موضوع البرنامج:
العاجل والآجل من مهر فاطمة
السلام عليكم أحبتنا محبي مولاتنا الزهراء.
أهلا بكم أيها الأعزاء مع مشهد آخر من مشاهد السيرة الفاطمية.
وفيه نتعرف على المهر الذي طلبته سيدة نساء العالمين من الله ورسوله يوم زواجها من سيد الوصيين.
وقد جاءتنا صحاح الأحاديث الشريفة عن أهل بيت النبوة عليهم السلام بأن الله جلت حكمته قد إختص صديقته وصفيته الزهراء بزواج في السماء وآخر في الأرض.
وكان لكل منهما مهر خاص به.
ففي زواج السماء قرر الله للزهراء مهرا بين فيه أوسع الأبواب الى رضاه وهو باب رضا فاطمة.
وفي زواج الأرض قرر رسول الله للبتول مهرا صار سنة محمدية تيسر للمسلمين أمر الزواج والتزويج وتحرره من تعقيدات النزعات المادية.
وثمة مهر ثالث طلبته الزهراء لنفسها فيه من آفاق الكرم الفاطمي ما يفوق التصور.
كونوا معنا أيها الأعزاء وتفاصيل هذا الاجمال.
ام سلمة: ما بك يا أم أيمن؟ ما لي أرى عليك هذه المسحة من الحزن وقد ملئت الفرحة والبهجة جنبات يثرب بتزويج فاطمة، ألست فرحة بهذا الزواج وقد اختص الله ورسوله فاطمة به فجعله في مسجد رسوله؟!
أم أيمن: ها، بلى والله، لقد أبهجني ذلك يا أم سلمة.
ام سلمة: فلماذا أنت حزينة إذن؟
أم أيمن: لقد إنكسر قلبي لما سمعت رسول الله يذكر مهر حبيبتي فاطمة في المسجد وهو يعلن تزويجها من علي بهذا المهر.
ام سلمة: ولماذا انكسر قلبك يا أم أيمن؟
أم أيمن: وكيف لاينكسر قلبي لقلة مهر فاطمة وهي بضعة رسول الله! لقد رأيت والله التعجب والكراهة لقلة هذا المهر في وجوه عدة من أصحاب رسول الله.
ام سلمة: لاتثريب عليك يا أم أيمن، لاتثريب عليك، إنما عمل رسول الله بما أمره ربه.
أم أيمن: وهل أن الله قد أمره بهذا الأمر القليل؟
ام سلمة: إي والله، لقد أنبأني رسول الله أن جبرئيل الأمين قد نزل عليه من ربه قائلا:
يا محمد، العلي الأعلى يقرأ عليك السلام ويقول: لقد زوجت عليا من فاطمة، وقد جعلت مهرها ونحلتها من علي خمس الدنيا وثلث الجنة وجعلت لها في الأرض أربعة أنهار: الفرات ونيل مصر ونهروان ونهر بلخ، فزوجها أنت يا محمد بخمسمائة درهم تكون سنة لأمتك.
أم أيمن (مستبشرة): من مثل حبيبتي فاطمة، من مثلها وقد جعل الله مهرها خمس الدنيا وثلث الجنة.
ام سلمة: لا تغفلي يا أم أيمن عن كرامة جعل مهرها سنة نبوية.
أم أيمن: وأي فضل في هذا المهر القليل يا أم سلمة؟
ام سلمة: هداك الله يا أم أيمن، لقد أكرم الله فاطمة بهذا المهر رحمة بالأمة، إذ صارت به أسوة لفتيات المسلمين.
أم أيمن: لكنها سيدة نساء العالمين وبضعة رسول الله.
ام سلمة: لأنها كذلك أكرمها الله بهذه الكرامة وجعل مهرها القليل سنة نبوية تيسر أمر الزواج بين المسلمين. فلا تصدهم عنه المهور الباهضة، وتكون السنة في التزويج الكفاءة والصلاح لا المهور الباهضة.
أم أيمن: صدقت لقد بذل كثير من خطاب فاطمة من صحابة رسول الله مهورا باهضة لكن رسول الله رفضهم لعلمه بأنه ليسوا أكفاء لها.
ام سلمة: ثم أما علمت يا أم أيمن أن عليا قد باع درعه الحطمية التي يحتمي بها في الجهاد وقدم ثمنها مهرا لفاطمة.
أم أيمن: فداها أبي وأمي ستكون والله نعم العون لعلي تدرأ عنه كل ما لايحبه وما لايرضاه وتدفع عنه الهموم.
ام سلمة: وهكذا هي اليوم لرسول الله.
وهكذا وأشد كانت الصديقة الكبرى للوصي المرتضى بعد وفاة رسول الله، فهي التي درأت عنه سهام الجفاء التي استهدفت حصن الإمامة الحقة يومذاك حتى استشهدت مظلومة بتلك السهام.
ونعود بكم أيها الأعزاء الى المهر السماوي الذي جعله الله لفاطمة، وقد نقلت أم أيمن خبره الذي سمعته من أم سلمة الى زوجها زيد بن حارثة.
زيد بن حارثة: عجيب أمر هذا المهر السماوي الذي جعله الله لفاطمة! ترى ما هو مغزاه يا أم أيمن؟
أم أيمن: هو كرامة لبضعة رسول الله يا زيد.. إن الله يريد أن يعرف المسلمين بمنزلتها.
زيد: قد يكون ما تقولين صحيحا يا أم أيمن، ولكني أرى أن الأمر أعظم مما تقولين.
أم أيمن: إذن فاذهب الى رسول الله واسأله.
زيد: نعم الرأي يا أم أيمن، أنا ذاهب الى رسول الله.
زيد: فديتك يا رسول الله، لماذا جعل الله مهر فاطمة خمس الدنيا وأربعة من أنهارها وثلث الجنة؟
أجاب رسول الله –صلى الله عليه وآله-: جعل الله مهر فاطمة ثلث الجنة، فمن أحبها وولدها أباحه الله جنته وحرم على مبغضها ريح الجنة.. وجعل مهرها خمس الأرض، فمن مشى عليها مغضبا ومبغضا لها ولولدها مشى على الأرض غصبا وحراما.
زيد: أشهد الله ورسوله أني محب لفاطمة وولدها وأعوذ بالله من أن أغضبها بفعل أو قول.
وكان من خصائص مولاتنا الصديقة الطاهرة مهرا طلبته هي بروح الرأفة والرحمة المحمدية.
فقد جاء في الروايات الشريفة أنها وبعد إجراء عقد تزويجها في المسجد النبوي قالت لأبيها –صلى الله عليه وآله-: يا رسول الله، إن بنات الناس يتزوجن بالدراهم فما الفرق بيني وبينهن! أسألك أن تدعو الله تعالى أن يجعل مهري الشفاعة في عصاة أمتك فإذا صرت على الصراط طلبت مهري.
فنزل جبرئيل الأمين –عليه السلام- ومعه بطاقة من حرير مكتوب فيها: جعل الله مهر فاطمة الزهراء شفاعة المذنبين من أمة أبيها.
فلما احتضرت –سلام الله عليها- أوصت بأن توضع هذه البطاقة على صدرها تحت الكفن وقالت: إذا حشرت يوم القيامة رفعت تلك البطاقة بيدي وشفعت في عصاة أمة أبي.