نحن الآن مع المقطع الاخير من زيارة الجامعة، ونعني بها (الجامعة الكبيرة) الخاصة بزيارة الائمة عليهم السلام، وهو يتضمن عدة فقرات تحوم جميعاً على التوسل بهم لايجاد الحاجات المطلوبة لقارئ الزيارة، ويبدأ مع الفقرة القائلة: (يا اولياء الله ان بيني وبين الله عزوجل ذنوباً) الى ان يقول: (وكنتم شفعائي فأني لكم مطيع، من اطاعكم فقد اطاع الله ومن عصاكم فقد عصى الله، ومن احبكم فقد احب الله ومن ابغضكم فقد ابغض الله).
هذه الفقرات من المقطع الختامي لزيارة الجامعة تشير الى ان الائمة عليهم السلام هم: شفعاء قارئ الزيارة، وانه مطيع لهم، وان اطاعتهم اطاعة الله، والعكس هو الصحيح، وان من احبّهم احبّ الله تعالى، والعكس هو الصحيح ايضاً، ويغنينا من هذا القسم: ان نربط بين الشفاعة وبين العلاقة بين قارئ الزيارة وبين الائمة عليهم السلام، وانعكاس ذلك على النتائج المترتبة على الشفاعة، وهو امر نستمع الى بعض ابعاده من خبير البرنامج سماحة الشيخ باقرالصادقي وهو يجيب عن سؤال زميلنا في الاتصال الهاتفي التالي نستمع معاً:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلاً بكم ومرحباً في هذه الفقرة من فقرات برنامج امناء الرحمان، معنا مشكوراً على خط الهاتف خبير البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ سؤالنا في هذه الحلقة عن آثار الفوز بشفاعة محمد وآل محمد صورة مجملة عن هذه الآثار؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، هناك مجموعة آثار لفوز الانسان المؤمن بهذه الشفاعة:
اولاً: الكون معهم في دار النعيم وقد ورد في بعض النصوص وخصوصاً كذلك في زيارة عاشوراء ان يطلب العبد والزائر من الله عز وجل ان يرزق هذا المقام المحمود وان يرزقني الله المقام المحمود لكم عند الله وهو مقام الشفاعة الكون معهم في دار النعيم.
ثانياً: الحصول على رضوان الله تبارك وتعالى هذا بلا شك انه لا يحظى بالشفاعة الا بعد ان ينال رضا الامام واذا رضا عنه الامام رضا عنه الرسول ويعني رضا عنه الله تبارك وتعالى.
ثالثاً: الفوز بالشفاعة شفاعة اهل البيت سبب لحصول البركات للآخرين حتى لهذا الذي تشفع في اهل البيت عليهم السلام كما في نصوص كثيرة حينما يؤمر ببعض الناس بعد ان تتشفع بهم الزهراء عليها السلام فيقفون على باب الجنة فيأتيهم النداء ما وقوفكم على باب الجنة قد تشفعت فيكم ابنة النبي، يقولون هذا القول: نريد ان يعرف قدرنا في هذا اليوم نحن والينا فاطمة واحببنا فاطمة، فخذوا بيدي من اطعمكم على حب فاطمة من سقاكم على حب فاطمة من رد عنكم غيبة ومن كساكم على حب فاطمة خذوا بيده وادخلوه الجنة، فاذن الذي يحظى بشفاعة اهل البيت يكون كذلك، تكون عنده وجاهة لشفاعة الآخرين يتشفع باناس آخرين، وهذه في الحقيقة من جملة الامور التي يحظى بها الانسان الذي يحظى بشفاعة اهل البيت، لذلك ورد في هذه الزيارة الكريمة ان يسأل الزائر من الله عز وجل ان يرزقه شفاعة النبي محمد وآله الطاهرين، وكان بعض اصحاب الائمة ربما يغتر لبعض عبادته او بعض الاشياء التي عنده من اوراد واذكار فقال احدهم للامام الصادق عليه السلام: سيدي انا عندي عمل انا لا احتاج الى شفاعة جدك النبي في ذلك اليوم، فيقول تبينت الغضب في وجه الامام الصادق وقال: ويحك لو نظرت الى اهوال يوم القيامة ما من مخلوق الا وهو محتاج الى شفاعة جدي محمد صلى الله عليه وآله>، الله يرزقنا واياكم وجميع المسلمين شفاعة النبي واهل بيته الاطهار.
المحاور: صلوات الله عليهم اجمعين اللهم آمين، سماحة الشيخ باقر الصادقي شكراً جزيلاً، وشكراً لمستمعينا الافاضل وهم يتابعون ما تبقى من هذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان وشرح الزيارة الجامعة.
*******
نعود احبائنا الى المقطع الاخير من الزيارة الجامعة ونلاحظ انه عرض موضوعين هما: الاطاعة والحب، مشيراً الى ان من اطاع الائمة عليهم السلام انما اطاع الله تعالى، ومن عصاهم فقد عصى الله تعالى، وهذا هو الموضوع الاول واما الموضوع الآخر فهو: ان من احبهم فقد احب الله تعالى ومن ابغضهم فقد ابغض الله تعالى، والسؤال الآن هو: ما هي النكات الكامنة وراء هذين الموضوعين وعلاقتهما بالشفاعة التي ذكرها النص لقارئ الزيارة؟
من الواضح ان الله تعالى هو المحور في الطاعة والمحبة، وهذا ما اكده النص حينما اوضح بان اطاعتهم هي اطاعة الله تعالى، والعكس كذلك، وان محبتهم هي محبة الله تعالى والعكس كذلك، وهذا يعني ان قارئ الزيارة يتجه الى الله، ولكن بما ان الله تعالى امرنا بأطاعتهم وعدم المعصية، لذلك نطيعهم، والامر كذلك بالنسبة الى محبتهم، بيد ان السؤال بعد ذلك هو: ما هي النكات الكامنة وراء عرض هذين الموضوعين: الطاعة والمحبة، والعكس: العصيان والبغض؟
بالنسبة الى الطاعة، فان النكتة وراء ذلك من الوضوح بمكان، وذلك لان الطاعة هي: الهدف الرئيس من وجود الانسان على الارض تبعاً لقوله تعالى «مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ»، والعبادة هي: الالتزام بمبادئ الله تعالى، متمثلة في الطاعة: كما هو مبيّن، ولكن السؤال من جديد: لماذا المحبة ايضاً؟ وهل ان الطاعة غير المحبة؟
من الممكن مثلاً ان يجد الانسان نفسه قد أُرغمت على الطاعة: بحثاً عن النجاة، ولكن الامر بالنسبة الى عباد الله المخلصين هو المحبة لله تعالى، وتبعاً لذلك فأن الطاعة هي نتاج المحبة، وهو: قمة الطموح العبادي عند الانسان، ولذلك ورد ان المعصومين عليهم السلام وسائر عباد الله المصطفين انما يطيعون الله تعالى لانه اهل للطاعة، وليس انهم يبحثون عن الثواب ويتجنبون العقاب، اذن عندما يقول النص: ان محبة الائمة عليهم السلام انما هي محبة الله تعالى، وبغضهم هو بغض لله تعالى، انما يتسامون بمبادئهم الى ما يطلبه تعالى من عباده المخلصين كما هو واضح.
بعد ذلك يتجه النص الى الاشارة بأن قارئ الزيارة حينما يتخذ الائمة شفعاء لهم، فلانهم اقرب المخلوقين الى الله تعالى، وهذا ما يتطلب بدوره توضيحاً يُختم به الحديث عن الزيارة المتقدمة (وهو ما نحدثك به في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى). والى ذلك الحين نسأله تعالى ان يوفقنا الى الطاعة، وامتدادها الى آخر حياتنا، انه وليّ التوفيق.
*******