لا نزال نحدثك عن زيارة الجامعة الموسومة بالجامعة الكبيرة، حيث حدثناك سابقاً عن مقاطعها المتسلسلة ووصلنا الى المقطع الذي يصف الائمة (عليهم السلام) بانهم "خيرة الله، وحزبه، وعيبة علمه" ... وبالنسبة الى السمة الاخيرة وهي انهم عليهم السلام عيبة علم الله تعالى حدثناك عنها في لقاء سابق، أي هم موضع الاسرار لدى الله تعالى حيث اودع فيهم اسرار العلم وليس العلم العادي الذي يتوفر لدى البشر العاديين بل العلم الذي خص الله تعالى به نبيه(ص) ووصيه(ع) وسائر المعصومين عليهم السلام.
المهم ان نتحدث قبل صفة (العلم الخاص باسرار الله) بصفتي "انهم خيرة الله تعالى وحزبه".
لا نحتاج الى الدليل اللغوي لعبارة الخيرة لانها تعني احدى دلالتين هما الخير او الاختيار وكلتاهما تنسحب بوضوح على الائمة عليهم السلام ولعلك تتطلع الى معرفة ذلك أي كيف ان دلالتين مختلفتين لعبارة واحدة تنطبق على شخصيات الائمة (عليهم السلام)؟ ونجيبك قائلين: المفردة او الدلالة الاولى وهي "الخيرة" بمعنى الخيرين فان الائمة (عليهم السلام) يجسدون الشخصية الخيرة باعلى مستوياتها ان الله تعالى جعل نبيه خير الخلائق وفضله على سائر النبيين كما هو واضح وقد اوصى باطاعته وباطاعة اولي الامر وهم الائمة (عليهم السلام) وجعلهم اوصياء للنبي(ص) وهذا يعني ان سمة الخيرية في اعلى مستوياتها التفضيلية تنسحب على الائمة (عليهم السلام) ايضاً. وهذا من الوضوح بمكان...
ولكن ماذا بالنسبة الى الدلالة الاخرى وهي الخيرة ... بمعنى المختارين؟
هذه الدلالة بدورها من الوضوح بمكان فان الله تعالى عندما اختار محمداً(ص) نبياً وعلياً(ع) وصياً والائمة من بعده كذلك حينئذ فهذا يعني ان الله تعالى قد اختارهم عليهم السلام من بين الخلائق تبعاً للنص القرآني الكريم الامر باطاعة الله ورسوله واولي الامر وهم أي الائمة (عليهم السلام) اولو الامر، كما هو صريح النصوص التفسيرية.
اذن عندما تقول الزيارة الجامعة بان الائمة (عليهم السلام) هم خيرة الله تعالى أي الذين اختارهم الله تعالى ائمة عندئذ فان الامر يظل من الوضوح بمكان وهكذا نستخلص بان المقطع القائل بانهم (عليهم السلام) خيرة الله تعالى انما ينسحب على الدلالة الذاهبة الى انهم المختارون المصطفون من جهة الله تعالى وكذلك الدلالة الذاهبة الى انهم الخيرون أي المجسدون للشخصيات الخيرة في اعلى مستوياتها ونماذجها.
وهذا كله فيما يتصل بسمة "خيرة الله تعالى"...
بالنسبة الى كلمة الحزب نعتقد انها واضحة فالحزب هم الجند لجهة ما وهم القوم او الجماعة من الناس تتماثل سماتهم الشخصية ولذلك عندما تقول الزيارة بان الائمة هم حزب الله يعني انهم الجماعة التي تتماثل سماتهم الشخصية والعقائدية والاخلاقية وينتسبون الى جهة ما وهي جهة الله تعالى، وعندها فان الانتساب المذكور أي حزب الله تعالى يظل مجسداً لشرف لا نهاية لحدوده انهم ببساطة ووضوح الجماعة التي تتشرف بكونها منتسبة الى الله تعالى من حيث الطاعة له تعالى انهم الجماعة التي انتخبهم الله تعالى وهم الخيرون فجعلهم من حزبه تعالى وهذا هو قمة الشرف في الانتساب كما هو واضح...
اذن امكننا ان نتبين بوضوح ما تعنيه كلمة او صفة ان الائمة عليهم السلام هم "خيرة الله" وانهم "حزب الله تعالى" وانهم "عيبة علم الله" حيث تتآزر هذه السمات ويتبع بعضها البعض الآخر، ومنه السمات اللاحقة التي سنحدثك عنها في لقاءات لاحقة ان شاء الله تعالى.
اللهم: اجعلنا من المتمسكين بك وبرسولك وبالائمة عليهم السلام انك سميع مجيب.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
المحاور: سماحة الشيخ سؤال عرضناه على سماحتكم في الحلقة السابقة ونعرضه الآن ايضاً مجملاً، فيما يرتبط بدور الائمة (عليهم السلام) في حفظ الدين نصت عليها الكثير من الاحاديث الشريفة ولكن يثار تساؤلات فيما يرتبط بالامام المهدي (عليه السلام) كيف يحفظ الدين في غيبته وهو غير متصل بالناس على ما يبدو او لا يمكن للناس ان يتصلوا به ويعرفوا منه مباشرة معالم دينهم؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين. اولاً وقبل كل شيء الامامة التي نعتقد بها في مدرسة اهل البيت ليست مجرد دور ظاهري يمارسه الامام المعصوم (عليه السلام) نحن نعتقد ان المعصوم في الارض هو الذي يحفظ الارض نستطيع ان نعبر انه هو وتد الارض الذي يمنع الارض من السيفان والميدان وهذا لنا ادلة عديدة عليه (لولا الحجه لساخت الارض بأهلها) اذن فلابد ان نلتفت بالدرجة الاولى ان وجود الامام (عليه السلام) هو حافظ هذه الارض فكل انسان يعيش من مسلم او كافر او مؤمن او مطيع او معترف بالامام او غير معترف بالامام فهو يعيش على هذه الارض ببركة وجوده (عليه السلام) على قاعدة «وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم» على هذا الاساس هذه قاعدة مهمة ترتبط بنظرتنا القرآنية العميقة للامامة في الرؤية الاسلامية بشكل واضح نلمح هذا في الآيات والروايات القضية الثانية هو ان الامام حافظ المذهب بلاشك وحافظ هذا الدين وقد تصدى (عليه السلام) مع بعض اكابر العلماء لحفظ الدين في المفاصل الحساسة والخطيرة لا نريد هنا ان ندعي مفردة بعينها ان الامام تصدى فيها لكن هناك ما نقل لنا من اكابر العلماء من الشيخ المفيد (رضي الله عنه) مسروراً بالسيد بحرالعلوم (رضي الله عنه) وانتهاءاً ببعض اعاظم عصرنا كالسيد الامام (رضي الله عنه) الذي كان يكرر اكثر من مرة في مفاصل حساسة وخطيرة بأنه لا يصدر عن تشخيص نفسه عموماً هذه النقطة الحساسة لا اريد ان ادخل في تفاصيلها لانها تحتاج الى وقت كثير، نحن نعتقد انه في المفارق الحساسة والخطيرة التي تواجه هذا الدين الامام (عليه السلام) يقوم الزيغ سواء عرفنا والتفتنا كيف قوم هذا الزيغ ام لم نعرف ولم نلتفت مضافاً الى ان دعاء الامام المستجاب اطلاعه على اعمالنا على امورنا وعلى شؤوننا التي دلت عليها الروايا ان اعمالنا كأمة وكأفراد تعرض عليه في الاسبوع مرتين كل ذلك يجعلنا نشعر بوجوده (عليه السلام) يحفظنا وهذا يؤثر في التزامنا الديني عندما نلتفت ان امامنا وعنوان صحيفة اعمالنا يطلع على اعمالنا وهذا له اثر عميق تربوي في التزاماتنا الشرعية والدينية وفي تحريك بوصلة اعمالنا الشرعية ان صح التعبير بالاتجاه الصحيح في ظل شرع الله سبحانه وتعالى.
المحاور: سماحة الشيخ حسان سويدان شكراً جزيلاً لكم على ما تفضلتم به.
*******