لا ينبغي أن نعتبر جبهات الحرب المفروضة مقتصرة على خط نار المعركة، بل نطاق الجبهة أوسع من ذلك، بما في ذلك جبهات الدعم والمساندة في المدن والقرى في أرجاء إيران الإسلامية. أناس لم يتمكنوا من التواجد جسديًا على خط المواجهة.
لكن الحرب ليست خط المواجهة فقط، بل تعد خنادق الدعم والمساندة أيضا جزءا مهما من الحرب، وهولاء الناس قد خدموا وعملوا بجد من خلال التواجد النشط في هذه الخنادق .
وكانت من أبرز الدعم والمساندة في الحرب المفروضة سيدة تدعى "خير النساء" من قرية "صد خرو" القريبة من مدينة نيشابور بمحافظة خراسان الرضوية وهي عبر الاجتهاد والمتابعة والقيادة في هذا الشأن.
وكان للسيدة "خير النساء" ونساء قرية "صد خرو" دور مهم جدا في دعم الجبهات ومساندتها خلال فترة الدفاع المقدس. وكانت أنشطتهن واسعة ومتنوعة لدرجة أنه يمكن القول أنهن أقمن مصنعاً صغيراً لدعم الجبهات ومساندتها في القرية. وكذلك إنتاج مواد غذائية مثل الخبز بشكل مستمر وإرسالها إلى الجبهات. وإعداد البسكويت والمربى والشعيرية، حيث تم إعداد هذه المنتجات كوجبات خفيفة وأطعمة صحية لمجاهدي الحرب المفروضة. بالإضافة إلى جمع المنتجات الزراعية مثل الحصرم وغيرها التي تنتجها القرية وترسلها إلى الجبهات.
كما قامت "خير النساء" بإعداد الملابس بمساعدة نسوان القرية؛ من خياطة القمصان والسراويل والملابس الأخرى إلى حياكة السترات والقفازات والقبعات والشالات للمجاهدين، والتي كانت تتم خصيصًا للموسم البارد من العام.
بالنسبة للموارد المالية، قامت "خير النساء" أيضًا بجمع الأموال والمواد الخام من القرويين وكذلك القرى المحيطة من أجل توفير الموارد اللازمة لإنتاجها ودعمها للمجاهدين. كان تنسيق وتنظيم الأمور هو النقطة الأساسية في أنشطتها. لقد أدارت كل شيء ولم تترك العمل على أرض الواقع، وبالمناسبة كانت تبحث باستمرار عن تطوير عملها.
وتم التنسيق مع جهاد البناء وتم إرسال الدعم والمساعدات إلى الخطوط الأمامية للجبهة. ولم تفكر "خير النساء" قط في القضايا المادية للمجاهدين، بل حاولت من خلال كتابة الرسائل وحزم الهدايا والدعوات للمجاهدين تعزيز معنوياتهم ودعمهم عقليًا وعاطفيًا.
ولا ينبغي أن تقتصر نتائج أعمال "خير النساء" على المأكل والملبس والاحتياجات الروحية للمناضلين فحسب، بل إنها لعبت دورا قيما في التضامن بين أبناء المجتمع، فضلا عن إبراز دور النسوان القوي في جبهات الحرب. لقد كانت النساء قد أصبحن مؤثرات في جبهات الحرب ويمكنهن العمل من أجل الوطن ومُثل الثورة بجانب الرجال.
إن "فاطمة عماد بور"، ابنة "خير النساء"، لم تقل أهميتها عن والدتها. وهي كانت تذهب مع زوجها إلى الخطوط الأمامية للحرب، وفي السنوات التي تلتها لم تتوقف عن الجهاد في سبيل الله. كانت تذهب إلى لبنان مع زوجها وتصطحب والدتها معها لبضعة أشهر.
وعندما كانت "خير النساء" في لبنان فهؤلاء كن يشاركن أيضاً في جلسة خطاب الشهيد السيد حسن نصر الله، ومن المثير للاهتمام أن هذا الشهيد العظيم في ذلك الوقت يوجه رسالة تقدير إلى "فاطمة" ابنة "خير النساء" كالتالي:
" السيدة العزيزة فاطمة عمادي بور، مع شكري لتضحياتك وجهادك..."
لقد سطرت "خير النساء" وابنتها ونسوان قرية "صد خرو" أمثلة خالدة في التضحية والتعاطف للأجيال القادمة بتفانيهن وجهودهن. وتظهر قصتهن بأنه كيف يمكن التغلب على المشاكل الكبيرة من خلال التعاطف والجهد الجماعي.
وفي لقاء قائد الثورة الإسلامية مع أعضاء المؤتمر الوطني لشهداء مدينتي "سبزوار ونيشابور"، أشار سماحته إلى هذه الأم المجاهدة أي "خير النساء" قائلا:
"عمل تلك السيدة التي تقيم عشرة أفران في قرية "صد خرو" أو في أي مكان آخر لكي تخبز لمجاهدي الحرب هذه هو نوع من الجهاد."
أدى التركيز الخاص على شخصية "خير النساء" من قبل قائد الثورة الإسلامية إلى أن تقوم دور "راه يار" للنشر بالتطرق إلى قصة "خير النساء" ، حيث تمخض عنها تأليف أربعة كتب كالتالي:
- "خير النساء"؛ وهو سرد لحياتها.
"خبز سنوات الحرب"؛ ذكريات نساء قرية "صد خرو" في الدعم والمساندة في الحربز
-"رغيف خبز، مائة خبزة"؛ كتاب شعر وتلوين الأطفال وهو مستوحى من ذكريات دعم نساء قرية "صد خرو".
"خير النساء والقمحة الصغيرة"؛ بصفة كتاب شعر للأطفال وكذلك رواية عن شخصية السيدة المجاهدة " (خير النساء).
في الواقع، تقوم دور "راه يار" للنشر بتقديم شخصية السيدة "خير النساء" ولديها خطة لتعليم الأطفال بمساعدة سيرتها الذاتية.