موضوع البرنامج:
فاطمة كاشفة هم الرسول
السلام عليكم إخوتنا محبي فاطمة ورحمة الله.
على بركة الله نلتقيكم في مشهد آخر من مشاهد السيرة الفاطمية.
ومشهد هذا اللقاء يصور لنا الزهراء وهي ترث أمها خديجة الطاهرة في مواساة أبيها المصطفى في أعباء نشر دين الله.
وكذلك في إعانتها المخلصة لرسول الله – صلى الله عليه وآله – في تحمل أذى طواغيت قريش وسعيهم للصد عن سبيل الله.
العاص بن وائل: يا أباجهل، يا أباجهل، هلم إلي هلم إلي يا أباجهل.
ابوجهل: ماوراءك أيها العاص؟ أهي دعوة للذة وانبساط؟
العاص: بلى يا أباجهل، هي دعوة للإنتقام من محمد.
ابوجهل: ماذا تقول يابن وائل؟ الإنتقام من محمد!
العاص: نعم يا أباجهل، هو ذا محمد يطوف بالكعبة، لقد حانت لك فرصة الإنتقام منه على مافعله بنا أبوطالب وحمزة يوم ألقينا على محمد أحشاء البعير وهو جالس في حجر إسماعيل عند الكعبة.. لقد حانت فرصة الإنتقام (بلهجة المتشفي).
أبوجهل(بحسرة وألم): لاتذكرني بذلك ياعاص، فواللات لازالت رائحة أحشاء الشاة تلك تزكم أنفي.
العاص: ولازالت تزكم أنفي أنا أيضا يا أباجهل منذ أن مسح بها حمزة وجوهنا ونحن مستسلمون لسيفه.. ويلاه كيف لم نطق حراكا يومها ولم ندفع عن أنفسنا هذا العار يا أباجهل.
ابوجهل: ومن منا كان قادرا يومها على مواجهة غضبة أبي طالب على ما فعلنا بابن أخيه محمد.
العاص: لقد أفسد علينا أبوطالب يومئذ نشوة الانتقام ولذة رؤية أحشاء البعير وهي تلطخ عمامة محمد وثيابه.
ابوجهل: لقد حانت الفرصة اليوم للإنتقام ياعاص.. فها هو محمد وحيدا وقد مات ناصره أبوطالب.
العاص: فليس هاهنا من يفسد علينا لذة هتك محمد بمرأى من الناس... هلم الى الإنتقام يا أباجهل.
كان ذلك بعد أيام من وفاة حامي الرسول أبي طالب رضوان الله عليه.
وكان هدف طواغيت قريش من مثل هذه الفعال المبتذلة أن يهينوا رسول الله – صلى الله عليه وآله – ويسقطوه من الأعين حسب زعمهم.
وبذلك يصدوا الناس عن الدخول في دينه الجديد فيميتوا دعوته كما كانت تمنيهم بذلك أوهامهم.
ابوجهل: يامرجان.. قم سريعا واجمع ماقدرت عليه من التراب.
مرجان: سمعا وطاعة ياسيدي.. وماذا أفعل به؟
ابوجهل: خذه الى هناك حيث يقف يتيم بني هاشم فإذا سجد فانثره كله على رأسه.
العاص: وانثر مااستطعت منه على وجهه، إحرص على ترطيب التراب بالماء كي يلصق بوجهه طينا فلايستطيع نفضه.
ابوجهل: إسرع ياغلام قبل أن يتم محمد صلاته.
العاص: ولك جائزة مني يا مرجان إن أحسنت القيام بذلك ورآك الناس تنثرالتراب على وجه محمد ورأسه.
مرجان: سمعا وطاعة سيدي.. سمعا وطاعة.
زيد بن حارثة: وا ذلاه يا أم أيمن، وا ذلتنا بعد أبي طالب يا أم أيمن. أم أيمن: أعزك الله يا زيد وأبعد عنك الذل، أخبرني ماالذي جرى فأي ذل بعد الاسلام.. لاتقل مثل هذا يا زيد.
زيد: وكيف لاأقول ذلك يا أم أيمن وقد رأيت سفيها من سفهاء قريش يعترض رسول الله وهو يصلي عند الكعبة ويهينه وينثر على رأسه ووجهه التراب ولا أحد يمنعه بعد أبي طالب.
أم أيمن: ويلي يا زيد ويلي، أوفعلوا برسول الله هذا؟
زيد: بلى يا بركة ولقد رأيت أباجهل والعاص وباقي صناديد قريش يضحكون وهم يرون مايفعل برسول الله.
أم أيمن: وا لهفتاه على رسول الله، وماذا فعل رسول الله يا زيد؟
زيد: لقد علاه الحزن وهو يخرج من المسجد بتلك الحالة ويعود منكسر القلب الى بيته.
أم أيمن: والله ليفرجن الله عنه ويذهب عنه الحزن بفاطمة وهو يراها تواسيه بحنان الأم.. لأذهبن إليه وآتيك بما يفرج همك أنت أيضا يا زيد.
أم أيمن: السلام عليك يازيد، ها قد جئتك بالفرج وبالبشرى من رسول الله .. أبشر يا زيد أبشر.
زيد: وعليك السلام يا أم أيمن.. ومثلك من يبشر بالخير أخبريني ماالخبر؟
أم أيمن: عندما دخلت على رسول الله وجدت فاطمة وقد أحضرت الماء وهي تغسل برأفة رأسه ووجهه وتميط عنه التراب وهو يردد قوله:
قال – صلى الله عليه وآله-: والله ما نالت مني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبوطالب.
أم أيمن: فكانت فاطمة تسليه وتواسيه وهي تزيل التراب عنه بحنان حتى أذهبت عنه الحزن والأذى فطفق يقول مبتهجا بها.
فداك أبوك يا فاطمة، فداك أبوك، لأنت والله (أم أبيها)، بوركت يا ابنتي يا أم أبيها.
زيد: فرج الله عنك يا أم أيمن لقد فرجت عني بهذا الخبر.
أم أيمن: أما والله لقد أذهبت عني فاطمة أنا أيضا لما رأيت من إزالتها الحزن عن قلب رسول الله قبل إزالتها التراب عن رأسه.
زيد: ولكن لم تخبريني يا أم أيمن ما هي البشرى التي ذكرت أنك جئت بها لي من بيت رسول الله؟
أم أيمن: نعم أخبرك يا زيد، أن رسول الله لما ذكر هوانه على الناس بعد وفاة أبي طالب بكت فاطمة لوحدته، فضمها الى صدره وبشرها بنصر الله.
قال – صلى الله عليه وآله-: لاتبكي يا بنية، لاتبكي يا فاطمة، فإن الله مانع أباك يا أم أبيها.
وهكذا كانت سيرة فاطمة الزهراء أم أبيها – سلام الله عليها – تدفع عن رسول الله أذى طواغيت قريش وجهالات السفهاء مثلما تدفع الأم الأذى عن أولادها.
فحق لها أن يلقبها الصادق الأمين – صلى الله عليه وآله – بهذا اللقب الذي خصها الله به من بين نساء العالمين من الأولين والآخرين.