موضوع البرنامج:
فاطمة المهاجرة وسهام قريش
السلام عليكم إخوة الولاء ورحمة الله.
على بركة الله نلتقيكم في مشهد آخر من مشاهد السيرة الفاطمية.
نتابع فيه رحلة هجرتها صلوات الله عليها الى الله ورسوله.
وقد تابعنا في الحلقة السابقة تجهزها للهجرة المباركة للالتحاق بأبيها – صلى الله عليه وآله- بعد أن وصل كتابه للإمام علي بأن يقدم عليه بركب الفواطم.
الحويرث بن نقيد: يا ويحي يا ويح قريش... يا ويح قريش من الخزي والعار الذين أصاباها..
جناح: عن أي خزي وعار تتحدث أيها الحويرث بن نقيد وأنت من فرسان قريش وشجعانها؟!
الحويرث: ويحك ياجناح ألم تر حال سيدك أبي سفيان عندما سمع بنبأ خروج ابن أبي كبشة من مكة الى يثرب وفشل فرسان قريش في اللحاق به..
جناح: صدقت يا ابن نقيد.. صدقت، ماكان لمحمد أن يسفه أحلامنا ويشتم آلهتنا ثم يخرج عنا دون عقاب.
الحويرث: ما أشد سفاهتنا وقد غفلنا عن عزم ابن عمه علي على اللحاق به ونحن نراه يرجع أمانات أهل مكة التي كانت مودعة عند ابن أبي كبشة، كيف لم ننتبه لذلك كيف؟
جناح: لقد خرج ابن ابي طالب في الليل ونحن نيام.
الحويرث: إنما خرج علي من مكة ليلا لكي يحمي فاطمة بنت محمد من انتقامنا.. ياويحي كيف أفلتت فاطمة من يدي؟!
جناح: ويحك ياحويرث وما شأنك بفاطمة وهي صبية..كانت ستكون سبة على قريش مدى الدهر لو انتقمنا من فاطمة جزاء لما فعله بنا أبوها.. هذا هو البغي يارجل.
الحويرث: بل ويحك أنت ياعبد حرب بن أمية.. أنسيت ما فعلته بنا فاطمة يوم ألقيت أحشاء البعير على أبيها وهو يصلي عند الكعبة؟
جناح: بلى بلى، وكيف أنسى ذلك؟ لقد رفعت الأحشاء عن ظهر أبيها وأقبلت عليك وأنت تحتمي بزعماء قريش فشتمتكم وعنفتكم ودعت عليكم وأنتم تضحكون.
الحويرث: أما وهبل، ماكنا نضحك إلا لعجزنا عن رد منطقها.. لاعشت إن لم أرد إهانتها تلك..
وكان الإمام علي – عليه السلام- قد خرج من مكة ليلة بالصديقة الكبرى وأمه فاطمة بنت أسد وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب وفاطمة بنت حمزة وأخريات من نساء المؤمنين.
وقد أركبهن على هوادج صنعها بيده ونصبها على نياق إشتراها من أموال خديجة الطاهرة بأمر من رسول الله – صلى الله عليه وآله-.
وكانت الصديقة تواجه على صغر سنها الأخطار المحدقة في هذا السفر إذ كان هذا الركب ركب أول المهاجرين الى رسول الله بعد خروجه من مكة.
جناح: هلم سراعا.. هلم سراعا.. فقد حانت لك فرصة الانتقام التي تطلبها.
الحويرث بن نقيد: عم تتحدث ياجناح؟ وأي انتقام تقصد؟
جناح: الانتقام من ابن ابي كبشة في ابنته فاطمة.
الحويرث: بل الانتقام من فاطمة نفسها قبل أبيها.. ولكن كيف؟
جناح: لقد جهز سيدي ابوسفيان سرية لمطاردة ركب ابن أبي طالب والعودة بفاطمة ومن معها أسارى الى مكة.
الحويرث: فليعلو هبل.. ليعلو هبل..
جناح: لقد اختار زعماء قريش لهذه السرية خيرة فرسان مكة.
الحويرث: وانا خيرتهم ياقريش.. أنا قادم معكم ياجناح على جناح السرعة.. لقد حان الانتقام.
وكان الركب العلوي الفاطمي يقع الصحراء بخطى حثيثة للحاق برسول الله – صلى الله عليه وآله-.
ولم يكن يخفى عليه كيد زعماء قريش لأسره وإرجاعه الى مكة.
ابو واقد الليثي: ها أسرعن في المشي.. بالله عليكن..أسرعن..
فقال الامام علي – عليه السلام-: إرفق بالنسوة يا اباواقد.
ابو واقد: لاتلمني يا علي، إنما أجد في السير مخافة أن يدركنا طلب قريش.
فقال له الامام – عليه السلام-: أربع عليك فإن رسول الله قال لي: ياعلي إنهم لن يصلوا من الآن اليك بأمر تكرهه.
ثم أخذ –عليه السلام- يسوق النياق سوقا رفيقا وهو يرتجز ويقول:
ليس إلا الله فأرفع ظنكا
يكفيك رب الناس ما أهمكا
ابو واقد: ها قد وصلنا مشارف ضجنان.. أتراها يا علي؟! ولكن (باضطراب) ولكن يا علي.. كأن فرسان المشركين قد أدركونا.. أدركنا.. أدركنا ياعلي أدرك ركب الفواطم.
فهدأ الامام المرتضى-عليه السلام- من روع أبي واقد وأيمن.
قال – عليه السلام-: يا أيمن ويا أبا واقد، أنيخا الابل وإعقلاها.
ثم تقدم حتى استقبل القوم بوجهه وقد انتضى سيفه.
جناح: ويحك يا ابن ابي طالب، أظننت أنك ناج بالنسوة.. لترجعن بهن راغما.
ابو واقد (مع نفسه): يا رب انصر عليا.. يا ويلي لقد دنا الفوارس من هوادج النسوة ليثوروا المطايا.
ابو واقد: الحمد لله لقد رد علي الفوارس عن النساء ولكن.. كأن عبد أبي سفيان يريد أن يغدر به.
جناح: خذها يا علي ضربة من جناح زينة فرسان قريش...
فراغ الامام عن الضربة وضرب جناح ضربة صرعه بها وشد على القوم وهو يرتجز قائلا:
خلوا سبيل الجاهد المجاهد
آليت لاأعبد غير الواحد
الحويرث(مع نفسه): ها قد حانت الفرصة للانتقام من فاطمة فعلي منشغل بالقتال.. لأهاجمن هودجها وأثير ناقتها حتى تقتلها في البرية.. اليك يابنت ابي كبشة.
ابو واقد: يا علي لقد أسقط الحويرث هودج فاطمة.. كأنها قد جرحت أدرك بضعة رسول الله ياعلي.
فهجم علي-عليه السلام- باتجاه هودجها فهرب الحويرث وأعاد الامام الهودج وشده على الناقة.
وقال – عليه السلام-: يافاطمة لايصفر وجهك يابضعة رسول الله وأنا ابن عمك.
فقالت عليها السلام: والله يابن عم ما خاب من كنت له ظهيرا.
نتابع – أعزاءنا المستمعين- مشاهد هذه الهجرة الفاطمية العلوية الى الله ورسوله في الحلقة المقبلة بإذن الله ضمن مسلسل (الصديقة الكبرى).