موضوع البرنامج:
شرح فقرة: "سبحانك يا لا اله الا انت، الغوث الغوث خلصنا من النار يا رب"
نبدأ الان بأحد الادعية، فيما يتسم هذا الدعاء باهمية كبيرة، وهو ما يطلق عليه (الجوشن الكبير)، حيث نُزِل به على النبي ص)، بصفة امانا له(ص) ولامته،..
وهو يحتوي على الف اسم من اسماء الله تعالى موزعا على مائة فقرة، كل واحدة تتضمن عشرة من اسمائه تعالى، مسبوقة بالبسملة، وبفقرة (سبحانك يا لا اله الا انت، الغوث الغوث خلصنا من النار يا رب) حيث يُختم بها كل فقرة من الفقرات البالغة (۱۰۰).
ونبدأ اولا بالعبارة المكررة في نهاية كل فصل، ونعني بها عبارة (سبحانك يا لا اله الا انت، الغوث الغوث، خلصنا من النار يا رب)مع ملاحظة ان بعض النسخ تضاف اليها عبارة (صلّ على محمد وآله)..، حيث ان هذه الصلاة تصرح النصوص الشرعية العامة بان تقديمها في الدعاء: له اسهامه في قبوله او الاستجابة. لنبدأ اولاً بملاحظة الفقرة اة العبارة المكررة في فصول الدعاء.
فقرة الدعاء المتكررة في كل فصل تنطوي دون ادنى شك على نكات متنوعة، حيث ان التكرار نفسه له اهميته البلاغية في تعميق وتاكيد الدلالة المستهدف توصيلها الى قارئ الدعاء،... بالاضافة الى ان موقع تكرارها له خصوصية هي:
انها بمثابة محطة او استراحة او نقطة محورية تدور عليها الموضوعات المتجددة... والمهم الان ملاحظة هذه المحطة او المحور الذي تدور الموضوعات المتجددة عليه في جميع فصول الدعاء، وهي فقرة (سبحانك يا لا اله الا انت، الغوث الغوث، خلصنا من النار يا رب).
ان هذه الفقرة تتضمن ثلاث عبارات، الاولى منها: تمجيد الله تعالى وهي عبارة (سبحانك يا لا اله الا انت)، والثانية:
هي (الغوث، الغوث)، والثالثة هي (خلصنا من النار يا رب)...
العبارة الاولى هي: تمجيده تعالى بعبارة (سبحانك يا لا اله الا انت) ... ان هذه العبارة لعلها تتردد على السنتنا في غالبية الادعية، حيث ان (سبحانك) هي: التسبيح له تعالى، والتثنية، والتقديس...، اما عبارة (لا اله الا انت) فهي: التوحيد الخالص: كما هو واضح، وحينئذ فأن الدعاء حينما يُفتتح بتقديسه تعالى وبتوحيده: عندئذ فان فاعليته (اي الدعاء) ستأخذ مكانها العظيم، وهو ما يستهدفه الدعاء دون ادنى شك...
واما العبارة الثانية فهي: (الغوث، الغوث) ...وهذه العبارة لها جملة نكات، منها: التكرار، حيث قلنا بان التكرار لعبارة ما تعني: توكيد الدلالة وتعميقها في ذهن القارئ للدعاء،...
ومنها اي نكات التكرار، انه مصحوب بتكرار آخر،اي: ان قارئ الدعاء عندما يكرر كلمة (الغوث) مرتين من جانب، وحينما يكرر تلكين العبارتين مائة مرة، عندئذ: تتعمق وتترسخ الدلالة، كما هو واضح...
يضاف الى ما تقدم ان كلمة (الغوث) ذاتها هي: صراخ او توسل حاد يجسد اعلى وشد الحالات النفسية لدى قارئ الدعاء: لانه يستغيث (ليس مرة واحدة) بل مرتين بالله تعالى بان ينقذه من الشدة المتمثلة في كتاب جهنم: اعاذنا الله تعالى جميعنا من ذلك...
اما العبارة الثالثة فهي: من اشد العبارات المتقدمة الحاحاً وفاعلية، لان العبارة السابقة عليها تمهيد للظاهرة الاخيرة وهي عبارة(خلصنا من النار يا رب)...
ان خلاص القارئ للدعاء من نار جهنم لا يجسد الا ما هو الاهم من اهتمامات وتطلعات القارئ للدعاء... صحيح ان الاهمية العظمى هي ان يكون اهتمام الانسان برضوان الله تعالى اولا، ثم بتخليصه من النار ثانيا، ولكن الدعاء عندما ينتخب لنا عبارة(خلصنا من النار يا رب) انما يلفت نظرنا الى اهمية من النمط الاخر، الاوهي: ان عملية العقاب بذاتها تعبير عن غضبه تعالى على العبد، فأذا تخلص من العقاب فمعناه: كسب رضاه تعالى من جانب، وحفظ سمعته امام الآخر من جانب ثان ٍ، وتنبيهه على ضرورة ان يجتنب غضب الله تعالى في حياته الدنيا من جانب ثالث، اي: ان مجرد نطقنا بعبارة (خلصنا من النار) تجعلنا ننتبه على ضرورة ان نجتنب كبائر ما ينهى الله تعالى عنها الا،...
كل عبارة من مقطع الدعاء المتكرر المتضمن تمجيد الله تعالى والاستغاثة به، والتوسل بتخليص قارئ الدعاء من النار: اولئك جميعاً لها نكات متنوعة بالنحو الذي اوضحناه. نسأله تعالى ان يخلصنا من النار فعلاً، وان يوفقنا الى طاعته والتصاعد بها الى النحو المطلوب.