موضوع البرنامج:
معجزة الملاءة الفاطمية
السلام عليكم إخوة الولاء والإيمان.
أزكى تحية نهديها لكم في مطلع هذا اللقاء ومع مشهد آخر من السيرة الفاطمية المباركة بالهدى والهداية إلى رحاب الحياة الكريمة الطيبة.
وفي بداية اللقاء ننقلكم أحباءنا إلى بيت شمعون الذي كان يهودياً وأسلم ببركة ما رآه من زهد بنت رسول الإسلام وإيثارها المحرومين على نفسها وولدها حتى لو كانوا يهوداً أو نصارى.
تابعونا مشكورين.
سارة: أبعد الله عنك الهم يا شمعون، مالي أراك مغموماً بعد أن أنعم الله علينا بابنة رسول الله وقد هدتنا بخلقها للإسلام، أو بعد هذه النعمة من هم وغم؟!
شمعون: صدقت يا سارة، هي والله نعمة عظيمة لا تبقي هماً، ولكن حسرتي على أرحامنا وأقاربنا وقد آثروا البقاء على دينهم رغم ما عرفناهم به مما شهدناه من بنت رسول الله.
سارة: هي والله حسرة، ولكن ما الحيلة يا شمعون؟ لقد أعلمت بعض من تعينهم فاطمة من فقراء اليهود بعائدات فدك ان مصدر مايصلهم هو بنت رسول الله، لكنهم لم يتأثروا بذلك.
شمعون: لا أدري ما الذي يطلبونه بعد ما رأوه من أخلاق الأنبياء فيها؟
سارة: إنهم يطلبون أن يروا معجزة لا تبقي فيهم شكاً.
شمعون: معجزة؟ وأي معجزة أعظم من هذا الخلق العظيم؟
سارة: كأنهم يطلبون معجزة كتلك التي حدثتني عنها جارة لي اليوم.
شمعون: وما هي هذه المعجزة يا سارة؟
سارة: لقد حدثتني جارتي أن جمعاً من نساء قومنا طلبن من رجالهن أن يطلبوا من رسول الله حضور فاطمة عرساً لهن، فطلبوا منه فوافق لحق الجواد.
إمرأة: ما أشد ما ستفخر به نساء اليهود على بنت محمد، سيجللهن البهاء والجلال بملابسهن الزاهية وستظهر المسكنة على بنت محمد وهي في حلتها الزهيدة!
إمرأة: يا رباه.. ما الذي أراه؟! أي نور هذا الذي يسطع من بنت محمد.. ورب موسى إن الذي ترتديه ليس من حلل أهل الأرض.. إنه من حلل الجنة.. كأن الملائكة جاؤوا بها لفاطمة.. لقد خرت نساء اليهود سجداً لما يرين!
شمعون: وهل أسلمن هؤلاء النسوة لما رأين؟
سارة: أما جارتي فقد أسلمت، وأخبرتني أن بعض أولئك النسوة قد أسررن لها بإسلامهن خفية، فيما أنكرت أخريات وقلن هذا من السحر.
شمعون: هكذا قيل لرسول الله من قبل، وفاطمة بضعة منه.
سارة: بضعة منه؟
شمعون: إي والله، بضعة منه، خلقها خلقه، هكذا وصفها رسول الله لأبي لبابة اليوم.
سارة: تعني ابن عبد المنذر الأنصاري الذي كان حليف بني قريضة وخان الله ورسوله فيما قاله عندما استشاروه بشأن النزول على حكم الله ورسوله إبان حصارهم.
شمعون: نعم إياه عنيت، فقد نزلت سحر اليوم آية توبته.
سارة: قد علمت أنه شد نفسه من عنقه إلى أسطوانة في المسجد منذ سبعة أيام.
أبولبابة: والله لا أحل نفسي حتى يتوب الله علي، والله لا أحل نفسي حتى أموت أو يتوب الله علي.
فلما بلغ رسول الله ما فعله قال – صلى الله عليه وآله -:
أما لو أتانا لاستغفرنا الله له، فأما إذا قصد إلى ربه فالله أولى به.
وبقي على تلك الحال سبعة أيام يصوم النهار ويأكل بالليل ما يمسك به نفسه مما تأتيه إليه ابنته.
فلما نزلت آية توبته، همت إليه الصديقة الكبرى لتحل وثاقه.
أبولبابة: رحمك الله يا فاطمة.. مهلاً، إني حلفت ألّا يحلني إلّا رسول الله.
فجاء رسول الله – صلى الله عليه وآله – إليه يعلمه إن تحله فاطمة، فحلفه يبر بذلك وقال:
يا أبا لبابة، إن فاطمة بضعة مني.
شمعون: والله إن خلق فاطمة كخلق أبيها يلين القلوب ويدخل الإسلام إليها بيسر إلا أن تكون قلوبنا ميتة.
سارة: صدقت يا أبا إسحاق، إن خلق فاطمة لهو معجزة ناطقة لمن ألقى السمع وهو شهيد.
شمعون: إي والله، الأمر كما تقولين يا أم إسحاق.
سارة: يا أبا إسحاق، لي عتاب لك، لو أذنت لي أفصحت عنه.
شمعون: خيراً يا سارة، قولي، ما عهدتك تعاتبيني من قبل.
سارة: إنما أعاتبك هذه المرة من أجل مولاتي فاطمة.
شمعون: من أجل ابنة رسول الله!! وكيف يا أم إسحاق؟
سارة: كيف طاوعتك نفسك أن تأخذ ملاءتها رهنا على الشعير والتمر الذي أقرضته لها، وقد علمت ما علمت من وفائها وحسن خلقها، وقد هدانا الله للإسلام ببركته؟
شمعون: والله يا سارة، لقد رددت الملاءة لسلمان وما رغبت حتى في ثمن الشعير والتمر، ولكن فاطمة هي التي أصرت أن تبقى ملاءتها عندنا حنى تعيد لنا ما اقترضته.. هي ورب موسى التي أصرت.
سارة: ولماذا أصرت على ذلك؟
شمعون: لا أدري، وقد علمت أن من خلق محمد قبول الهدية حتى من اليهودي، فكيف وقد أسلمت وعلمت فاطمة بإسلامي.
سارة: الأمر عجيب! لعل فيه حكمة، على أي حال لم يذهب عتابي سدى وأنا مسرورة بأن يتبرك دارنا ببقاء ملاءة إبنة رسول الله فيه لبعض الأيام!
سارة: يا شمعون، قم ، قم يا أبا إسحاق..
شمعون: ها، ها، ما الذي جرى، لماذا توقظينني في هذه الساعة يا أم إسحاق؟
سارة: قم يا أبا إسحاق وانظر إلى ما في تلك الحجرة، لقد قمت لأشرب قليلاً من الماء فرأيت نوراً يسطع منها، لا أدري ما هو مصدره، إنه والله لنور بهي عجيب!!
شمعون: أي نور تعنين يا أم إسحق؟
سارة: أنظر يا أبا إسحاق.. هو ذا.. ترى ما هو مصدر هذا النور؟
شمعون: يا سبحان الله.. تعالي يا أم إسحاق لا تخافي.. قد علمت مصدر هذا النور البهي، إنه ملاءة فاطمة!!
سارة: أعلمت الآن يا شمعون ما أرادته بنت رسول الله من إصرارها على بقاء ملائتها عندنا؟!
شمعون: وما الذي أرادته يا سارة؟
سارة: لقد أرادت أن ترينا معجزة تطمئن بها قلوبنا إلى الإسلام.
شمعون: أما أنا فقد اطمئن قلبي من قبل، ولكني أرى في إصرارها حكمة ثانية وثالثة يا أم إسحاق.
سارة: وما هذه الحكمة الثانية والثالثة؟
شمعون: كـأنها علمت أن الله يريد أن يزيل همي من عدم إسلام أقربائنا طلباً للمعجزة.
سارة: والحكمة الثالثة إذن هي أن يرى أقرباؤنا هذه المعجزة.
شمعون: نعم يا أم إسحاق.
سارة: إذاً فلنذهب ونخبرهم لكي يأتوا ويروا المعجزة فيهديهم الله للإسلام.
شمعون: على بركة الله..
وخرج شمعون يعدو إلى بيوت أقاربه.
وخرجت زوجته تعدو إلى بيوت أقاربها.
فاجتمع ثمانون من الرجال والنساء من اليهود ورأوا النور يسطع من ملاءة فاطمة – صلوات الله عليها -.
ولما أيقنوا بأن الأمر ليس من صنع البشر وإنها معجزة من الله أسلموا جميعاً.
والحمد لله رب العالمين.