قطعت أربع دول عربية في الخامس من يونيو/حزيران 2017، بقيادة المملكة العربية السعودية، علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، ما أدى فعليا إلى وضع البلاد تحت الحصار. وكانت مصر والإمارات والبحرين من مؤيدي السعودية في هذه الخطوة المفاجئة، وسرعان ما انضمت إلى هذه المجموعة دول مثل ليبيا والمالديف والسنغال والأردن وموريتانيا وغيرها.
وبحسب بيان أصدرته هذه الدول، تم إغلاق جميع الطرق البرية والبحرية والجوية بين الجيران وقطر، ودخلت هذه شبه الجزيرة الصغيرة في الخليج الفارسي في حجر صحي إلزامي.
وكانت الذريعة التي ساقتها هذه الدول لمثل هذا التحرك هي خطاب مزعوم لأمير قطر تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، وصف فيه الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالقوة العظمى وضامنة الاستقرار الإقليمي، واعتبر "حماس" ممثلا للفلسطينيين. ورغم نفي الحكومة القطرية لمثل هذه التصريحات، إلا أن دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة آنذاك، أيد الحصار، وتدهورت الأوضاع في قطر.
وفي ظل هذه الظروف، سارعت إيران إلى مساعدة القطريين ومنعت نشوء الأزمة من خلال إرسال شحنات من السلع. وبالإضافة إلى ذلك، سمحت إيران لقطر باستخدام المجال الجوي الإيراني لطائراتها، ومنذ تلك اللحظة أصبحت قطر قريبة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وتم خلال زيارة الرئيس الإيراني الفقيد الشهيد رئيسي لهذا البلد بعد 11 عامًا، توقيع العقود، أحد أهمها بناء أطول نفق تحت الماء في العالم بين إيران وقطر.
وأعلن في أوائل عام 2025، أن إيران وقطر بدأتا بدراسة مشروع ضخم لبناء نفق تحت الماء تحت الخليج الفارسي بين البلدين. وبحسب المخططات، فإن هذا النفق، الذي يبلغ طوله الإجمالي 185 كيلومترا، سيكون أطول نفق نقل في العالم. تم تصميم هذا المسار بشكل أساسي للقطارات، ولكن يتم النظر أيضًا في إمكانية مرور السيارات.
وإذا تم تنفيذ هذا المشروع، فمن الممكن توجيه الشحنات عبر إيران والخليج الفارسي وقطر إلى دول عربية أخرى في المنطقة، وهو ما قد يؤدي إلى توسيع الممر الشمالي الجنوبي الذي يمر عبر إيران إلى دول الخليج الفارسي وجنوب آسيا، ويوفر لإيران فرص عبور جديدة.
وفي لقاء عقد في أكتوبر/تشرين الأول من العام الجاري بين النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا عارف وسعد بن عبد الله آل محمد الشريف السفير الجديد لقطر في طهران، أكد عارف على أهمية بناء أطول نفق تحت الماء في العالم بين إيران وقطر، وذكر أن البلدين يتابعان هذا المشروع الكبير وأن إيران عينت مجموعة عمل متخصصة للدراسات الأولية.
وبعد حادثة 2017، تريد قطر الاتصال بالعالم عبر إيران وهي مستعدة لدفع ثمن ذلك. وتقع مسؤولية إنشاء هذا النفق، الذي يحتاج إلى استثمارات ضخمة، على الجانب القطري، حيث تجري حالياً أعمال الدراسة، ومن المقرر بعدها البدء في عمليات التنفيذ. نفق من شأنه أن يمنح إيران حدوداً برية جديدة مع قطر، وبالطبع يكون له تأثير كبير على التجارة بين البلدين وعبور البضائع.
ولم يتم تحديد تكلفة إنشاء هذا النفق حتى الآن، ولكن من خلال دراسة مشاريع أخرى مماثلة، يمكن تقدير هذا الرقم بنحو 45 مليار دولار، وهو رقم لا يبدو غير معقول بالنسبة لاستثمار قطري.
وفي الآونة الأخيرة، نشرت أمانة المنتدى الاقتصادي الدولي السادس عشر لروسيا والعالم الإسلامي (منتدى قازان) تقريرا يبحث آفاق الممر الشمالي الجنوبي من خلال متابعة مشاريع مثل استكمال خط السكك الحديدية رشت - آستارا ومشروع النفق البحري الجديد بين إيران وقطر.
سيعقد منتدى قازان 2025 في الفترة من 13 إلى 18 مايو، في قازان عاصمة تتارستان الروسية.
وجاء في التقرير:
"في عام 2025، سيتم إطلاق مشروع وطني جديد مدته خمس سنوات تحت عنوان "نظام النقل الفعال" في روسيا. ويهدف هذا المشروع إلى زيادة سرعة وحجم حركة البضائع داخل روسيا وخارج حدودها. ونتيجة لتنفيذ هذا المشروع سيتم إنشاء نظام نقل متكامل من شأنه تسريع نقل البضائع لدول أوراسيا وخارجها."
ووفقا للتقرير، يتضمن هذا المشروع زيادة قدرة البنية التحتية للممرات الدولية الرئيسية، مثل ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، وفي الوقت نفسه، تم إيلاء اهتمام خاص لتطوير شبكات الموانئ البحرية والممرات المائية الداخلية.
إن ضم الدول الجنوبية المطلة على الخليج الفارسي في خطط ممر النقل من الشمال إلى الجنوب قد يحل مشكلة تحميل عربات السكك الحديدية في رحلة العودة ويقلل تكاليف النقل. وتنتج المنطقة منتجات هيدروكربونية وسلعًا عالية التقنية يمكن توريدها شمالًا عبر الممر الشمالي الجنوبي.
ومن المقرر إنشاء ممر نقل دولي من الشمال إلى الجنوب بطول 7200 كيلومتر، من روسيا (الموانئ البحرية في بحر البلطيق) إلى الهند (الموانئ البحرية في الخليج الفارسي وبحر عمان)، ويشمل طرق برية وشبكات سكك حديدية وطرق بحرية.

يتضمن هذا الممر ثلاثة طرق رئيسية: الطريق البري-البحري المتوسط عبر بحر قزوين، والطريق الغربي (عبر جمهورية أذربيجان أو أرمينيا)، والطريق الشرقي (عبر كازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان) إلى إيران.
وبحسب حسابات الخبراء، فإن تنفيذ مشروع الشمال-الجنوب سيؤدي إلى تقليص وقت نقل البضائع في أوراسيا بمقدار ضعفين إلى ثلاث أضعاف. وعلى سبيل المثال، قد يستغرق الشحن من سانت بطرسبرغ، في روسيا إلى مومباي الهندية، حوالي 10-20 يومًا بدلاً من 30-45 يومًا بالطريقة البحرية التقليدية. وبهذه الطريقة، يتم أيضًا خفض تكاليف النقل بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المائة.