موضوع البرنامج:
فاطمة في شعب أبي طالب
السلام عليكم أعزاءنا ورحمة الله نلتقيكم –على بركة الله- في مشهد آخر من مشاهد سيرة مولاتنا فاطمة الزهراء – سلام الله عليها-. ومشهد هذه الحلقة – أيها الأحباء- يصور لنا السنين الأربع الأولى من حياة مولاتنا. وقد قضت –عليها السلام- هذه السنين الأربع في شعب أبي طالب في ظل أجواء الجوع والخوف والمقاطعة التي فرضها طواغيت قريش على بني هاشم.. فقد اجتمعوا في دار الندوة وكتبوا صحيفة المقاطعة وختمها أربعون من رؤساء المشركين علقوها في جوف الكعبة.
*******
ابوجهل: ياسادة قريش، ها قد كتبنا هذه الصحيفة عهدا أن لانواكل بني هاشم ولانكلمهم ولانبايعهم شيئا من الطعام ولانزوجهم ولانتزوج اليهم حتى يدفعوا الينا محمدا فنقتله وإن لم يفعلوا قتلناه غيلة أوصراحا، أوتركناهم حتى يموتوا معه من الجوع والهم، كلنا يد واحدة عليهم... رجل: يا أباجهل.. ابوجهل: ويحك، بل قل يا اباالحكم. رجل: حسن، يا اباالحكم، وماذا نفعل مع التجار الذين يأتون من خارج مكة لبيع طعامهم لأهلها؟ ابوجهل: نمنعهم أن يبيعوا لبني هاشم شيئا من الطعام. رجل: وماذا نفعل إن أبو رغبة في الحصول على أموال خديجة، إن ابنة خويلد ستبتاع الطعام لمحمد ومن صبا الى دينه ولوبأغلى الأثمان.ابوجهل: لاعليك يارجل، أنا والعاص بن وائل والنضر بن حارث وعقبة بن أبي معيط سنخرج كل يوم الى طرقات مكة وشعابها ونمنع التجار من أن يبيعوا شيئا من الطعام لبني هاشم ومن أبى نهبنا ماله.
*******
فلما بلغ أباطالب الخبر جمع بني هاشم ودخل الشعب وحصن الشعب وكان سلام الله عليه يقضي ليله حاملا سيفه يحمي رسول الله – صلى الله عليه وآله – من غدر قريش فيما يوكل مهمة حراسته في النهار لولده ولولد أخيه..
*******
زيد بن حارثة: قومي يا أم أيمن رحمك الله واحملي ولدك أسامة وأنا أحمل أيمن لنذهب الى شعب ابي طالب. أم أيمن: سمعا وطاعة يازيد وجزاك الله خيرا على جميل صنعك وشفقتك بولدي أيمن. زيد: ماذا تقولين يا ام أيمن، فأيمن ولدي مثل أسامة، رحم الله أخي أباأيمن. أم أيمن: أراك ترعاه أشد من رعايتك لولدك اسامة يازيد. زيد: وكيف لاأفعل ذلك وقد رأيت خديجة الطاهرة ترعى ولد أختها زينبا ورقية مثلما ترعى وليدتها فاطمة. أم أيمن: صدقت، وماأشد رأفة رسول الله وشفقته عليهن كأنهن من صلبه.. زيد: حسن، أسرعي لكي ننتقل الى شعب ابي طالب. أم أيمن: وما سرعجلتك هذه يازيد؟ زيد: أما علمت يا ام ايمن باشتعال غيظ ابي جهل وحزبه وسعيهم لإيذاء المسلمين خارج شعب ابي طالب لقد سمعت اباجهل وهو يقول عند الكعبة..
*******
ابوجهل: لقد حالت حراسة أبي طالب وولده وولد أخيه بيننا وبين قتل محمد غيلة، فواللات والعزى وهبل سنؤذي أصحابه ونشدد الحصار على الشعب سنذيقهم الجوع والخوف..
*******
زيد: ما الذي أصاب أسامة يا ام ايمن؟ أم أيمن: هوالجوع يا ابن الحارثة، كم يؤذيني بكاؤه. زيد: ولماذا لاترضعيه؟ أم أيمن: وهل رأيت أما تبخل بلبنها على ولدها؟ ماذا أفعل وقد قل لبني لقلة مانجد من الطعام الذي تمنعه عنا قريش. زيد: هكذا هو حال خديجة أيضا، بل وحالها أشد منك. أم أيمن: ولكن رضيعتها ليست كأسامة زيد: وكيف؟ ألا يمس فاطمة الجوع كما يمس سائر الرضع. أم أيمن: بلى، بلى، يمسها ولكني أراها والله ليست كسائرالرضع. زيد: وكيف رأيتيها يا أم ايمن؟ أم أيمن: والله لم أرها ولامرة تبكي من الجوع.. كلما دخلت على مولاتي خديجة أرى فاطمة الرضيعة وكأنها تواسي أمها، فلاتبكي لقلة اللبن الذي تدر عليها خشية من أن تؤذيها.. زيد: لاعجب مما تقولين يا أم ايمن، أليست فاطمة هي التي كانت تصبر أمها وتحدثها وهي جنين في بطنها.أم أيمن: إي والله لقد علمت بذلك، رحمة الله وبركاته على أهل هذا البيت... زيد: حسن، لندع الله بفاطمة أن يدرعليك من اللبن مايكفي رضيعنا اسامة كيما يسكت.. أم أيمن: وإنه جل جلاله لمجيب لمن دعاه بحبيبة حبيبه ونبيه فاطمة.
*******
وتمر الأعوام في ظل حصار قريش لبني هاشم في شعب ابي طالب، والصديقة الكبرى تعين والديها والمحاصرين في الشعب على الشدة بمواساتها وصبرها الفريد الذي بدأ وهي رضيعة.. وهذا من مصاديق ماذكرته الأحاديث الشريفة من أن آل -محمد صلى الله عليه وآله – لايقاس بهم أحد، وقد استمرت المواساة الفاطمية لأهل شعب ابي طالب – عليه السلام- وفي صورعدة.
*******
زيد: لله الحمد يا ام ايمن، له الحمد على هذه النعمة. أم أيمن: أي نعم الله تقصد يازيد؟ زيد: أقصد زوال الضعف والشحوب الذي كنت أراه على وجه صغيرنا اسامة. أم أيمن: الحمد لله، ذلك من فضل الله وفضل حبيبتي فاطمة علينا. زيد: وما شأن فاطمة في زوال شحوب ولدنا؟ أم أيمن: لقد شاهدت منذ أيام شحوب الجوع يظهر على فاطمة فأقلقني أمرها، ولما استقصيت حالها وجدتها تؤثر ولدنا اسامة بطعامها دون أن تعلم أحدا. زيد: أوعلى صغر سنها تؤثر صبيتها بطعامها؟ هذا والله مالايقدر عليه سوى آل محمد – صلى الله عليه وآله-. أم أيمن: أجل، لقد أشفقت عليها ونهيتها وقلت لها: يكفي اسامة مايطعمه، فكلي طعامك يافاطمة، فأبت وقالت: رزق ساقه الله لولدك فلاتمنعيه.. إنا أهل البيت نطيق ما لا تطيقون.
*******