موضوع البرنامج:
ولد فاطمة، ولد رسول الله
السلام عليكم أيها الأعزاء ورحمة الله وبركاته.
نلتمس معاً بركات الله ونحن نتأمل في سيرة صفية الله الزهراء –عليها السلام-.
ونعود بكم إلى السنة الثالثة للهجرة وفي منتصف شهر رمضان المبارك.
فثمة فرحة غامرة يشهدها بيت فاطمة الذي أذن الله أن يرفع.
زيد: ها يا أم أيمن، أرى البهجة قد ملئت قلبك وظهرت على وجهك وزال عنك، والحمد لله، القلق الذي كنت أراه بادياً عليك أياماً طويلة.
أم أيمن: وكيف لا أبتهج يا زيد، وقد ولدت فاطمة بكرها، الله ما أجمله وأبهاه، كأن وجهه قمر، بل أجمل.
زيد: الحمد لله، الحمد لله على سلامته وسلامة فاطمة، ترى بمن هو أشبه يا أم أيمن؟
أم أيمن: هو والله أشبه من رأيت من بني هاشم برسول الله، وقد أثار عجبي يا زيد أن ملامح شبهه برسول الله قد ظهرت على وجهه فور ولادته وهذا ما لم أره من قبل في أي وليد قبله.
زيد: ألم أقل لك يا أم أيمن أن لا داعي للقلق الذي كان يساورك في الأيام الماضية.
أم أيمن: وكيف لي أن لا أقلق يا زيد وقد كنت أرى الضعف بادياً عليها وهي حامل وفي أمسّ الحاجة لتجويد الطعام والاستقواء به على مشاق الحمل.
زيد: إن فاطمة لتستقوي بالتسبيح والتهليل، فكأنه طعامها.
أم أيمن: صحيح، ولكنها بشر ولبدنها عليها حقاً، لقد رأيتها تؤثر بطعامها أباها وزوجها، أو تبعثه صدقة لأهل الصفة من المساكين وتطوي يومها جائعة متعبة من مشاق الطحن والطبخ والعجن وباقي أعمال المنزل.
زيد: غفر الله لك يا بركة، أتقولين مثل هذا وقد رأيت اليوم بأم عينيك كيف أن الله أعانها على فترة الحمل ورزقها هذا الوليد المبارك الذي وصفتيه آنفاً.
أم أيمن: إي والله إنه في أتم الصحة والسلامة ووجنتاه تتوردان، فديته من بكر ما أجمله، صدقت يا زيد إن فاطمة آثرت على نفسها فحباها الله ما تحب.
وأوكلت الصديقة الكبرى أمر تسمية ولدها البكر إلى زوجها المرتضى ولم تسبقه في ذلك وقالت: سمه يا علي.
فأجابها –عليها وعليه أفضل الصلاة والسلام-: ما كنت لأسبق باسمه رسول الله، يأتي ويسميه لنا يا فاطمة.
فدخل رسول الله وقال لعلي: بأي شيء سميت ابني؟
أجاب: ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله.
فقال –صلى الله عليه وآله-:ولا أنا أسبق باسمه ربي.
فهبط جبرئيل الأمين –عليه السلام- وقال: يا محمد، العلي الأعلى يقرؤك السلام ويقول: علي منك بمنزلة هارون من موسى ولا نبي بعدك، سم ابنك هذا باسم ابن هارون... سمه شبر.
فقال –صلى الله عليه وآله-: يا أخي، يا جبرئيل، إن لساني عربي.
أجاب جبرئيل عن قول رب العزة جل جلاله: سمه الحسن.
فاستبشر –صلى الله عليه وآله- وضم وليد فاطمة إلى صدره قائلاً: هو الحسن.. هو الحسن.
أم أيمن: من هذه؟ أسماء بنت يزيد الأنصارية، خطيبة النساء وقابلة نساء المؤمنين.. السلام عليك يا أسماء.
أسماء: وعليك السلام يا أم أيمن.
أم أيمن: بارك الله لك فيما خرجت به من بيت فاطمة.
أسماء: إي والله إنه لمبارك، وكيف لايكون مباركاً وهو فخذ من عقيقة ابن فاطمة، فهذا هو اليوم السابع من ولادة الحسن.
أم أيمن: قد علمت أن رسول الله قد عق بكبشين أملحين عن ولده الحسن، ثم حلق رأسه وتصدق بوزن شعره فضة.
أسماء: لقد رأيت من بركة حضوري ولادة ابن فاطمة ما لم أره من قبل وأنا أحضر ولادات أبناء المسلمين.
أم أيمن: وما الذي رأيتيه يا أسماء، مما لم تشاهديه من قبل؟
أسماء: والله رأيت فاطمة لبست كسائر نساء المسلمين عند الولادة، رأيتها مطمئنة وعليها سكينة لا توصف ولم تقطع تسبيحها وذكرها لله حتى عندما جاءها الطلق والمخاض لم تفارقها السكينة، لقد سترت عني في تلك الساعة بنور لم أعرف مصدره، فلم أر شيئاً.
أم أيمن: كيف سترت عنك وأنت القابلة التي جئت لتوليدها يا أسماء؟
أسماء: دعي عنك هذا القول يا أم أيمن، فلقد علمت من ذاك النور أن قوابل توليد فاطمة من نساء الجنة، وإنما أحضرني رسول الله لكي أتعلم سنن الولادة، لقد تولى أمرها نساء الجنة يا بركة.
أم أيمن: وما الذي تعلمتيه من ذلك يا أسماء؟
أسماء: أما من فاطمة، فقد تعلمت أن على المرأة أن لا تغفل عن ذكر الله في هذا الموقف، فبذكره يطمئن قلبها.
أم أيمن: إذن ستأمرين كل من تذهبين لتوليدها بدوام التسبيح عند المخاض.
أسماء: إي والله لقد عزمت على ذلك، وعزمت على أن لا أغفل أنا أيضاً عن ذكر الله والدعاء أثناء توليدهن.
أم أيمن: نعم ما عزمت عليه يا أسماء.
أسماء: وتعلمت من رسول الله أن من سنن الولادة أن لا يلف الوليد بخرقة صفراء كما اعتدنا، فعندما دخل رسول الله قال:
يا أسماء هلمي إلي بابني.
أسماء: هو ذا يا رسول الله، سالم بهي مبارك.
فلما رآه ملفوفاً بخرقة صفراء رمى بها وأخذ خرقة بيضاء فلفه بها ثم قبله.
أسماء: نعم يا أم أيمن، ولقد رأيت رسول الله، وهو يؤذن في أذن الحسن اليمنى ويقيم في أذنه اليسرى، فعلمت أن السنة هي أن يسمع الوليد أول ما يسمع الأذان والإقامة.
أم أيمن: لقد شهدته طوال هذه الأيام السبعة وهو يذهب كل يوم إلى بيت ابنته فاطمة ويحتضن ولدها الحسن ويناغيه ويعوذه بآيات من القرآن.
أسماء: وقد تعلمت منه سنة أخرى أجراها مع هذا الوليد المبارك.
أم أيمن: وما هي يا أسماء؟
أسماء: تعلمين أننا اعتدنا أن نطلي رأس الوليد بدم الكبش ظناً أن في ذلك تقوية لقلبه وبعثاً لروح الشجاعة القتالية، ولما هممت اليوم أن أفعل ذلك بالحسن نهاني وقال:
لا يا أسماء، الطلي بالدم من فعل الجاهلية، أعطيني ولدي أطلي رأسه بالخلوق، فهذا من سنة الإسلام وخلق النبيين.
أم أيمن: ونعم السنة هذه فالخلوق عطر طيب الرائحة وفيه الزعفران الذي يقوي الجلد، أين هذا من فعل الجاهلية؟!
أسماء: وكم كان يؤنسني أن أسمع رسول الله وهو لا يذكر الحسن إلا ويقول: ابني هو ابني.
أم أيمن: والله لقد سمعت رسول الله مراراً يقول: ولد فاطمة ولدي من صلب علي.