موضوع البرنامج:
قوابل الزهراء
السلام عليكم أيها الأحبة وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد سيرة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين .
إنه مشهد ولادتها المباركة سلام الله عليها نقتبسه من الرواية المعتبرة التي أسندها الشيخ الصدوق في كتاب الأمالي الى مولانا الامام الصادق عليه السلام.
وقد رأينا في المشاهد السابقة جميل الصنع الإلهي في انزال النور الفاطمي من ثمار الجنة الى الصلب المحمدي الشامخ والرحم المطهر للطاهرة خديجة الكبرى.
وفي مشهد اليوم نرى جميل الصنع الإلهي والتدبير الرباني لولادة فاطمة الخيرات التي علمنا أنها كانت – وهي جنين – تحدث أمها وتؤنسها ليزيل بها وحشة خديجة من مقاطعة نساء قريش لها والتي اشتدت أيام حملها بالحوراء الإنسية.
*******
هند(تحادث نفسها): آه ياخديجة آه، إن لم تموتي كمدا من الوحشة، فها أنت ستموتين أنت وجنينك في عسر المخاض؛ عجل الينا ايها البشير المبشر بموت خديجة!!
ابوسفيان: ما هذا الشرود الذي أراه عليك يا ابنة عتبة؟
هند: ها، ماتقول يا أباسفيان؟
ابوسفيان: مابك ياهند؟ دعي عنك هذا الشرود وشاركينا المتعة بحفلنا هذا ورقص هؤلاء الغلمان والجواري.
هند: شأنك أنت والتمتع بهذا، أما انا فلا يسرني إلا مجيء البشير بموت خديجة.
ابوسفيان(بتعجب): موت خديجة!! وهل صرت من الكهنة العارفين بالآجال ياابنة عتبة(بتهكم).
هند: دع عنك هذا التهكم ياحرب، إنما بعثت بعض غلماني ليتسقط خبر خديجة، فقد جاءها المخاض وليس عندها من نساء قريش من يلي أمرها.
ابوسفيان: ويحك يا هند، ومن أين علمت بهذا؟
هند: لقد كنت اليوم في مجلس قريش فجاءتنا جاريتها بركة.
بركة: يانساء قريش .. لقد بعثتني مولاتي خديجة اليكن في حاجة.
هند: وماالذي تريده ابنة خويلد وقد تحالفنا على مقاطعتها؟
بركة: ليس هذا أوان الكلام عن المقاطعة يا سيدتي، فقد اقترب موعد ولادة مولاتي وهي تشعر بآلام المخاض.. وقد بعثتني اليكن.. للذهاب اليها لكي تلين منها ماتلي النساء من النساء في هذا.
هند: اغربي عنا يابركة، اغربي لاشأن لنا بمولاتك.
بركة: أقسم عليكن برب الكعبة أن لاتتركن سيدة قريش الطاهرة في هذا الموقف.. أخشى أن تموت في الطلق.
هند: هذا أوان ندمها على عصيانها لنا.. عودي اليها وانقلي لها قولنا: يا خديجة أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوجت محمدا يتيم ابي طالب فقيرا لامال له، فلسنا نجيء اليك ولا نلي من أمرك شيئا!
*******
ولكن الله الذي كان يبعث بملائكته الى أمته مريم العذراء برزقها لم يترك أمته الطاهرة بل خصها بقوابل من نساء الجنة ليلين أمر الولادة المباركة.
بركة: يا إلهي.. ماهذا الذي أراه؟ من أين دخلن على مولاتي هؤلاء النساء الأربع؟ من هن.. ياإلهي لم أرهن من قبل.. ما أبهى سيماهن.. كأنهن أنوارا تمثلن في هيئات بشرية سوية...
وأذهب الفزع من رؤية هؤلاء النسوة قول إحداهن: لاتحزني يا خديجة، إنا رسل ربك اليك ونحن أخواتك: أنا سارة زوجة أبيكم ابراهيم وهذه آسية بنت مزاحم رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثم أخت موسى بن عمران لقد بعثنا الله اليك لنلي منك ماتلي النساء من النساء.
وجلست قديسات الجنة الأربع حول خديجة، واحدة عن يمينها وأخرى عن شمالها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها، فوضعت وليدتها طاهرة مطهرة.
بركة: يارباه، أي نور هذا الذي صاحب وضع هذه الوليدة ماأبهاه وماأجمله... أرى فتيات قد دخلن الحجرة، ما هذا الذي يحملنه معهن وقد علت البهجة وجوههن؟
قال الصادق – عليه السلام-: ودخل عشر من الحور العين، كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق من الجنة، وفي الإبريق ماء من حوض الكوثر.
فتناولت المرأة التي كانت بين يدي خديجة الوليدة الطاهرة فغسلتها بماء الكوثر وأخرجت خرقتين بيضاوين، أشد بياضا من اللبن وأطيب ريحا من المسك والعنبر فلفتها بواحدة وقنعتها بالثانية.
قال الإمام الصادق – عليه السلام-: "ثم استنطقتها، فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين" وقالت:
"أشهد ان لا إله إلا الله وأن ابي رسول الله سيد الأنبياء وأن بعلي سيد الأوصياء وولدي سادة الأسباط".
ثم سلمت الوليدة الطاهرة – عليها السلام- على النساء وسمت كل واحدة منهن باسمها وأقبلن يضحكن اليها، وتباشرت الحور العين وبشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك.
وقالت النسوة: خذيها ياخديجة، طاهرة مطهرة زكية ميمونة بورك فيها وفي نسلها.
فتناولتها فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها فدرعليها مباركا.
*******
ابوسفيان(بغضب): تبا لك ياابنة عتبة وتعسا، لقد جاء غلامك الذي أردتيه بشيرا بأسوء النذر.
هند: ماتقول ياحرب، بماذا أخبرك الغلام، أخبرني يارجل!
ابوسفيان(بتألم): ها هو قد جاءني زاعما أنه رأى نورا يسطع من بيت خديجة، وقد أخبرته جاريتها بركة أن مولاتنا ولدت بنتا لمحمد ملأت البيت نورا.
*******
بركة: حمدا لك يارب، حمدا لك يارب، ما أشد فرحة ولدي وحبيبي محمد بوليدته المطهرة، أراه يحتضنها بشغف ويوسعها تقبيلا، ويتلو في أذنها كلام ربه.
وهكذا شهد يوم العشرين من شهر جمادي الآخرة من السنة الخامسة للبعثة مولد بهجة قلب المصطفى الزهراء فاطمة صلوات الله وتحياته عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها.
*******