بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأزكى الصَّلاة وأشرفها وأسماها على النبي المصطفى الامين، وعلى آله الائمة المخلصين.
ايها الاخوة الاعزاء الاكارم... السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وتحياته، حيّاكم الله، واهلا بكم في هذا الملتقى القرآني الطيب معكم، ونحن نبحث عن مقام الامام علي _عليه السَّلام_ في كتاب الله عزَّ وجلَّ، وما نزل فيه من الآيات المباركة، وهي كثيرة فاقت ما نزل في غيره _عليه السَّلام_، حتى روى الحاكم الحسكانيّ، في (شواهد التنزيل ج ۱ ص ٤۱/ الخبر ٥۳) بسنده عن يزيد بن مارون، قوله: (ما نزل في أحد من القرآن ما نزل في علي بن ابي طالب).
فيما كتب ابن عساكر، ايضا هذا المعنى بهذا اللفظ: (ما نزل في أحد من كتاب الله تعالى ما نزل في علي)... وقد ورد هذا في الصواعق المحرقة لإبن حجر، عن تاريخ مدينة دمشق ج ۲ ص ٤۱ / الخبر ٥۳) بسنده عن يزيد بن مارون، قوله: (ما نزل في أحد من القرآن ما نزل في علي بن ابي طالب).
فيما كتب ابن عساكر، ايضا هذا المعنى بهذا اللفظ: (ما نزل في أحد من كتاب الله تعالى ما نزل في علي).. وقد ورد هذا في الصواعق المحرقة لإبن حجر، عن تاريخ مدينة دمشق ج ۲ ص ٤۳۰ من ترجمة الامام علي _عليه السَّلام_، ونقله الشبلنجيّ الشافعيّ، في كتابه، نور الأبصار في مناقب آل النبي المختار.
كذا أورد ذلك الحافظ ابو نعيم الاصفهاني ـ أحد ابرز علماء السنة المعروفين - في كتابه، النور المشتعل، او ما نزل من القرآن في علي، ناقلاً صيغة أخرى من الخبر بأسانيد عديدة، منها: (ما أنزل الله في أحد ما أنزل في علي من الفضل في القرآن).
*******
وهنا ايها الإخوة الاكارم – يستوقفنا ابو نعيم الحافظ، اذ وجدناه يؤلّف كتاباً فيما نزل من القرآن في الامام علي _عليه السَّلام_، وهذا يشير الى أنّ الكتاب تضّمن الآيات الشريفة مقرونة بالبيان النبوي المبارك الشارح لتلك الآيات، وبأنها نزلت في الإمام علي _عليه السَّلام_، فألفاظ الكتاب المؤلف هي من أشرف الألفاظ قدراً، حيث هي مغترفة من القرآن الكريم ومن كلام رسول الله _صلى الله عليه وآله_ ومعانيها ايضاً هي من أجلّ المعاني، لأنها من فضائل وخصائص أعظم شخصية بعد النبي الاكرم _صلى الله عليه وآله_ وقد أخذ معظم مطالب هذا الكتاب ابن بطريق فأوردها في كتابه، خصائص الوحي المبين، ثم توافد التأليف باسم، ما نزل من القرآن في علي، فجمعت كتب عديدة في ذلك، أحدها لمحمد بن أرومة القمي، والآخر لابن الحجّام، سبقهما الى ذلك ابراهيم بن محمد الثقفيّ الكوفيّ المتوفى سنة ۲۸۰ هـ، وبعده الشيخ عبدالعزيز بن يحيى الجلوديّ المتوفى بعد سنة ۳۳۰ هـ، وممّن ألّف في هذا المعنى وسمّى كتابه، ما نزل في القرآن في أمير المؤمنين _عليه السَّلام_ ابن أبي الثلج الكاتب، المتوفى عام ۳۲۲ هـ، وابو الفرج الاصفهاني، وسمّى تأليفه، ما نزل من القرآن في عليّ، والمرزبانيّ، وابو موسى المجاشعيّ.
ويوجد- اخوتنا الأعزّة - في الفهارس- ومنها كتاب (الذريعة) للطهراني- أسماء مجاميع أخر موسومة بهذا العنوان، كما توجد كتب كثيرة جمع مصنفوها الآيات النازلة في الامام علي _عليه السَّلام_، أو فيه وفي أهل بيته _عليه وعليهم السَّلام_، وسمّوها بأسماء أخرى، لم يعرف مؤلفوها.
*******
اخوتنا الافاضل... في مطلع سورة البقرة نقرأ قوله تبارك وتعالي: "ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ " سورة البقرة ۲
يقول المفسرون: إنّ المتقين هم المؤمنون، وقد تلبّسوا بلباس الهداية من الله سبحانه، فإنما صاروا متقين أولي هذه الصفات بهداية من الله جلَّ وعلا، وقد وصف الكتاب العزيز بأنه هدىً لهؤلاء المتقين.
فيكون هؤلاء المتقون محفوفين بهدايتين، الأولى: صاروا بها متقين، والثانية: أكرمهم الله بها بعد التقوى.. فجمعوا الى هداية القرآن سلامة الفطرة، ووقع منهم بين الهدايتين، صدق الإعتقاد، وصلاح العمل. فكان منهم، الإيمان بالغيب، وإقامة الصَّلاة، والإنفاق، والإيمان بما أنزل الى رسول الله _صلى الله عليه وآله_ وما أنزل من قبله، واليقين بالآخرة.
وهنا يتساءل من يتلو كتاب الله متدبّرا: من يكون هؤلاء المتقون يا ترى؟ او بتعبير أدقّ، من كان المصداق الأكمل للمتقي يومها حتى أصبح كتاب الله له الهدى، وسبق غيره في الإيمان والإعتقاد الصادق والعمل الصالح؟
*******
الحاكم الحسكاني – ايها الإخوة الأحبة - وهو حنفيّ المذهب، يكتب في مؤلّفه الشهير، شواهد التنزيل لقواعد التفصيل، مسنداً روايته عن عبدالله ابن عباس، في قول الله عزَّ وجلَّ: "ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ " : يعني لا شكّ فيه أنه من عند الله نزل. (هُدًى): يعني بياناً ونوراً. (لِّلْمُتَّقِينَ): هو عليّ بن ابي طالب الذي لم يشرك بالله طرفة عين، اتقى الشرك وعبادة الأوثان، وأخلص لله العبادة، يبعث الى الجنة بغير حساب هو وشيعته.
هذا في الجزء الاول من (شواهد التنزيل ص ٦۷) أمّا في ظلّ الخبر ۱۱۰ فقد روى الحاكم الحسكانيّ، بأنّ سلمان الفارسيّ، قال للإمام علي _عليه السَّلام_ يوماً: فلما اطلعت على رسول الله _صلى الله عليه وآله_ يا ابا الحسن وأنا معه، إلا ضرب بين كتفيّ وقال: يا سلمان، هذا وحزبه المفلحون... نعم، بياناً للآية المباركة، وكشفاً لأشرف مصداق لمن كان القرآن له منبع هدىً، وقد سبق الناس الى تصديق الوحي والموحى إليه، وتأييد الرسالة والمرسل بها، وكان سبّاقاً الى إقامة الصَّلاة ابتداءً خلف رسول الله، والى إيتاء الزكاة حتى وهو راكعٌ في صلاته، وكان يعرف يقينه بالآخرة من خلال تقواه وعبادته.
ذلكم هو عليّ أمير المؤمنين _عليه السَّلام_.