موضوع البرنامج:
زواج بأمر الله
السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله.
على بركة الله نلتقيكم ونحن نعود بكم الى السنة الثانية للهجرة المباركة وفاطمة مع أبيها في المدينة المنورة.
تعينه في مهام بناء الدولة الإلهية عبر الحنان والرأفة والبهجة التي كان تحيطه بها كلما رآها.
عبد الرحمن بن عوف: يازيد.. يازيد.. هلا استأذنت لي...
زيد: من.. عبدالرحمن بن عوف؟.. السلام عليك يا عبد الرحمن.
عبد الرحمن: وعليك السلام يا زيد عفوا نسيت أن أحييك.
زيد: يبدو أنك جئت لأمر مهم أنساك حتى السلام قبل الكلام.
عبد الرحمن: صدقت يازيد.. الأمر مهم فهلا إستأذنت لي للدخول على رسول الله..
زيد: على الرحب والسعة.. تفضل بالدخول فقد علم رسول الله بقدومك.
عبد الرحمن: صبرا.. أهملني قليلا حتى يلتحق بي صديقي عثمان بن عفان.. ها هو قد قدم..
عبدالرحمن (بتودد وتملق): يا رسول الله.. إنك لتعلم أن ما في أصحابك من هو أيسر مني وأكثر مالا.. وقد جئتك خاطبا ابنتك فاطمة وقد بذلت لها من الصداق مائة ناقة سوداء، زرق الأعين، محملة كلها قباطي مصر، ومعه عشرة آلاف دينار.
ولما سمع عثمان مقالة عبد الرحمن بن عوف اعترض وخطب فاطمة وبذل لها من الصداق مثل مابذله صديقه ابن عوف.
زيد(بهمس): ويحك يا ابن عوف كيف تحدث رسول الله بمثل هذا مفتخرا بكثرة مالك.. أرى الغضب قد بدا عليه من مقالتكما لقد إحمر وجهه.
فتناول رسول الله – صلى الله عليه وآله- كفا من الحصى فحصب به عبدالرحمن.
وقال – صلى الله عليه وآله-: أإنك تهول علي بمالك ياابن عوف؟
فتحول الحصى درا، فقومت درة منها فكان ثمنها يعادل كل مايملكه عبدالرحمن بن عوف.
أم أيمن: لأي أمر جاء عبدالرحمن بن عوف وعثمان الى رسول الله وماذا قالا له فغضب يازيد؟
زيد بن حارثة: إنما جاءا لخطبة فاطمة يا أم أيمن.
أم أيمن: ولماذا غضب رسول الله هذه المرة وقد خطبها الأشراف من قبل ولم يغضب وهو يردهم؟
زيد: لعل رسول الله غضب هذه المرة لعلمه بأن خاطبيها قد علما بأن رده لمن سبقهما كان بأمر الله، ورغم ذلك تصورا أن رسول الله سيقبل أحدهما لثرائه.
أم أيمن: هذا والله من سوء الظن برسول الله.
زيد: إي والله فما قيمة الدنيا عند رسول الله.
أم أيمن: لا أكتمك يازيد أنه ليقع في نفسي أن الله ورسوله إنما يحبسان فاطمة ويردان خاطبيها لأجل علي بن أبي طالب.
زيد: صدقت يا أم أيمن، لقد سمعت مثل قولك من سعد بن معاذ ومن أبي بكر وعمر وقد جلسوا في المسجد وتذاكروا أمر رد رسول الله لكل من خطب فاطمة.
أم أيمن: أما والله إن رسول الله لايجد كفؤا لفاطمة غير علي ولذلك رد كل من خطبها.
زيد: إن هذا لايخفى على كل من خطبها ولكنهم أقدموا على خطبتها طمعا في منزلة مصاهرة رسول الله.
أم أيمن: لقد جرأهم على ذلك أن عليا لم يخطب فاطمة.
زيد: قد علمت أن ما يمنعه عن خطبتها مع شدة رغبته إلا قلة ذات اليد والحياء من رسول الله..
أم أيمن: والله لأذهبن الى علي ولا أتركه حتى يذهب لخطبتها.
زيد: بارك الله فيك إذهبي اليه عسى أن يكتب الله على يديك مايثلج قلوبنا.
أم أيمن(برقة وحنان): ولدي علي إنك لتعلم شدة حبي لك ولفاطمة، وقد علمت أن كثيرا خطبوها من رسول الله وهو يردهم بأمر الله ولا أراه إدخرها إلا لك يا ولدي فعجل بالذهاب الى رسول الله واخطبها ولاتطل انتظاره فليس لها كفؤ سواك.
فأجابها _عليه السلام_: يا أم أيمن، وهل عندي شيء أتزوج به؟
أم أيمن: لا عليك يا ولدي فوالله إنك إن جئت رسول الله خاطبا لزوجك.
وبقيت أم أيمن تواصل مساعيها لإقناعه-عليه السلام- بتعجيل الذهاب الى رسول الله وهي ترى الحياء يمنعه.
أم أيمن: والله ياولدي قد علمت أن رسول الله قد رد من أجلك من أتاه خاطبا منه فاطمة وهو يبذل لها صداقا تنوء بحمله العصبة أولي القوة.
ياولدي علي عجل بالذهاب الى رسول الله فقد بدأ يغضبه كثرة عتاب أصحابه على رده خطاب فاطمة...
زيد: ها يا أم أيمن أراك قد عدت مستبشرة من عند علي.. ما الذي جرى؟ لقد طال مكوثك عنده؟
أم أيمن(بفرح): البشرى يا زيد فوالله مازلت أرجيه حتى استجاب لدعوتي وما تركته حتى أخذت منه موثقا أن يذهب الى رسول الله خاطبا منه بضعته فاطمة.
ذهب الوصي المرتضى الى اخيه النبي المصطفى- صلى الله عليه وآله- خاطبا.
فبادره رسول الله بخبر أثلج قلبه.
أخبره أن الله عز وجل قد زوجه من فاطمة في السماء قبل أربعين يوما.
وقد نصت روايات الفريقين على وقوع هذا الزواج المبارك في السماء كما نص على ذلك العلامة المعتزلي ابن ابي الحديد في شرحه لنهج البلاغة.
وفي هذا الزواج السماوي كان ولي الزوجين هو الله عزوجل.
وكان قد أوحى الى جبرئيل أن: زوج النور من النور.
فكان الخطيب والعاقد هو جبرئيل.
والداعي اسرافيل والمنادي ميكائيل.
وكان الشهود ملائكة السموات والأرضين.
وأوحى الله الى شجرة طوبى أن تنثر ما عليها.
فنثرت الدر الأبيض والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر واللؤلؤ الرطب.
فبادرن الحور العين يلتقطن ويهدين بعضهن لبعض.
وكان هذا الزواج المبارك في السماء مقدمة الزواج الميمون في الأرض.