئة تتماثل مع زوال اثر المشي، اي: ان السيئة قد عُفىِّ أثرها بحيث لا يترتب عقاباً عليها، وهذا ما نستلهمه من عبارة (يا ذا العفو)، اي: ان الله تعالى لا يرتب عقاباً على السيئة من العبد: رحمة ً منه وتفضلاً ولكن السؤال هو: هنالك عفو مثلاً عن السيئة، مع ملاحظة الكراهة: كما هو ملاحظ في الاحكام الشرعية التي تحدد حينا ً بما هو محرّم ، وحيناً بما هو مكروه، وهكذا. 
من هنا نجد ان العبارة الثانية في الدعاء المذكور تقول: (يا ذا العفو والرضا)، اي: يجئ (الرضا) تعبيراً ثانياً عن التجاوز عن السيئة، فما الفارق بين (العفو) وبين (الرضا)، اي يجئ (الرضا) تعبيراً ثانياً عن التجاوز عن السيئة، فما الفارق بين (العفو) وبين (الرضا)؟ 
الفارق هو: ان (العفو) - كما قلنا ـ يعني: عدم ترتب العقاب على السيئة،... واما (الرضا) فيعني: تفضلاً من الله تعالى ورحمة اكثر من العفو، اي: ان الله تعالى (يرضى) عن عبده الذي صدرت السيئة عنه: تعبيراً عن مزيد من رحمته التي لا حدود لها. 
اذن اتضح لنا بجلاء معنى العبارة القائلة: (يا ذا العفو والرضا) من حيث اشتراكهما في الدلالة المتمثلة في ظاهرة التجاوز عن السيئة، ومن افتراق العبارتين من جانب آخر، حيث ان الاولى وهي العفو تعني: عدم ترتب العقاب، والاخرى وهي الرضا تعني ما هو اكبر من التجاوز ألا وهو رضاه تعالى عن عبده. 
بعد ذلك نواجه عبارة: (يا ذا المن والعطاء) وهي عبارة تترتب على سابقتها، اي (يا ذا العفو والرضاء) حيث نحدثك عنها ان شاء الله تعالى في لقاء لاحق. ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى طاعته، والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة