البث المباشر

شرح فقرة: "يا من إنقاد كل شيء من خشيته..."

الثلاثاء 23 إبريل 2019 - 22:03 بتوقيت طهران

( الحلقة 19 )

موضوع البرنامج:

شرح فقرة: "يا من إنقاد كل شيء من خشيته..."

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء (الجوشن الكبير)، حيث يتضمن مائة فقرة، كل واحدة منها تتضمن عشر اسماء او عشرصفات من اسماء الله تعالى وصفاته، وقد حدثناك عن المقطع او الفقرة السادسة من ذلك، وانتهينا الى العبارة الاتية، ومنها: (يا من انقاد كل شيء من خشيته، يا من تشققت الجبال من مخافته،...)، ويعنينا الآن ان نحدثك عن هاتين العبارتين. فماذا نستخلص منهما؟
ان الملفت للنظر اولاً هو: ان هاتين العبارتين، اي: (يا من انقاد كل شيء من خشيته) و (يا من تشققت الجبال من مخافته)، تضمان مصطلحين هما (الخشية) و (المخافة)، والملفت للنظر ثانيا هو: ايراد (الجبال) دون غيرها موضوعا للمخافة من الله تعالى، فما هو السر الكامن وراء هاتين الظاهرتين؟ 
بالنسبة الى (الخشية) و (الخوف) نتساءل اولاً: ما هو العنصر المشترك بينهما، ثم: ما هو الفارق بينهما؟ 
ان البشر العاديين يستخدمان الكلمتين المذكورتين بمعنى واحد، ولكن المعنيين بالبلاغة يفرقون بينهما.
تتفق الكلمتان (الخشية) و (الخوف) في دلالالة مشتركة هي: الحذر من الشيء، ولكن تفرقان في دلالالة خاصة في نفس الوقت ولنتشهد اولاً بنص اعجازي هو القران الكريم حيث يقول «يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ»، فهنا عليك ان تلاحظ هاتين الكلمتين اللتين جاءت اولاً هما بعبارة (الخشية) والثانية بعبارة (المخافة)، وهذا يعني وجود الفارق بينهما لبداهة ان النص القرآني هو قمة الكلام البليغ، ولا يستخدم العبارات المترادفة في ان واحد والامر بالنسبة الى كلام المعصومين (عليهم السلام) يتسم بالعصمة من الخطا ومن الفضول، وفي ضوء هذه الحقيقة نتقدم الى توضيح الفارق بين العبارتين المتقدمتين، فنقول: تذكر المصادر اللغوية بان (الخوف) عنه ما يطلق عن الكلام فانه يعني: الحذر من الشيء المقرن بالشدائد السلبية: كالحذر من الموت او العقاب او اية شدة مادية او سلبية واما (الخشية) فانها تعني: الحذر من الشيء المقرن بما هو شدة معنوية: كالحذر من الله تعالى ليس من عقابه فحسب، بل من اجل انه تعالى يتسم بالعظمة، وهذا من نحو ما اشار المعصومين عليهم السلام اليه عندما اوضحوا بان الاحرار يعبدون الله تعالى لانه اهل للعبادة، مقابل العبيد الذين يعبدون الله تعالى خوفاً من عقابه. 
واذن الخشية والخوف يفرقان في دلالتهما من حيث ان اولهما: يجسد تعظيما لله تعالى، والآخر يجسد المخافة من عقاب الله تعالى. 
وفي ضوء هذه الحقيقة تتساءل عن معنى الاية التي ذكرناها وهي عبارة «يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ». 
قبل ان نجيبك عن السؤال المتقدم، ينبغي لفت نظرك الى اشكالية هي: اذا كان المؤمن او التقي يخشى الله تعالى بمعنى: يتقي عظمته اي: نظرا لعمق معرفته بنظم الله تعالى فانه يتهيب منه ويرتعد ويرتجف كالسعفة حيال الله تعالى، حينئذ كيف يتوافق هذا المعنى مع الآية التي تقول بان المؤمنين «يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ»؟
اي ان الخشية والخوف يجتمعان عند صنف من المؤمنين، بمعنى انهم يخشون الله تعالى لعظمته، ويخافون من عقابه في ان واحد، وهذا يتضارب مع الراي الذاهب الى ان الاحرار يعبدون الله تعالى ليس خوفاً من عقابه او طمعاً بجنته، بل لانه اهل للعبادة؟
الجواب: بما ان الاجابة تتطلب شيئا من التوضيح لذلك نفيدك بذلك في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
ختاماً نساله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة