امه ـ عليه السَّلام ـ مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وامها من ولد الحواريين، تنسب الى شمعون وصي المسيح ـ عليه السَّلام ـ ولما أُسرت، سمت نفسها نرجس، لئلا يعرفها الشيخ الذي وقعت اليه.
واما كيفية الولادة فروي عن حكيمة بنت ابي جعفر الجواد ـ عليه السَّلام ـ قالت، بعث إلي ابو محمد الحسن بن علي ـ عليه السَّلام ـ فقال: يا عمة اجعلي افطارك الليلة عندنا فإنها ليلة النصف من شعبان، فان اللّه تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة، وهو حجته في ارضه.
قالت فقلت له: ومن امه؟ قال لي: نرجس، قلت له واللّه جعلني اللّه فداك ما بها أثر، فقال: هو ما أقول لك، قالت فجئت فلما سلّمت وجلست، جاءت تنزع خفي وقالت لي: يا سيدتي كيف امسيت؟ فقلت بل انت سيدتي وسيدة أهلي، قالت: فانكرت قولي وقالت ما هذا يا عمة؟ قالت فقلت لها: يا بنية ان اللّه تبارك وتعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاماً سيداً في الدنيا والآخرة، قالت: فجلست واستحت.
فلما فرغت من صلاة العشاء الآخرة افطرتُ واخذت مضجعي، فرقدت، فلما ان كان في جوف الليل قمتُ الى الصلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث، ثم جلست معقبة، ثم اضطجعت، ثم انتبهت فزعة وهي راقدة، ثم قامت فصلّت، قالت حكيمة: فدخلتني الشكوك، فصاح بي ابو محمد ـ عليه السَّلام ـ من المجلس، فقال: لا تعجلي يا عمة فان الأمر قد قرب، قالت فقرأت، الم السجدة ويس.
فبينما انا كذلك اذ انتبهت فزعة، فوثبت اليها، فقلتُ: اسم اللّه عليك، ثم قلت لها: تحسين شيئاً؟ قالت نعم يا عمة، فقلت لها اجمعي نفسك، واجمعي قلبك، فهو ما قلت لك، قالت حكيمة، ثم اخذتني فترة واخذتها فترة، فانتبهت بحس سيدي، فكشفت الثوب عنه فإذا انا به ـ عليه السَّلام ـ ساجداً يتلقى الأرض بمساجده، فضممته الي فاذا أنا به نظيف منظف.
فصاح بي ابو محمد ـ عليه السَّلام ـ هلمّي اليّ ابني يا عمة، فجئت به اليه، فوضع يديه تحت اليتيه وظهره، ووضع قدميه على صدره، ثم ادلى لسانه في فيه وامر يده على عينيه وسمعه ومفاصله، ثم قال تكلم يا بني، فقال: اشهد ان لا إله الا اللّه وحده لا شريك له واشهد ان محمداً ـ صلى اللّه عليه وآله وسلم ـ رسول اللّه، ثم صلّى على امير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ وعلى الأئمة الى ان وقف على ابيه ثم احجم.
قال ابو محمد ـ عليه السَّلام ـ يا عمة اذهبي به الى امه ليسلم عليها، وائتيني به فذهبت به فسلم عليها ورددته ووضعته في المجلس، ثم قال يا عمة: اذا كان يوم السابع فأتينا، قالت حكيمة ، فلما اصبحت جئت لأسلم على ابي محمد ـ عليه السَّلام ـ فكشفت الستر لأفتقد سيدي، فلم اره، فقلت له جعلت فداك، ما فعل سيدي، فقال يا عمة استودعناه الذي استودعته أم موسى ـ عليه السَّلام.
قالت حكيمة فلما كان في اليوم السابع جئت وسلمت وجلست، فقال هلمي الي ابني، فجئت بسيدي في الخرقة، ففعل به كفعلته الأولى، ثم ادلى لسانه في فيه كأنه يغذيه لبناً او عسلاً، ثم قال تكلم يا بني، فقال: اشهد ان لا إله الا اللّه وثنى بالصلاة على محمد وعلى امير المؤمنين والأئمة ـ صلوات الله عليهم اجمعين ـ حتى وقف على ابيه ـ عليه السَّلام ـ ثم تلا هذه الآية (بسم اللّه الرحمن الرحيم ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون).
وفي رواية اخرى فلما كان بعد اربعين يوماً دخلت علي ابي محمد ـ عليه السَّلام ـ فاذا مولانا الصاحب يمشي في الدار، فلم ار وجهاً أحسن من وجهه ولا لغة افصح من لغته، فقال ابو محمد ـ عليه السَّلام: هذا المولود الكريم على اللّه عز وجل، فقلت: سيدي ارى من أمره ما ارى وله اربعون يوماً، فتبسم وقال يا عمتي اما علمت انا معاشر الأئمة ننشأ في اليوم ما ينشأ غيرنا في السنة، فقمت فقبلت رأسه وانصرفت، ثم عدت وتفقدته فلم اره، فقلت لأبي محمد ـ عليه السَّلام ـ ما فعل مولانا؟ فقال: يا عمة استودعناه الذي استودعت ام موسى.
وروي عن محمد بن عثمان العمري ـ قدس اللّه روحه ـ قال: لما ولد الخلف المهدي ـ صلوات اللّه عليه ـ سطع نور من فوق رأسه الى عنان السماء، ثم سقط ساجداً لربه تعالى ذكره، ثم رفع رأسه وهو يقول: اشهد ان لا إله الا هو، والملائكة اولو العلم، قائماً بالقسط، لا إله الا هو العزيز الحكيم، ان الدِّين عند اللّه الإِسلام.