موضوع البرنامج:
شرح فقرة: "يا وليّ الحسنات، يا غافر الخطيئات، يا معطي المسئلات..."
نواصل حديثنا عن الادعية، ومنها: الدعاء المعروف ب(الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن بداية مقاطعه، متمثلة في المقطع الثاني، وانتهينا منه الى عبارة (يا ولّي الحسنات) مع تذكرك بان الدعاء ينطوي على (۱۰۰) فقرة، كل واحدة تنطوي على (۱۰) عبارات او اسماء من اسماء الله تعالى،... واليك الان هذه الاسماء، ومنها (يا وليّ الحسنات، يا غافر الخطيئات، يا معطي المسألات...). ونبدأ بأولها، وهو (يا وليّ الحسنات).
عبارة (يا وليّ الحسنات) تتداعى بالذهن الى جملة دلالات، الا ان الدلالة الاقرب الى الذهن هي: انه تعالى يلي امر الحسنات، اي: يتولى الحسنة اما بمعنى هو: انه تعالى صاحب الحسنات: تساوياً مع قوله تعالى (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)، او بمعني انه تعالى يحسن الى عباده. وفي الحالتين، فأن الحسنة من الله تعالى.
بعد ذلك نواجه عبارة (يا غافر الخطيئات)، وهي فقرة لو قارنّاها مع العبارة السابقة، ونعني بها (يا ولي الحسنات).
لامكننا ان نتبين الرابطة بينهما، ألا وهي: انه تعالى صاحب (الحسنات) ويقابله العبد وهو اي العبد صاحب (الخطيئات) فتكون الفسحة: التقابل بين حسنة الله تعالى وخطيئة العبد.
من جانب آخر انه تعالى يتولى الحسنة ويرعاها،.. ويتغاضى عن السيئة او الخطيئة فيمحوها. اذن هو تعالى مع رعاية الحسنة ومحو السيئة.
ثم نواجه عبارة (يا معطي المسألات)... هذه العبارة امتداد لما يسبقها من الموضوعات... فقد لاحظنا انه تعالى يتولى الحسنة ويمحو السيئة، ويتوّج ذلك بأنجاز الحاجات، اي: بعد ان يتولى الحسنة او ينميها، يمسح السيئة ويعفيها، ثم يردف ذلك بعطاء جديد هو: تحقيق طموحات العبد الجديدة وهي حاجاته التي ينتظر تحققها من الله تعالى.
ونواجه عبارة جديدة هي (يا قابل التوبات)... هنا نلفت النظر الى تقابل جديد بين العبارة الحالية (يا قابل التوبات) وبين العبارة السابقة (يا معطي المسألات)، فكما لاحظنا مقابلة بين تولية الحسنة ومحو السيئة، نلاحظ تقابلاً بين اعطاء المسألة وقبول التوبة، ونحسبك هنا تتسائل قائلا ً: كيف ذلك؟
ونجيب: اعطاء المسئلة او تحقيق الامل لدى العبد ينبغي ان يقابله العبد بالطاعة، ولكن رحمة الله تعالى من السعة بحيث يمنح العبد ما يتطلع اليه حتى مع اساءة العبد، ليس ذلك فحسب بل ان يتقبل اساءة العبد من خلال توبته من الاساءة السابقة، وهذا هو منتهى ما نتصوره من العطاء او الرحمة، اي انه تعالى يقبل عذر عبده المسئ، بعد ان يمنحه العطاء الجديد، انه تعالى يعطي العبد ما يتطلع اليه، ويساعد فيما صدر من العبد.
بعد ذلك نواجه عبارات ثلاثاً هي: (يا سامع الاصوات، يا عالم الخفيات، يادافع البليات)، وبها يُختتم المقطع الثاني من دعاء الجوشن.
والسؤال الان هو: ما هي العلاقة بين هذه السمات او الاسماء المتقدمة؟
الجواب: لقد كانت العبارة التي حدثناك عنها تفصيلا ً وهي (يا قابل التوبات) تعني: انه يتقبل توبة العبد فيصبح بعدها نظيفا ً من الاساءة او الخطيئة..
بعد ذلك يوجه العبدُ جملة عطاءات او توقعات تعتل في صدره، انه اي العبد يرفع صوته بالدعاء للحصول على عفاء جديد، فيسمعه تعالى وهو يتمثل في عبارة (يا سامع الاصوات)، كما ان العبد لا يزال يحمل في صدره اكثر من مطلب خفي في اعماقه، وهذا ما يجد جوابا ً هو (يا عالم الخفيات)... وأخيرا، بما ان الحياة تحفل بالشدائد: حينئذ فأن الله تعالى يدفعها عن عبده، وهو ما يتمثل في عبارة (يا دافع البليات).
نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والشكر على معطيات الله تعالى، والتصاعد بممارسة الطاعة الشكر الى النحو المطلوب.
*******