موضوع البرنامج:
فاطمة.. والجهاز المبارك
السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله.
أهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد حياة الأسوة المحمدية الحسنة مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام.
وفي مشهد هذه الحلقة نصور لكم ما جاءت به روايات مصادرنا الحديثية المعتبرة عن جهاز البيت الفاطمي العلوي، تابعونا مشكورين.
زيد بن حارثة: ما لي أراك مشغولة البال يا أم أيمن.. كأن امرا جسيما قد أهمك وضاق به صدرك.. دفع الله عنك الهم يا بركة.
أم أيمن: ها.. لا شيء يا زيد.. لا تقلق.
زيد: وكيف لا أقلق وأنا أرى القلق قد استحوذ على زوجتي أخبريني ما الأمر.. بالله عليك أفصحي عن همك لعلي أعينك على دفعه.
أم أيمن: أما وقد أقسمت علي بالله فإني أخبرك وأبث لك همي.
زيد: قولي رحمك الله فما عهدتك تخفين علي شيئا يا أم أيمن.
أم أيمن: لم أرد أن أكلفك ما لا تطيق وقد علمت بقلة ذات يدك.
زيد: قولي يا بركة، سأسعى بكل جهدي لتوفير ما تريدين حتى لو عملت أجيرا في بعض بساتين يثرب.
أم أيمن: جزاك الله خيرا يا أبا أسامة، ولكن ما يهمني أكبر مما تظن.
زيد: لقد زدتي في قلقي يا بركة أخبريني ما الأمر؟
أم أيمن: إنما أهمني حال ولدي أيمن.. فقد علمت أنه قد بلغ مبلغ الرجال ولابد له من زوجة يسكن إليها وتسكن إليه وتعينه على طاعة الله.
زيد: إذن قد اشتقت لرؤية أحفادك يا أم أيمن.
أم أيمن: وأنت تمزح يا زيد وقد أهمني ما أراه من قلة ذات يدنا وعجزنا عن تزويج ولدي أيمن.
زيد: لا بأس عليك يا بركة.. فوالله ما غاب عن فكري أمر تزويج. أيمن فهو لي ولد كأسامة.. رحم الله أباه.. قري عينا.. لن أجعله يشعر بفقد أبيه في أمر تزويجه.. ابحثي له عمن تصلح له ويصلح لها ودعي الأمر لي أرتبه بعون الله.
أم أيمن: وكيف سترتبه ولا مال عندنا يكفي لما اعتاد عليه الناس من تكاليف التزويج والصداق والجهاز.
زيد: سأبذل جهدي لتوفير ما استطعت وما بقي فقد أعاننا عليه رسول الله وبضعته فاطمة.
أم أيمن: فاطمة؟ وما علاقة فاطمة ورسول الله بالأمر؟
زيد: أما والله لقد قدمت فاطمة عظيم المعونة لأمر تزويج فتيان المسلمين وفتياتهم الى يوم القيامة.
أم أيمن: لا أفهم ما تعنيه يا زيد هلا بينت لي ما هي معونة فاطمة؟
زيد: وأي معونة أعظم من رضاها وهي سيدة نساء العالمين بمهر هو ثمن درع لا أكثر.
أم أيمن: صدقت يا زيد، فوالله لقد رأيت من فتيات المسلمين من يستحين أن يطلبن مهرا أغلى من مهر بنت رسول الله.
نعم أيها الأخوة والأخوات، لقد صار مهر فاطمة هو مهر السنة النبوية.
بل وصار أعظم المهور بركة داخل البيت الفاطمي، وأعظمها بركة خارجه إذ أصبح أسوة للمؤمنين والمؤمنات ييسر أمر الزواج.
لقد روى المؤرخون أن رسول الله –صلى الله عليه وآله- قال لعلي –عليه السلام- لما خطب فاطمة: وما عندك مهرا لها؟
أجاب –عليه السلام-: عندي سيفي وفرسي ودرعي.
فاختار رسول الله الدرع لأن السيف والفرس من عدة جهاد علي في سبيل الله.
فباع أميرالمؤمنين الدرع بثمانين وأربعمئة درهم وجاء بالدراهم ووضعها في حجر رسول الله ليشتري بها جهاز زواج صفية الله وسيدة نساء العالمين.
فماذا كان جهاز فاطمة –صلوات الله عليها-؟
ام سلمة: يا أم أيمن.. يا أم أيمن..
أم أيمن: نعم يا سيدتي.
ام سلمة: هل عددت الدراهم التي أعطاك رسول الله من مهر فاطمة لمتاع البيت؟
أم أيمن: نعم يا سيدتي، لقد عددتها فما زادت والله عن ستة وستين درهما.. لا أدري ماذا سيشترون بها متاعا وأثاثا لبيت فاطمة؟! إنها قليلة جدا.
ام سلمة: لا تقلقي يا أم أيمن سيجعل الله فيها البركة، لقد قبضها رسول الله من الدراهم قبضة متوكلا على الله دون أن يعدها فلا تشكي في بركتها.
أم أيمن: وهل عددت يا أم سلمة قبضة الدراهم التي أعطاك لشراء الطعام لبيت فاطمة؟
ام سلمة: لا والله ما عددتها ثقة بالله لا أشك أنه سيجعل البركة في مؤونة وطعام بيت علي وفاطمة.
أم أيمن: لقد أعطى قبضة ثالثة من الدراهم لأسماء بنت عميس لشراء الطيب أرى عددها أكثر مما أعطانا لشراء المتاع والطعام.
ام سلمة: ما أشد حب رسول الله للطيب والعطر.
أم أيمن: لا تتعبي نفسك يا سيدتي يا أم سلمة، أنا أكفيك حمل الأثاث.
ام سلمة: لا تحرميني يا أم أيمن من بركة المشاكرة في نقل جهاز حبيبتي فاطمة..
أم أيمن: لا، لا، لن أحرمك.. فما هو بجهاز ثقيل هذا كل ما عاد به بلال وأبوبكر وعمار بعد أن أنفذهم رسول الله لابتياع ما يلزم أثاث لبيت فاطمة.
ام سلمة: أخبرني عمار أنهم اشتروا لها قميصا بسبعة دراهم، وخمارا بأربعة دراهم وقطيفة حبرية وسري مزمل وفراشين حشو أحدهما ليف والآخر من جز الغنم.
أم أيمن: أجل، لقد رأيتها معها أربع مرافق من جلد الطائف وسترا من الصوف وحصيرا ورحى وسقاء من جلد وقعب للبن وجرة خضراء وأوعية من خزف... هذا كل جهاز فاطمة يا أم سلمة.. كنت أتمنى لها أكثر من ذلك (تبكي).
ام سلمة: لا بأس عليك يا أم أيمن، ليست فاطمة ممن تطلب الدنيا ومن خف متاعه فيها ثقل ميزانه في الآخرة..
أم أيمن: ولكنك رأيت يا أم سلمة كيف بكى رسول الله وجرت دموعه عندما وضعنا جهاز ابنته فاطمة بين يديه.
ام سلمة: قد كانت والله دموع شوق وسرور لا دموع حزن أو استقلال لهذا الجهاز.. أما رأيت كيف رفع رأسه الى السماء ودعا لعلي وفاطمة.
أم أيمن: بلى رأيته وهو يقلب المتاع ويدعو لهم.
وكان دعاؤه –صلى الله عليه وآله- يومذاك قوله:
اللهم بارك لقوم جل آنيتهم الخزف.. بارك الله لأهل البيت...