موضوع البرنامج:
ثوب الزفاف
السلام عليكم أعزائنا ورحمة الله.
تحية طيبة وأهلا بكم وأنتم تتابعوننا في مشهد آخر من مشاهد حياة سيدة نساء العالمين.
وفي هذا المشهد نتابع التعرف على جوانب من سيرتها –سلام الله عليها- في ليلة زفافها.
تابعونا أيها الأعزاء مع هذا المشهد الذي روته عدة من المصادر المعتبرة كما ورد في الجزء العاشر من كتاب (إحقاق الحق).
أم أيمن: السلام عليك يا مولاتي.
أم سلمة: وعليك السلام يا أم أيمن.. جئت في وقتك، هلمي معي الى فاطمة بنت رسول الله.
أم أيمن: خيراً إن شاء الله يا أم سلمة.. ما هذا الثوب الجميل الذي تحملينه باعتزاز يا مولاتي.. مبارك لك إنه جميل حقاً.
أم سلمة: بل هو مبارك لحبيبتي فاطمة.. لقد أمر رسول الله بأن نصنعه لها بمناسبة عرسها فليس لديها سوى ثوب خلق.. هلمي معي الى فاطمة لنرى كيف هو عليها..
أم أيمن: فديتك يا حبيبتي.. ما أجمل هذا الثوب عليك.
أم سلمة: والله لو لبسته غيرها ما ظهر جميلا مثلما هو الان كأنك يا فاطمة أنت من تضفي الجمال على الثياب.
أم أيمن: صدقت يا أم سلمة، هو والله كما تقولين.
سائل: يا أهل بيت النبوة.. أعطوني مما أعطاكم الله.. يشهد الله أنني بحاجة الى ثوب خلق قديم أستر به ابنتي فقد تهرأ ثوبها.. تصدقوا علينا رحمكم الله.
أم سلمة: لماذا تخلعين ثوبك الجديد يا حبيبتي يا فاطمة؟ إنما طلب السائل ثوبا قديماً.. إن شئت أن تعطيه شيئاً فتصدقي بثوبك القديم.
أم أيمن: إنه ثوب زفافك يا حبيبتي وهدية رسول الله لك، فكيف يطاوعك قلبك أن تتصدقي به..
أم سلمة: لا يليق بك يا بنت رسول الله أن يكون زفافك بهذا الثوب القديم.
أم أيمن: ماذا ستقول نساء يثرب إذا رأينك تزفين بهذا الثوب الخلق.
أم سلمة: إرحمي نفسك يا ابنتي من همز ولمز وطعنات ألسنة هؤلاء النسوة، ففيهن من لم يزلن خاضعات لقيم الجاهلية الأولى.
أم أيمن: سيقبل الله منك التصدق بثوبك القديم يا حبيبة رسول الله وسيبارك للسائل فيه ويبارك في ثوبك الجديد.
وكانت الصديقة الكبرى صلوات الله عليها قد أحبت هذا الثوب الجديد لأن أحب الخلق الى قلبها أباها رسول الله –صلى الله عليه وآله- قد أهداه لها بمناسبة عرسها.. ولشدة حبها له قررت أن تنفقه في سبيل الله.
قالت سلام الله عليها: "والله لأتصدقن بثوب عرسي وقد طلبه السائل، أما سمعتن قول الله "لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ""(سورة آل عمران ۹۲).
السائل (بفرح شديد): سلام الله عليكم يا أهل بيت النبوة؛ بارك الله لك في كل ما تحبين يا بنت رسول الله، كم ستفرح ابنتي بهذا الثوب الجديد الجميل.
ولما بلغ خبر تصدق فاطمة بثوب عرسها رسول الله، بكى –صلى الله عليه وآله- فرحا وقال:
فداها أبوها، فداها أبوها، هي والله مني وأنا منها.
ثم قال –صلى الله عليه وآله-: "هيئوا لابنتي وابن عمي في حجري بيتا".
أم سلمة: في أي حجرة يا رسول الله؟
قال –صلى الله عليه وآله-: في حجرتك يا أم سلمة.
وأمر -صلى الله عليه وآله- نساءه أن يهيئن فاطمة لزفافها.
أم أيمن: مالي أراك مشغولة البال مهمومة وهذه أيام فرح يا أم سلمة.
أم سلمة: لا أخفيك يا أم أيمن؛ لقد أهمني أمر تهيئة فاطمة لعرسها، لا أدري كيف نهيئها بصورة مناسبة وليس لها إلا الثوب القديم وقد بان عليه أنه ثوب خلق.
أم أيمن: لا بأس عليك يا مولاتي سيغطي نورها ووضائتها على ثوبها.. ولكن أخبريني يا أم سلمة، ما هذه الرائحة الطيبة التي أشمها في حجرتك.. لم أشم رائحة بمثل هذه الرائحة الطيبة من قبل، الله، كم هي رائحة منعشة.
أم سلمة: إنها بقية من طيب جمعته فاطمة.
أم أيمن: ومن أين جمعته؟
أم سلمة: عندما أردت تهيأتها للزفاف سألتها: يا فاطمة هل عندك طيب إدخرتيه لنفسك؟
قالت –عليها السلام-: نعم.
أم سلمة: ثم أتت بقارورة؛ فسكبت منها في راحتي، فشممت منها رائحة ماشممت مثلها قط، فقلت: ما هذا؟
أجابت عليها السلام: كان جبرئيل يدخل على رسول الله بصورة دحية الكلبي، فيقول أبي له: يا فاطمة هات الوسادة فاطرحيها لعمك، فأطرح له الوسادة فيجلس عليها، فإذا سقط من ثيابه شيء يأمرني بجمعه ويقول: هو عنبر طيب يسقط من أجنحة جبرئيل..
أم أيمن: أزال الله همك يا أم سلمة، إن كان الله قد إدخر مثل هذا الطيب السماوي لعرس فاطمة، فهو الكفيل بثوب عرسها وقد تصدقت به ابتغاء وجهه.
أم سلمة: صدقت يا أم يمن، ونعم بالله، ونعم بالله.
وصدق الله ظن المؤمنين، فلما قرب وقت زفاف سيدة نساء العالمين نزل جبرئيل الأمين بهدية من أكرم الأكرمين وقال لرسول الله –صلى الله عليه وآله-:
جبرئيل: يا محمد؛ إن الله يقرئك السلام ويقرأ فاطمة السلام قد أرسل لها هدية، ثوبا من ثياب الجنة من السندس الأخضر..
أم أيمن: يا سبحان الله.. ما أجمل هدية الله لصفيته الزهراء.
أم سلمة: لله الحمد على كرامته لحبيبتي فاطمة وجميل جزائه لها وقد تصدقت بثوب عرسها.
أم أيمن: إنه والله لثوب يخطف بالأبصار.. لقد خص الله به من بين نساء العالمين، سيدتهن فاطمة.
وكان لهذه الهدية السماوية أثر في اعتناق عدد من نساء يهود المدينة لدين الإسلام عندما رأين ثوب عرس فاطمة بنت نبي الإسلام وسمعن بقصته والحمد لله رب العالمين.