موضوع البرنامج:
فاطمة زهرة الذاكرين لله
السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله.
معكم أيها الأحبة في مشهد آخر من مشاهد السيرة الفاطمية ضمن رحلة هجرة الزهراء الى الله ورسوله.
وقد نقلنا لكم أيها الأعزاء في الحلقة السابقة ما نقله المؤرخون بشأن تعرض مولاتنا الصديقة لهجوم أحد عتاة قريش هو الحويرث بن نقيد على هودجها وإسقاطه لها في هودجها أثناء إنشغال الإمام علي المرتضى بقتال المهاجمين من مشركي قريش الذين لحقوا بركبه لإرجاعه الى مكة أسارى.
وشد الكرار عليه السلام على الحويرث ففر هاربا وأركب الزهراء سلام الله عليها في هودجها وأعاد شده على الناقة.
ثم خاطب الصديقة قائلا:
يا فاطمة، لايصفر وجهك يابضعة رسول الله وأنا ابن عمك.
فأجابته عليها السلام قائلة: والله يابن عم ماخاب من كنت له ظهيرا.
أيمن: يا أبا واقد.. هلم لحراسة هوادج الفواطم.. فقد أمرني علي واياك أن نقوم بذلك ريثما يدفع فرسان قريش.
ابو واقد: لبيك يا أيمن وطاعة لابن أبي طالب..
أيمن: أنظر يا أبا واقد لقد قد حيدرة جناحا مولى أبي سفيان حتى بلغ سيفه هامة الفرس.
ابو واقد: أخزى الله جناحا.. لقد كان يرى نفسه زينة فرسان قريش.. أخزاه الله من عبد مشرك.
ولما رأى فرسان المشركين عجزهم عن مقارعة الامام – عليه السلام-: تراجعوا وقالوا: إغن عنا نفسك يابن أبي طالب فقال-عليه السلام- لهم: إعلموا أني منطلق الى ابن عمي رسول الله بيثرب، فمن أقبل الي بالمحاربة أقبلت اليه بالسيف.. ومن سره أن أفري لحمه فليتعقبني أوفليدن مني...
ثم أقبل – عليه السلام- على صاحبيه أيمن وأبي واقد وأمرهما أن يطلقا الإبل وسار أمامهم ظاهرا قاهرا.
أيمن: أنخ الإبل يا أبا واقد.. علينا أن نعقلها.
ابو واقد: ولماذا يا أيمن؟
أيمن: لقد أمر علي أن نمكث هنا ريثما يصل اليه ضعفاء المؤمنين ونساؤهم لكي يأخذهم معه الى يثرب
ابو واقد: صدقت.. هذه (ضجنان) وقد وعدهم أن ينتظرهم هنا لابد أن شوقك لأمك قد اشتد يا أيمن.
أيمن: أجل والله.. ولكني أحسب أن شوقي لها لايبلغ شوقها لفاطمة بنت رسول الله.. فلم تعتد فراقها ولاتطيقه.
ابو واقد: صدقت.. صدقت.. ولا أشك أن شوق أمك لفاطمة أشد من شوقها اليك يا أيمن.. فقد علمت شدة حبها لها.
أيمن: لن تثير في الحسد يا أبا واقد.. فوالله ليفرحني أن يكون شوق أمي لفاطمة أشد من شوقها حتى لولدها.. فهي بضعة رسول الله وأشبه الخلق به..
وامتد انتظار ركب المهاجرين لأم أيمن ومن معها من ضعفاء المؤمنين ساعات طويلة حتى ظهرت بشائره.
ابو واقد: الحمد لله.. الحمد لله.. ها قد وصل الينا من كنا ننتظرهم.. قم يا أيمن واستقبل أمك.
أيمن: بل سأنتظرها ريثما ترى أولا بنت رسول الله – أراها متوجهة الى الفواطم تبحث عنها..
أيمن: مالي أراك تبكين ياأماه لاأبكى الله عينيك.
أم أيمن: لقد أبكاني ما رأيته على حبيبتي فاطمة مما لاقته في هذا السفر من هجوم المشركين.
أيمن: لقد كان غدره من عدو الله الحويرث بن نقيد ياأماه.
أم أيمن: أجل ياولدي لقد علمت أن اللعين استغل انشغال علي بدفع فرسان المشركين فهاجمها..
أيمن: لقد امرنا علي بحراسة الهوادج وهو يقاتل ولكن الحويرث هاجمها من الخلف.. هلا اعتذرت لبنت رسول الله عن غفلتنا.
أم أيمن: لقد وجدتها شاكرة لكم رفقكم بها في المسير.. وما استطعت أن أستخبرها عما جرى إلا بعد طول إلحاح..
أيمن: لقد أخبرتني من قبل أنك لم تسمع من فاطمة شكوى قط مما تلقاه من صعاب.
أم أيمن: إي والله ولم أرها شاكية هذه المرة أيضا.. لقد وجدتها تعتذر لكم قبل أن أعتذر منها من غفلتكم تلك..
أيمن: إذهبي اليها يا أماه وآنسي وحدتها فقد أمر علي أن نبيت الليلة هنا ونتحرك في الصباح.
أيمن مع أبو واقد (بحالة تكبيرة الاحرام وبصورة تكبيرات متلاحقة): الله اكبر- الله اكبر- الله اكبر.
ابو واقد: تقبل الله ياأيمن منك هذه الصلاة.
أيمن: وكيف لايتقبل الله صلاة جماعة علي بن ابي طالب حبيب رسول الله إمامها وفاطمة بضعة رسول الله بين المأمومين فيها..
ابو واقد: صدقت يا أيمن.. هلم معي لنعد الإبل للرحيل..
أيمن: على بركة الله.. على بركة الله..
أيمن: ما بالك ياأماه.. كأن إغفاءة قد هومت على عينيك.. ألم تنامي بما فيه الكفاية؟!
أم أيمن: بلى نمت قليلا بعد أن غلبني النعاس عنوة.
أيمن: ولماذا عنوة يا أماه؟
أم أيمن: كنت أرغب أن أبقى متهجدة مع فاطمة.
أيمن: إذن بقت بنت رسول الله تتعبد لله طوال الليل يا أماه.
أم أيمن: إي والله ياولدي.. لم تنم أصلا على صغر سنها وتعب بدنها.. فأثارت همه بقية الفواطم فاطمة بنت أسد أم علي وفاطمة بنت حمزة وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب.
أيمن: وهكذا كان حال علي أيضا يا أماه فقد قضى ليله قائما وقاعدا في عبادته..
وفي قباء على مشارف يثرب نزل جبرئيل الأمين بالوحي على رسول الله يبشره في آية خالدة خلدت مافعله ركب علي وفاطمة في تلك الليلة.
وهذا ما سنتابعه في الحلقة القادمة من مسلسل (صديقة الكبرى(