موضوع البرنامج:
فاطمة سيدة ذاكرات الله
السلام عليكم إخوة الولاء ورحمة الله.
أهلا بكم وشكرا لكم وأنتم ترافقوننا في حلقة اليوم من هذا المسلسل التأريخي عن السيرة الفاطمية.
نتابع في هذا اللقاء الصديقة الكبرى في هجرتها الى الله ورسوله – صلى الله عليه وآله-.
وننقلكم الى حي قبا الذي كان يومها من ضواحي يثرب مهجر الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله-.
عمار بن ياسر: مالي أراك متضجرا يازيد؟ هل يساورك قلق على زوجتك أم أيمن؟
زيد بن حارثة: لا، لا يا أبا اليقظان، فأنا مطمئن من سلامتها فهي في حمى ابن ابي طالب ومعها فاطمة المشفقة عليها ويرافقها ولدها أيمن.
عمار: إذن ماالذي يثير ضجرك يا ابن حارثة؟
زيد: لقد آذاني إصرار بعض من مع رسول الله عليه أن يسرع في دخول يثرب.
عمار: أجل لقد شعرت بتذمر هؤلاء من بقاء رسول الله في قبا في منازل بني عمربن عوف.
زيد: أما رأيت إصرارهم عليه أن يدخل يثرب رغم أنهم سمعوا قوله:
والله ما أنا بداخل يثرب حتى يقدم علي ابن عمي وابن أمي وابنتي.
عمار: صدقت يا زيد وحق لك أن تتأذى من فعل هؤلاء، فما ينبغي لهم أن يؤذوا رسول الله وقد سمعوا قسمه أن لايدخل يثرب إلا بصحبة علي وفاطمة.
زيد: لقد زاد ياعمار من أذاي أنهم سمعوا تكرار رسول الله وصف علي بأنه (ابن امي) ورغم ذلك بقوا يصرون عليه أن يدخل يثرب.
عمار: كأنهم قد غاضهم هذا الوصف وأثار حسدهم أن يسمي رسول الله أم علي بقوله (أمي)؟!
زيد: والله لقد سمعته مرارا يذكر فاطمة بنت أسد بخير ويقول عنها: هي أمي بعد أمي عرفانا بشدة رعايتها له بعد أن ضمه عمه ابوطالب اليه.. فلماذا يغيضهم ذلك؟
عمار: لابأس عليك يا زيد، لابأس عليك.. إن الله بالغ أمره ولرسول الله حاجة من عدم دخوله يثرب إلا مع علي وفاطمة هو بالغها إن شاء الله.
عمار: يازيد، هلم إلي يابن حارثة فلدي خبر يسرك ويزيل همك..
زيد: حياك الله يا أبااليقضان وأزال عنك همك ماالخبر يا عمار؟.. أراك تأتي من عند رسول الله..
عمار: أجل يازيد، كنت عند رسول الله فوجدته مهموما فسألته عن سبب همه فأخبرني أنه مهتم لأمر ابنته فاطمة في طريق هجرتها اليه.
زيد: وماسبب قلقه عليها وهي في حمى أخيه علي ومعه أمه فاطمة بنت أسد.
عمار: لقد سألته بمثل ماسألتني فأجابني أنه يخشى عليها من كيد قريش بها وأذاها لها.
زيد: أما والله إنه لحق فما فتئ المشركون عن هذا الكيد.. ولكنك ياعمار قلت أنك حامل لي خبرا يسرني، فأي سرور تعني؟
عمار: أخبرك يازيد أخبرك، فلاتعجل، لقد نزل الأمين جبرئيل بما أزال هم رسول الله.
زيد: وبماذا جاء الوحي ياعمار؟
عمار: إحمد الله واشكره أولا حتى أخبرك يازيد.
زيد: الحمد لله وألف ألف حمد وشكرا له عزوجل.. حسنا أخبرني الآن.
عمار: لقد أخبره جبرئيل بسلامة ابنته فاطمة من كيد قريش وأنها وعليا مع الفواطم قد باتوا ليلتهم بذكر الله والعبادة فأنزل فيهم قرآنا.
زيد: إذن هي بشرى من الله لرسوله تثبت فؤاده وتثلج صدره.
عمار: أجل، فقد جاء جبرئيل بآيات تصف حال فاطمة وعلي في طريق الهجرة وتبشرهم بعظيم الأجر.
والآيات هي قوله تعالى: "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"(آل عمران۱۹۱).
الى قوله عزوجل: "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ"(آل عمران ۱۹٥).
عمار: لقد أخبرني رسول الله عن جبرئيل عن الله أن الذكر في هذه الآيات هو علي والأنثى فاطمة.
زيد: وهل أن فاطمة هي التي أوذيت في سبيل الله وهي في هجرتها؟
عمار: أجل، هي والله سيدة من أوذي من المهاجرين ولكن الله يازيد قد بشر رسوله بأن الله قد دفع عنها هذا الأذى بعلي وقتاله للمشركين.
زيد: الحمد لله على هذه البشرى.. علينا أن ننتظر ركب علي وفاطمة ونستخبرهما عما جرى.
زيد: يا أم أيمن.. يا أم أيمن.. السلام عليك يا أم أيمن.
أم أيمن: ..هذا أنت يا زيد.. وعليك السلام ورحمة الله.
زيد: حمدا لله على سلامتك حمدا لله.. ولكن ما الذي شغلك عني وأنا بانتظارك منذ أيام.
أم أيمن: معذرة لله وإليك يا أبا اسامة فقد اشتد شوقي لرسول الله فصحبت فاطمة للسلام عليه.
زيد: وكيف حال حبيبة رسول الله فاطمة يا أم أيمن؟
أم أيمن: لقد أنهكها طريق الهجرة يازيد ولكنها استعادت عافيتها عندما رأت رسول الله وشدة فرحه وسروره بقدومها.
زيد: لقد رأيت وجه رسول الله يطفح بالبشر والسرور وهو يرى طلائع ركبكم يا أم أيمن.. أعلمت بأن الله أنزل قرآنا في ركب علي وفاطمة؟
أم أيمن: أجل يا أبا أسامة لقد سمعت رسول الله يخبر فاطمة بذلك.. ولكن أخبرك يازيد بماشاهدته عيني.
زيد: قولي يا أم أيمن، فما أشوقني لسماع هذا الحديث.
أم أيمن: أما والله يازيد لقد شاهدت فاطمة وقد أنهكها الطريق وآذتها جراح اسقاط الحويرث بن نقيد المشرك لهودجها.. لكنها لم تفتأ عن ذكر الله والرغبة اليه طوال الطريق.. ولقد شهدتها تقوم الليل بالعبادة في كل منزل نزلناه حتى وصلنا اليكم..
وبوصول هذا الركب العلوي الفاطمي المهاجر الى الله ورسوله استعد رسول الله لدخول يثرب.
نعم دخل رسول الله يثرب ووجهه يتهلل بشرا وسرورا بقدوم أحب الخلق اليه وأعزهم عليه، إذ بفاطمة وعلي اكتملت هجرته – صلى الله عليه وآله-.