موضوع البرنامج:
فاطمة.. فرحة المرتضى
سلام من الله عليكم إخوة الولاء ورحمة منه وبركات.
معكم أيها الأعزاء في مشهد آخر من حياة سيدة نساء العالمين الطاهرة الزكية الزهراء البتول عليها الصلاة والسلام.
نصور لكم ما رواه المؤرخون من مشاهد حياتها ونحن نعود بكم الى أجواء المدينة المنورة وهي تستعد لزفاف فاطمة.
زيد بن حارثة: ما أشد فرحة المسلمين بنصر الله لرسوله في بدر يا أم أيمن.
أم أيمن: إي والله إنها لفرحة عظيمة بنصر عظيم لازال المسلمون يتحدثون بأخباره.. ولكن في نفسي يا زيد أمنية بتحقق فرحة تكتمل بها فرحتنا بنصر الله في بدر.
زيد: وما هذه الأمنية يا أم أيمن؟ وأي فرحة تعنين؟
أم أيمن: فرحة زفاف فاطمة لعلي يا أبا أسامة.
زيد: ذكرت عليا يا بركة، أما والله لقد أبلى ابوالحسن في بدر بلاء حسنا لا نظير له.
أم أيمن: صدقت يا زيد، وإني لأرى أن الله قد نصر رسوله بسيف علي.. فأي فرحة أعظم تكمل بها فرحة بدر من أن تزف فاطمة إليه.
زيد: قد علمت أن رسول الله أسرع في عقد فاطمة لعلي بعد أن كثر خطابها ليقطع الطريق عليهم... وقد سمعت من أصحابه من سادة قريش من عاتبه على ذلك..
رجل: لنا معك عتاب يا رسول الله.. نحن من أشراف قريش ومن أكفاء بني هاشم ولدينا المال والثروة، وقد خطبنا فاطمة اليك، فمنعتنا وزوجتها عليا فقيرا لا مال له.
فألجؤوه بعتابهم للقسم بالله فقال –صلى الله عليه وآله-: والله، ما أنا منعتكم وزوجته، بل الله منعكم وزوجه، فقد هبط علي جبرئيل فقال: يا محمد إن الله جل جلاله يقول: لولم أخلق عليا لما كان لفاطمة ابنتك كفؤ على وجه الأرض، آدم فما دونه.
أم أيمن: لا أدري ما يمنع عليا من أن يطلب من رسول الله أن يزف اليه زوجته فاطمة؟
زيد: إنه الحياء يا أم أيمن، لقد سمعت رسول الله يقول: المؤمن حيي، وعلي أميرالمؤمنين فهو أشدهم حياء.
أم أيمن: كأن رسول الله قد سعى لإعانته على طلب الزفاف..
زيد: وكيف كان ذلك يا أم أيمن؟
أم أيمن: لقد شهدته مرارا وهو يقول لعلي كلما خلا به:
ما أحسن زوجتك يا علي.. أبشر يا أبا الحسن لقد زوجتك سيدة نساء العالمين.
زيد: إن كان حياء علي يمنعه أن يطلب من رسول الله جمع شمله بفاطمة.. فبإمكان نساء رسول الله أن يعيننه على ذلك.
أم أيمن: صدقت يا زيد.. صدقت، لأذهبن الى أم سلمة وأطلب منها أن تستأذن عليا في ذلك.
ام سلمة: ولدي علي.. قد علمنا أن الحياء يمنعك من طلب فاطمة من رسول الله، فهل تأذن لنا أن نطلب لك من رسول الله دخول فاطمة عليك؟
فسكت أميرالمؤمنين –عليه السلام- وأطرق برأسه الى الأرض.
ام سلمة: بوركت يا ولدي يا ابا الحسن، هذه والله علامة رضاك بل ولعلها علامة تدعونا أن نسارع في الأمر.
ام سلمة: هلمي يا أم أيمن.. لندخل على رسول الله ونكلمه فقد أخذت الأذن من أبي الحسن.
أم أيمن: الحمد لله.. بوركت يا أم سلمة.. سأدعو نساء النبي لمرافقتنا.
أم سلمة وأم أيمن: السلام عليك يا رسول الله.
ام سلمة: تكلمي يا أم أيمن.. أخبري رسول الله بما جئنا به.
أم أيمن: حبا وكرامة يا أم سلمة (ترفع صوتها مخاطبة النبي (ص)): يا رسول الله، لو أن خديجة الطاهرة كانت اليوم لقرت عينها بزفاف فاطمة، وإن عليا يريد أهله، فقر عين فاطمة ببعلها واجمع شملها، وقر عيوننا بذلك.
فقال –صلى الله عليه وآله-: ما بال علي لا يطلب مني زوجته، فقد كنا نتوقع ذلك منه.
ام سلمة: إنما منعه عن ذلك الحياء، وقد راجعناه واستأذناه وجئناك يا رسول الله، فقر عين فاطمة ببعلها وعين علي بزوجته وعيوننا بذلك.
أم أيمن: هلم يا ولدي يا علي.. هلم الى رسول الله إنه يدعوك لأمر يمت بفاطمة.. هلم إليه يا أبا الحسن لتقر عيوننا بجمع شملكما.
ودخل علي –عليه السلام- على رسول الله وقد أخذ الحياء منه كل مأخذ..
قال –صلى الله عليه وآله-: يا أبا الحسن، هييء منزلا حتى تحول إليه فاطمة.
فأجاب –عليه السلام- وقد علم أن رسول الله –صلى الله عليه وآله- يريد منزلا مجاورا لحجراته.. قال:
يا رسول الله، ما ها هنا منزل إلا منزل حارثة بن النعمان.
وكان الحارثة بن النعمان الأنصاري قد أهدى عدة من منازله لسكنى رسول الله، عند وصوله للمدينة المنورة، فقال –صلى الله عليه وآله_:
والله لقد استحيينا من حارثة، لقد أخذنا عامة منازله.
فبلغ الحارثة بن النعمان قول رسول الله فجاء اليه مسرعا وقال:
الحارثة بن النعمان: يا رسول الله أنا ومالي لله ولرسوله، والله ما شيء أحب الي من ما تأخذه، والذي تأخذه أحب الي مما تترك.
أم أيمن: ما بك يا زيد، أرى الدمع قد تجمع في عينيك، أبعد الله عنك الحزن، ما الخبر يا ابا اسامة؟
زيد: ما هي دموع حزن يا أم أيمن، هي والله دموع بهجة دخلت قلبي وأنا أرى ابا الحسن يجهز دار عرسه، فلم أر غير رمل لين فرش به أرض داره، وخشبة نصبها من حائط الى حائط للثياب وبسط إهاب كبش فراشا لهما ومخدة ليف وسادة لهما، وجرة خزف وكوزا...
أم أيمن: سيجعل الله في هذه الدار البركة يا زيد فقد سمعت رسول الله وقد جرت من عينه مثل دموعك هذه وهو يدعو لهما بالبركة.
زيد: اللهم بارك في بيت علي وفاطمة.. اللهم بارك في بيت فاطمة وعلي.
وكان ذلك أيها الأحباء في غرة شهر ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة.
أي بعد إثنين وسبعين يوما من انتصار المسلمين في معركة بدر الخالدة.
وقد أظهر الله في العرس الفاطمي ما ارتضاه من سنن الزفاف الطيبة كما سنروي لكم في اللقاء المقبل بإذن الله.
ودمتم في رعاية الله.