البث المباشر

لمحة إجمالية عن قوله (عليه السلام): (المخلصون في توحيد الله والمظهرين لأمر الله) الشيخ حسان سويدان "معنى الولاية التكوينية لأئمة أهل البيت(ع)"

الثلاثاء 16 إبريل 2019 - 11:46 بتوقيت طهران

الحلقة 28

 

قال الامام علي الهادي(ع) في صياغته البلاغية للزيارة الجامعة اي زيارة الائمة عليهم السلام (السلام على الدعاة الى الله والادلاء على مرضاة الله، والمستقرين في امر الله والتامين في محبة الله والمخلصين في توحيد الله و المظهرين لامر الله و نهيه ...). لقد حدثناكم عن هذا المقطع من الزيارة في لقاءات سابقة واوضحنا ان الدعاة الى الله لابد وان يكونوا ادلاء على مرضاته من حيث انهم المصدر الوحيد الذي يدل البشرية الى ما يريده الله تعالى من مبادئ السلوك العبادي، كما انهم ثابتون في مهمتهم المذكورة وكاملون في محبة الله تعالى، حيث ان الثبات والتمامية فيما امر الله تعالى وفي محبتهم اياه يدفعهم الى ان يكونوا مخلصين في اداء مهمتهم ومن ثم مظهرين لامر الله تعالى ونهيه... 
رأينا الآن ان نحدثكم عن العبارتين الاخيرتين وهما انهم عليهم السلام (مخلصون في توحيد الله، ومظهرون لأمره ونهيه)... حيث واعدناكم سابقاً ان نحدثكم عن هذا الجانب لعلكم تتساؤولون مع انفسكم قائلين ان الاخلاص في توحيد الله تعالى والاظهار لأمره ونهيه لا يحتاج الى توضيح او تفصيل فلماذا نخصهما بالحديث؟...
وللاجابة عن السؤال المتقدم نقول التوحيد ليس من الظواهر التي يكفي فيها الاقرار باللسان بالنسبة الى البشر العادي بل انه ينطوي على دلالات لا يتوفر على إدراكها ومعايشتها الا الصفوة من البشر وهم محمد(ص) وعترته الطاهرة. ان التوحيد يعني غياب الآخر وغياب الأنا جميعاً من الخاطر، ونقصد بالاخر أية تصورات ترد في الذهن مشاركة لله تعالى في فعاليته الكونية، ان كلّ شيء خلا الله تعالى باطل ولا فاعلية في الوجود لسواه أي هناك الله تعالى وهناك العدم مقابل ذلك، فالوجود هو الله تعالى سواه عدم بكل معنى الكلمة، من هنا يجيء التوحيد ظاهرةً منحصرةً في فاعلية الله تعالى، والأمر كذلك بالنسبة الى الأنا أي بالنسبة الى الشخص المخلص في توحيده لله تعالى حيث لا وجود لأنا الشخص مقابل الله تعالى بل الشخص هو عدم بالنسبة الى وجود الله تعالى، كل ما في الامر هو أنّ انا الشخص تعني ذوبانها او فناءها او تجسيدها لمظهر من فاعلية الله تعالى. وفي ضوء هذه الحقيقة التي قد تبدو ملفعة بشيء من الغموض نستخلص الحقيقة الذاهبة الى معنى الاخلاص في توحيد الله تعالى حيث ينفرد المعصومون عليهم السلام في التوفر الى معنى الاخلاص في التوفر على ذلك، وهذا يستاقنا الى ادراك العبارة الاخرى التي تقرر بان المعصوم هو المظهر لأمر الله تعالى ونهيه بصفة أن اخلاصهم في توحيده تعالى يقتادهم الى ان يحرصوا على ايصال مبادئ الله تعالى الى البشرية... والسؤال الجديد هنا هو لماذا تشير الزيارة الى ان الائمة عليهم السلام يظهرون امر الله و نهيه؟ أي المعروف ان ما رسمه الله تعالى لعباده من المبادئ هو المطلوب توصيله بواسطة المعصوم(ع) الى الآخرين و حينئذ ما هو السر الكامن وراء تأكيد الحقيقة المذكورة من خلال التخصيص على الامر والنهي ؟ أي: لماذا لم تقل العبارة عن الائمة بانهم مظهرون لمبادئ الله تعالى بل قالت لأمر الله و نهيه؟
في تصورنا ان فلسفة او نكتة خاصة تكمن وراء ذلك، ان سلوك البشرية (كما هو ملاحظ من خلال الاستقراء لهذا السلوك) يتحول من خلال الاشباع لحاجاتهم بقدر ما يحملون من الوعي لهذا الجانب... فانت تلاحظ مثلاً أنّ الاشباع العاجل عند غالبية البشر اكثر من الاشباع العاجل أي ان الانصياع لمتاع الدنيا العابر والعاجل اكثر منه الى المتاع الاخروي والاجل... من هنا نجد ان الشخصية قد تلتزم بأمر الله تعالى في إقامة الصلاة مثلاً وفي ممارسة الصوم...، ولكنها قد لا تلتزم بنهي الله تعالى عن المعصية فتمارس الغيبة او العمل الجنسي غير المشروع او الخداع او ...، في نفس الوقت الذي تلتزم فيه بأمر الله تعالى في الصلاة و الصوم الخ، من هنا ندرك النكتة الكامنة وراء تأكيد الأمر والنهي جميعاًَ وليس الآمر وحده مثلاً... 
والآن مع معرفتنا بهذا الجانب ندرك دلالة ما أشارت الزيارة اليه من أن الائمة عليهم السلام مظهرون لأمر الله ونهيه، حيث إنّ المطلوب هو كما ذكرنا ان نحرص على الالتزام بمبادئ الله تعالى و أمره و نواهيه، وليس الالتزام بما هو ايسر وأحق لدي الشخصية. يبقى بعد ذلك أن نتجه الى باقي السلسلة من السمات التي ذكرها مقطع الزيارة حيث جاء الحديث عنها من خلال الاشارة الى أن الائمة عليهم السلام هم عباد الله المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، ثم يختتم المقطع بالعبارة القائلة (ورحمة الله وبركاته) أي: إنّ الزيارة بدأت هذا المقطع بالسلام على الائمة وختمته بعبارة ورحمة الله و بركاته، لنتجه بعد ذلك الى مقطع جديد، وهو ما سنحدثكم عنه انشاء الله تعالى في لقاءات لاحقة أي نحدثكم إن شاء الله عن الاسرار الكامنة وراء القول بانهم عليهم السلام (عباد الله المكرمون الذين يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون)... والى ذلك الحين نستودعكم الله تعالى ونسأله ان يوفقنا للالتزام بمبادئ الله تعالى وفي مقدمة ذلك التمسك بأهل البيت عليهم السلام والعمل. 

*******

أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: عليكم السلام ورحمة الله.
المحاور: سماحة الشيخ من الاسئلة التي ترد بأستمرار وبصيغ مختلفة هي تلك المرتبطة بقضية الولاية التكوينية‌ وما يقال بأن للائمة(ع) وللانبياء(ع) نوع ونمط من الولاية التكوينية حبذا لو تبينون لنا ولمستمعينا الافاضل المقصود من الولاية التكوينية اولاً، ما معنى هذا المصطلح ثم هل يؤدي امتلاك احد لها الى نوع من القول بالربوبية والعياذ بالله او القول بألوهيته وغير ذلك تفضلوا سماحة الشيخ؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين في الحقيقة هناك مصطلحان يدوران على كثير من السنة المحققين وخصوصاً المتأخرين منهم في مدرسة اهل البيت(ع)المصطلح الاول الذي اشرتم اليه هو مصطلح الولاية التكوينية المصطلح الثاني ما يسمى بالولاية التشريعية وكلا المصطلحين يكتنف بشيء من الغموض اولاً وباديء ذي بدأ اقول لا الولاية التكوينية بهذا التعبير كمصطلح ولا الولاية التشريعية ايضاً بهذا التعبير كمصطلح وردا في الآيات او الروايات الشريفة بل هما نستطيع ان نقول هما مصطلحان علميان للعلماء اقتنصهما المحققون والعلماء من الآيات والروايات.
المحاور: يعني لا يمكن ان تكون منتزعة من قاعدة‌ او آية (كن فيكون انما امره)؟
الشيخ حسان سويدان: نعم ولكن ليس تكوينياً (إنما امره اذا اراد شيئاً ان يقول له كن فيكون) اول ما يتبادر الى الذهن هو الله سبحانه وتعالى مباشرة ظاهر الآية انه يأمر بالامر التكويني طبعاً الاشياء ستتكون لانه هو المبدع وهو الخالق وهو الوحيد الذي يصدق عليه انه خالق بالمعنى الحقيقي والصحيح للكلمة لانه علة العلل، على هذا الاساس فنحن اولاً نحب ان نوضح هذا الامر وهو ان هذان مصطلحان شأنهما وليس هذا غريب شأنهما شأن الكثير من المصطلحات الرائجة في العلوم وفي المدارس الاسلامية المختلفة فأن هناك مصطلحات يكون منشأها دليل شرعي وان لم يرد بل لا نعلم ان احداً من محققي مدرسة اهل البيت زعم ان هذا المصطلح بهذا الشكل قد ورد في آية او رواية نعم منشأه هي آيات وروايات دلت على هذا الامر هذا اولاً ثانياً المراد من الولاية‌ التكوينية ولابد ان نعرفها تعريف متفق عليه بين المحققين لانه كما اشرت هناك دائرة متفق عليها هناك دوائر قد تكون موضع اخذ ورد ونظر بين كبار المحققين المدققين في الابحاث القرآنية والمعارف الاسلامية على هذا الاساس نقول الولاية التكوينية الولاية هنا من الواضح هنا انه يراد منها ما يرادف تقريباً معنى السلطنة، السلطنة الحقيقية بمعنى القدرة على التصرف في الشيء والتكوين هنا يراد منه ما يقابل التشريع بمعنى انه له سلطنة على امور تكوينية قد يقول قائل ما من احد في هذا الكون الا وله سلطنة على امور تكوينية حتى الكافر فضلاً عن المؤمن وفضلاً عن الانبياء والاولياء بطبيعة الحال اصحاب هذا المصطلح لا يريدون مطلق التسلط على بعض شؤون الكون بمعنى ان الانسان يستطيع ان يتحرك يستطيع ان يرفع يده يستطيع ان يرفع اثقال بحجم معين هذه كلها افغال تكوينية الا ان المراد انهم قادرون على التصرف في التكوين بما يخرق نواميس الطبيعة بمعنى انه يخرق القانون المادي المتعارف لعالم العلل والمعلولات بمعنى اننا الفنا سلسلة امور تحدث عندما تحدث اسبابها ومعداتها المادية مثلاً الاحتراق يحصل عندما تحصل النار ويحصل فوق النار مادة قابلة لان تحترق فيحصل الاحتراق فنحن عندما نقول ان للمعصوم قدرة على التصرف في الكون ولو في الجملة بمعنى انه يقدر على ان يتصرف لا عن طريق العلل المتعارفة والمعدات المتعارفة ولا نعني بالطبع ولا يعني المحققون انهم يخرقون قانون العلية العام قانون السببية العالم حتى يقال ان هذا غير معقول.
المحاور: عفواً سماحة الشيخ الوقت المخصص لهذه الحلقة اوشك على نهايته هل يمكن القول ان هنالك قوانين اخرى اعلى واسمى؟
الشيخ حسان سويدان: احسنتم هذا ما احببت ان اشير اليه ان هناك علة العلل والتي هي الله سبحانه وتعالى، (إنما امره اذا اراد شيئاً ان يقول له كن فيكون) فنقول وسنوضح هذا في الحلقة القادمة اكثر بأن الله سبحانه وتعالى يملك بعض المخلوقين ولو ببركة الاسم الاعظم ببركة رمز خاص يعطيهم اياه القدرة على التصرف وخلق نتائج بأذن الله سبحانه وتعالى كما كان نبي الله عيسى(ع)يحيي الموتى كما كان يصنع هيئة‌ الطير وينفخ فيه فيكون طيراً وهكذا.
المحاور: سماحة‌ الشيخ حسان سويدان شكراً على هذه التوضيحات كما اشرتم الامر يحتاج الى حلقة اخرى لمزيد من التوضيح نكون في خدمتكم في الحلقة المقبلة.
شكراً للشيخ حسان سويدان لما تفضل به وشكراً لكم احباءنا الى موعد لقاءنا المقبل استودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة