موضوع البرنامج:
منزل شجرة طوبى
السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله.
كونوا معنا إخوة الإيمان ونحن نخترق الزمان ونعود بكم الى المدينة المنورة في ليلة الأول من شهر ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة النبوية المباركة.
وقد انتهى بنا الحديث الى مشارف انتهاء زفاف سيدة نساء العالمين الى أميرالمؤمنين، وقد وصل ركب الزفاف المبارك الى المسجد النبوي.
أم أيمن: يا سلمان، يا سلمان، هلم الى دعوة رسول الله.
سلمان: ها يا أم أيمن، ما الخبر.
أم أيمن: إنطلق يا سلمان الى علي وادعه، فقد طلب رسول الله أن يحضر في المسجد، يبدوا أنه يريد أن يذهب الى دار عرسه من المسجد.
سلمان[بتعجب]:يا سبحان الله، ما أزكى هذه السنة.. يزف الزوجان الى دارهما في المسجد.
أم أيمن: أسرع يا أبا أسامة فرسول الله بإنتظار صهره الحبيب.
ثم قال –صلى الله عليه وآله-، طالبا عليا.
يا أم أيمن؛ أين اخي، هل حضر علي؟
أم أيمن: فديتك يا رسول الله، تزوجه ابنتك وهو أخوك؟
قال –صلى الله عليه وآله-:نعم، أما والله يا أم أيمن لقد زوجتها كفواً شريفاً وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين.
أم أيمن: أترين يا أم عمارة إحمرّ وجه فاطمة وقد أخذ رسول الله يدها ووضعها في يد علي، ما ألطف حياءك يا بنت النبي.
أم عمارة: نعم يا أم أيمن، أرى ما ترين، وأرى كيف تهلل وجه علي استبشاراً وقد وضعت يد فاطمة في يده.
أم أيمن: لقد توجه رسول الله الى علي، ترى ماذا سيقول له؟
قال –صلى الله عليه وآله-: يا أبا الحسن، هذه وديعة الله ووديعة رسوله عندك، فاحفظ الله فيها واحفظني فيها، بارك الله في ابنة رسول الله.
يا علي، نعم الزوجة فاطمة، ويا فاطمة، نعم البعل علي، انطلقا الى منزلكما ولا تهيجا ولا تحدثا أمراً حتى آتيكما.
يا علي، أبشر فإني زوجتك ابنتي فاطمة على ما زوجك الرحمان، وقد رضيت لها بما رضي الله لها، وكفاك برضى الله رضاً، فدونك أهلك، فإنك أحق بها.
أم عمارة: ما بال علي وفاطمة جلسا في جانبي الصفة لا يتكلمان، كلاهما مطرقان الى الأرض!
أم أيمن: قد أخذهما الحياء يا أم عمارة، وهما ينتظران مجيء رسول الله، لنخرج عنهما، فكأن رسول الله أراد أن يتخلي بهما..
أم عمارة: نعم، ولكن لي أنا عودة اليهما، فقد أوصتني خديجة الطاهرة قبل وفاتها بأمر حان اليوم موعده.
أم أيمن: وما هو هذا الأمر يا بنت عميس؟
أم عمارة: سأحدثك عنه.. ولكن لنخرج فرسول الله على وشك القدوم.
ثم جاء رسول الله الى منزل علي وفاطمة وقال: من ها هنا؟
فأجابه علي وفاطمة: أدخل يا رسول الله، مرحباً بك زائراً وداخلاً.
فدخل –صلى الله عليه وآله- وأجلس فاطمة الى جانبه.
وقال: يا فاطمة ايتيني بماء.
فقامت –عليها السلام- الى قعب في البيت فملأته ماء، فأخذ جرعة فتمضمض بها ثم مجها في القعب، ثم صب منها على رأسها وصدرها وبين كتفيها.
ثم قال –صلى الله عليه وآله-: "اللهم هذه ابنتي وأحب الخلق إليّ، اللهم وهذا أخي وأحب الخلق إلي، أللهم اجعله لك وليا وبك حفيا وبارك له في أهله، اللهم بارك فيهما، وبارك عليهما، وبارك لهما في شبليهما وبارك في ذريتهما واجعل عليهما منك حافظاً وإني أعيذها بك وذريتهما من الشيطان الرجيم..."
يا فاطمة، يا علي، أذهب الله عنكما الرجس وطهركما تطهيرا؛ مرحباً ببحرين يلتقيان ونجمين يلتقيان، طهركما وطهر نسلكما، أنا سلم لمن سالمكما وحرب لمن حاربكما، أستودعكما الله وأستخلفه عليكما.
أم أيمن: ها، قد خرج رسول الله من حجرة علي وفاطمة يا بنت عميس.
أم عمارة: أراه لا زال يدعو لهما بالبركة وأن يذهب الله عنها الرجس كما أذهبه عنه وطهره تطهيراً.
ثم أمر رسول الله –صلى الله عليه وآله- النساء بالخروج من منزل فاطمة، فخرجن وبقيت سلمى بنت عميس زوجة عمه حمزه واخت اسماء بنت عميس زوجة جعفر الطيار، فلما أراد أن يخرج من المنزل لمح سوادها.
فسأل –صلى الله عليه وآله- عنها؛ فعرفته بنفسها، فقال: ألم آمرك أن تخرجي؟
أم عمارة: بلى يا رسول الله، فداك أبي وأمي، وما قصدت خلافك ولكني أعطيت خديجة عهداً.
فلما سمع اسم خديجة بكى وسألها عن عهدها فقالت:
أم عمارة: أخبرك يا رسول الله، إني حضرت وفاة خديجة الطاهرة فبكت، فقلت: أتبكين وأنت سيدة نساء العالمين وأنت زوجة النبي مبشرة على لسانه بالجنة؟! فقالت: ما لهذا بكيت، ولكن المرأة ليلة زفافها لابد لها من إمرأة تفضي اليها بسرها وتستعين بها على حوائجها، وفاطمة حديثة عهد بالصبا، وأخاف أن لا يكون لها من يتولى أمرها حينئذ.
أم عمارة: فقلت لها: يا سيدتي لك عليّ عهد الله إن بقيت الى ذلك اليوم أن أقوم مقامك في هذا الأمر.. وقد حان أوان وفائي بهذا العهد، والله ما بقيت هنا إلا لهذا العهد..
فدعا –صلى الله عليه وآله- لها وقال: قضى الله لك حوائج الدنيا والآخرة..
مستمعينا الأكارم ولنختم الحديث عن مشهد زفاف سيدة نساء العالمين بما روي عن علي (ع) في أمالي الصدوق من أن أم أيمن دخلت بعد أيام على رسول الله (ص) وفي ملحفتها بعض ما نثروه على عروس فبكت وقالت:
أم أيمن: يا رسول الله، فاطمة زوجتها ولم تنثر عليها شيئاً!
فقال –صلى الله عليه وآله-: يا أم أيمن.. لما زوجت فاطمة وعلياً أمر الله تعالى أشجار الجنة أن تنثر عليهم من حليها وحللها وياقوتها ودرها وزمردها واستبرقها، فأخذوا منها ما لايعلمون، ولقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة فجعلها في منزل علي الى يوم القيامة.