وقال أمير سعيد إيرواني، السفير والممثل الدائم للجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى الأمم المتحدة، الأربعاء بالتوقيت المحلي، في اجتماع مجلس الأمن بشأن الوضع في سوريا: إن المجتمع الدولي متحد في دعوته إلى وقف إطلاق النار. ويجب على مجلس الأمن أن يضطلع بمسؤوليته عن وقف إطلاق النار الفوري في غزة ولبنان. ونطلب مرة أخرى من مجلس الأمن أن يتخذ إجراء عاجلا وحاسما وأن يرغم الكيان الإسرائيلي على وقف عدوانه وجرائمه الشنيعة في غزة ولبنان وسوريا وضمان امتثال هذا الكيان امتثالا كاملا للقانون الدولي وقرارات المجلس ذات الصلة. لقد حان وقت العمل.
وأضاف إيرواني: ندين بشدة الأعمال العدوانية والهجمات الوحشية التي يقوم بها الكيان الإسرائيلي على سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية، والتي تشكل انتهاكا واضحا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. يتعمد كيان الاحتلال انتهاج سياسة منهجية تهدف إلى شل البنية التحتية للجمهورية العربية السورية، مما يؤدي إلى تفاقم التحديات الأمنية التي تواجهها سوريا وتقويض الجهود الإنسانية الحاسمة.
وأضاف سفير إيران لدى الأمم المتحدة: كما ورد في الرسالة المؤرخة 21 تشرين الأول 2024 الموجهة من وزير خارجية الجمهورية العربية السورية إلى الأمين العام للأمم المتحدة، فإن الكيان الإسرائيلي قام منذ 7 تشرين الأول 2023 بتنفيذ أكثر من 116 هجوماً على الأراضي السورية، وهو ما تزامن مع حرب الإبادة الجماعية في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد أدت هذه الهجمات الإرهابية إلى استشهاد أكثر من 100 مدني، من بينهم 12 طفلا، وتسببت في دمار واسع النطاق للمدارس والمستشفيات والمطارات وغيرها من الهياكل الأساسية المدنية.
وتابع ايرواني: حتى اللاجئين الفارين من العنف لم يسلموا، لأن هجمات الكيان على المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وعرضت حياة الأشخاص الذين يطلبون اللجوء للخطر.
واضاف كبير الدبلوماسيين الايرانيين في الأمم المتحدة: أن هذه التصرفات تشكل انتهاكا واضحا للقانون الدولي وتتطلب المساءلة الفورية عن الاعتداءات المستمرة للكيان الإسرائيلي. إن الحماية والدعم الذي يتلقاه هذا الكيان من الولايات المتحدة جعله أكثر جرأة في الاستمرار بارتكاب أعمال العنف في جميع أنحاء المنطقة وسمح له بالعمل مع الإفلات من العقاب.
وقال إيرواني: يعتبر هذا الكيان (إسرائيل) أكثر من أي وقت مضى تهديدا خطيرا لا يمكن إنكاره للسلم والأمن الدوليين. إن أعماله الإرهابية المتواصلة تدفع المنطقة إلى حافة حرب شاملة. إن تجاهل الكيان الإسرائيلي لجميع الخطوط الحمراء أمر مقلق للغاية لأنه يستهدف قوافل المساعدات الإنسانية والمرافق والعاملين في مجال الإغاثة دون رادع.
وأضاف سفير إيران لدى الأمم المتحدة: في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، تعمد الكيان تدمير مركز مساعدات إنسانية أنشأته جمعية الهلال الأحمر الإيراني، والذي تم التنسيق بشانه مع سوريا وتم إبلاغه بشكل كامل للصليب الأحمر الدولي. وقد تم تدمير هذا المرفق، الذي كان يضم مستشفى ميدانيًا لتقديم المساعدات الحيوية للمدنيين اللبنانيين النازحين، بالكامل في الغارات الجوية الإسرائيلية. وكان هذا العمل في الواقع هجومًا متهورًا وغير محتمل على الجهود الإنسانية.
وأضاف مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة: بالأمس فقط، اغتال هذا الكيان الدكتور علي حيدري، وهو طبيب إيراني وكادر إغاثة، في بيروت استمرارا لحملته الإرهابية المستمرة ضد المدنيين في لبنان. وكان الدكتور حيدري يقدم الرعاية الطبية الحيوية ويساعد الجرحى. وتعد هذه الجريمة الوحشية انتهاكا واضحا لاتفاقيات جنيف لعام 1949 التي تحظر مهاجمة المستشفيات والطواقم الطبية وتعتبرها جريمة حرب.
وتابع: وفي عمل آخر، بتاريخ 19 تشرين الأول/ أكتوبر، تم استهداف السيارة الخاصة لسيدة إيرانية تدعى معصومة كرباسي وزوجها اللبناني بصاروخ أطلقته طائرة إسرائيلية بدون طيار في منطقة جونية المكتظة بالسكان في بيروت. وفور وقوع الهجوم، أوقفا (كرباسي وزوجها) السيارة واحتميا على جانب الشارع وفي موقف عام للسيارات. وفي نفس اللحظة أصابهما الصاروخ الثاني، مما أدى إلى استشهادهما. هذه الجريمة الشنيعة سجلتها كاميرات المراقبة وهي متداولة في وسائل الإعلام منذ ذلك الحين.
وأكد ايرواني: منذ بداية حملة الإبادة الجماعية في غزة والعدوان اللاحق على لبنان، دأب الكيان الإسرائيلي على استهداف المراكز الطبية والطواقم الطبية، وتحويل المستشفيات إلى أنقاض، وقتل المرضى والجرحى، وقتل المئات من الأشخاص من الطواقم الطبية. يجب ألا يمر هذا الهجوم الوحشي على الخدمات الإنسانية دون رد ويجب محاسبة مرتكبيه.
وفي جزء آخر من كلمته قال إيرواني: إن احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها أمر ضروري لضمان السلام والاستقرار الدائمين في هذا البلد والمنطقة ويجب احترامه بالكامل من قبل الجميع. إن الشعب السوري له حق لا يقبل الجدل في تقرير مصيره دون تدخل خارجي.
وصرح سفير إيران لدى الأمم المتحدة: لا يزال الشعب السوري يعاني من مشاكل مؤلمة، من عدم الاستقرار الاقتصادي إلى الاحتلال الأجنبي والإرهاب. ولا يزال الوضع الإنساني متردياً وسوريا في حاجة ماسة إلى المساعدات الخارجية، خاصة في ظل الانخفاض الحاد في تمويل المانحين لبرامج الأمم المتحدة في البلاد وتدفق اللاجئين مؤخراً من لبنان.
وأضاف ايرواني: ان برنامج الأمم المتحدة الإنساني لسوريا لم يقدم سوى 26% من الميزانية المطلوبة ولم يتم الوفاء بالوعود السنوية للمانحين. وعلى الرغم من السياسات العدائية من قبل الدول الغربية والإجراءات القسرية أحادية الجانب، تواصل الحكومة السورية تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وخاصة اللاجئين اللبنانيين الذين فروا من عدوان الكيان الإسرائيلي.
وقال سفير إيران ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة: إن هذا الالتزام يجب أن يصاحبه تصميم مماثل من المجتمع الدولي لضمان ايصال المساعدات بشكل محايد دون تدخل سياسي. ونحن نقدر الجهود التي يبذلها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية وشركائه، فضلا عن التعاون الذي قدمته الحكومة السورية لحشد الموارد لدعم السوريين وكذلك الوافدين الجدد اللبنانيين.
وشدد ايرواني على أنه: يجب على المجتمع الدولي دعم جهود إعادة الإعمار في سوريا، بما في ذلك إعادة بناء البنية التحتية الحيوية والتنمية المستدامة. إن إعادة بناء البنية التحتية الرئيسية في سوريا أمر بالغ الأهمية لاستقرار البلاد على المدى الطويل. كما يجب أن تستمر الحرب ضد الإرهاب مع الاحترام الكامل للسيادة السورية. إن القضاء على الإرهاب أمر ضروري لاستعادة السلام.
وأوضح: إن طريق التطبيع المستقر في سوريا عامل أساسي للسلام والاستقرار في المنطقة. لكن هذه العملية تعرقلها السياسات الهدامة من قبل الدول الغربية. تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها سياساتها الفاشلة، بما في ذلك فرض العقوبات اللاإنسانية والأحادية، واستخدامها كأداة لمعاقبة الشعب السوري بشكل جماعي.
وتابع سفير إيران لدى الأمم المتحدة: إنهم يقومون أيضًا بتسييس المساعدات الإنسانية وتعطيل الجهود الدولية لدعم إعادة إعمار سوريا. ولم تؤد مثل هذه السياسات والممارسات الضارة إلا إلى إطالة أمد الصراع وتكثيف معاناة الشعب السوري.
وشدد مندوب إيران في الأمم المتحدة: لا ينبغي أبداً استخدام المساعدات الإنسانية وجهود إعادة الإعمار كأدوات للضغط على سوريا. وكما قلنا من قبل، يجب رفع العقوبات الأحادية الجانب، كالتزام قانوني وضرورة أخلاقية، لأن هذه الإجراءات غير القانونية والضارة لا تؤدي إلا إلى خلق مشاكل غير ضرورية وتعيق تعافي سوريا.
وذكر: في الاتجاه السياسي، لا تزال الجمهورية الإسلامية الإيرانية ملتزمة بالحل السياسي للأزمة السورية وتدعم عملية سياسية ذات توجه سوري بالكامل وتحت إشراف الأمم المتحدة. وسنواصل دعم جهود الأمم المتحدة والمبعوث الخاص السيد بيدرسن للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، ولن نتخلى عن أي جهود في هذا المجال.
وقال إيرواني: نطالب بسرعة استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية كآلية فعالة لبدء هذه العملية. ونأمل أن يتم تحديد المكان المناسب لاجتماع اللجنة قريباً؛ وما زلنا نعتقد أن بغداد هي الخيار الأفضل في هذا الشأن. ونحن على ثقة من أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة سيضاعف جهوده لتسهيل هذه العملية.